القاهرة والرياض: افتراق «جزئي» ووساطات خليجية لـ«المصالحة»
يستمر جمود العلاقات المصرية السعودية حتى إشعار آخر. المحاولات الإماراتية والكويتية ماضية في ردم الهوة الآخذة في الاتساع، فيما تحتل الملفات الإقليمية أولوية المفاوضات
جلال خيرت
القاهرة | دخلت العلاقات المصرية ــ السعودية مرحلة جمود، بعد محاولات إماراتية لإنعاشها خلال الأسابيع الماضية وتبادل زيارات مسؤولين إماراتيين للبلدين في رحلات مكوكية.
وما زالت القاهرة والرياض تتمسكان بمواقفهما السياسية، علماً بأن أمير الكويت دخل هو أيضاً على خط الوساطة أخيراً، وسط اتفاقات سارية لزيادة ضخ كميات البترول الكويتية التي تصل مصر لتعويض نقص إمدادات «أرامكو» بعد توقفها عن ضخ النفط لأجل غير مسمّى مع تصاعد الخلافات السياسية بين البلدين.
وبحسب مصادر رئاسية مصرية، فإن أمير الكويت صباح الأحمد الصباح وعد بسرعة التدخل لاحتواء الأزمة خلال لقائه الرئيس عبد الفتاح السيسي أول من أمس، الذي طلب فيه عدم الضغط على النظام المصري من أجل قضية جزيرة تيران وصنافير التي باتت أمام القضاء ولا يستطيع الحديث عنها، فضلاً عن «ضرورة احترام الرياض تباين وجهات النظر في ما يتعلق بالعديد من الملفات السياسية عربياً وإقليمياً لأن مصر ليست دولة صغيرة تساق تابعة للمملكة».
ونقل السيسي لأمير الكويت تأكيده أنه «يحترم الملك سلمان»، ويقدره لكن ما حدث من انتقاد علني للسياسة الخارجية المصرية «لم يكن مقبولاً وما حدث لاحقاً من وقف إمدادات البترول أظهر العلاقات المصرية السعودية بشكل سيئ»، وأحرجه داخلياً بشكل كبير وبصورة غير مقبولة. وأكد السيسي في الوقت نفسه، أنه لن ينسى مواقف الخليج والسعودية بعد «ثورة 30 يونيو» ودعمهم لبناء الدولة المصرية، ولكن «لا يمكن أن يكون المقابل هو الانتقاص من مكانة مصر».
وكان وزير البترول المصري، طارق الملا، قد قام بزيارة للسعودية استمرت ساعات عدة، التقى خلالها نظيره السعودي. لكن بحسب تصريحاته الرسمية، لم تتطرق الزيارة إلى الحديث عن موعد استئناف إمدادات «أرامكو» السعودية للحكومة المصرية، بالرغم من تناقص الاحتياطي الاستراتيجي واحتمالية تأخر وصول الشحنات التي جرى الاتفاق عليها مع عدد من الدول، علماً بأن الحكومة ستسدد جزءاً كبيراً من مستحقات شركات البترول العالمية بالدولار قبل نهاية العام الجاري حتى تضمن استمرار تقدم الشركات الأجنبية للمزايدات التي تطلب مصر من خلالها توفير الوقود.
وتتمسك القاهرة بخطوة التراجع عن اتفاقية تيران وصنافير، وبوجهة نظرها في دعم الرئيس السوري بشار الأسد، ورفض دعم المجموعات المسلحة المعارضة، وهي الخطوة التي ترى القاهرة أنها قادرة على أداء دور الوسيط فيها مع أطراف إقليمية ودولية، وخصوصاً بعد وصول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب وإمكانية تغير سياسات واشنطن تجاه النظام السوري. وستسعى وزارة الخارجية المصرية إلى تقريب وجهات النظر بين دول عربية أيدت إزاحة الأسد في أوقات سابقة وبين الخارجية السورية التي أبدت انفتاحاً كبيراً على الدور المصري.
وترفض الرياض سياسات القاهرة في الشأن السوري، التي تسعى إلى جملة نقاط منها إعادة شغل المقعد السوري في الجامعة العربية من قبل ممثل للدولة السورية، ودعمها مواجهة الإرهاب وقوى التطرف التي تهدف إلى تقسيم سوريا من وجهة النظر المصرية، بينما تبدي الرياض اعتراضاً شديداً على التحول البارز في السياسة المصرية الذي شمل أيضاً تحولاً في الملف اليمني بعد فترة من التزام الصمت، إذ إن «جهات سيادية» مصرية دخلت في تواصل مع جماعة «أنصار الله» (الحوثيين) من أجل الوصول إلى صيغة توافقية تنهي الصراع القائم منذ أكثر من عام و»تضمن يمناً موحداً وتمثيلا للحوثيين في السلطة»، وهو ما ترفضه الرياض وترى فيه معارضة لمصالحها بشكل مباشر.
لم تيأس الإمارات من الوساطة حتى الآن برغم التعنت المصري والسعودي وتمسك كل منهما بموقفه. ومن المقرر أن تجري زيارات سرية ومعلنة بين وفود إماراتية وكويتية متبادلة، من أجل حلحلة الأزمة قريباً، وخصوصاً مع مخاوف خليجية بدت واضحة بحسب مصادر مصرية من السياسات الأميركية الجديدة المحتملة تجاه الشرق الأوسط.
الاخبار