السعودية و غياب البنية التحتية الديمقراطية

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2204
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

أحمد الحباسى
في عالم يتغير نحو الأفضل و يسعى إلى تطوير مكتسباته السياسية يتغير نظام المافيا السعودي دائما إلى الأسوأ و يسعى إلى تطوير خطابه التكفيري حتى يصنع منه السلاح الرهيب ضد الحرية و ضد الشعوب الرافضة لمثل هذا الخطاب الهجين، في هذه المرحلة العربية المتقلبة التي يدعو فيها الجميع إلى تطوير المنظومة القديمة كان من الضروري على القيادة السعودية أن تعيد النظر تماما في كامل سياستها الثقافية و التعليمية و السياسية و تضخ كل أموالها النفطية في بناء بنية تحتية ديمقراطية لا أن تواصل ربط مصير النظام بالأبوية السياسية و بأبوية سلطة المؤسسة الدينية و بالحماية الصهيونية الأمريكية ، فالشعوب كما في الطعام لا تكتفي دائما بنفس الوجبة بل تسعى من باب التغيير إلى البحث عن حلول و مطالب أخرى تراها ميسورة في المجتمعات الأخرى و صعبة المنال في المجتمع السعودي ، و لان كل تأخير أو لا مبالاة أو تقصير متعمد تنجر عند فواتير سياسية و اجتماعية فالظاهر أن النظام اليوم قد بدأ بدفع الفاتورة تلو الأخرى .
على مدار العقود الماضية ناقش البعض من المثقفين في السعودية قضايا الانتقال الديمقراطي و التداول السلمي على السلطة إلى غير ذلك من المرافق الضرورية لبناء البنية التحية الديمقراطية ، و على مدار تلك العقود وقفت السلطة عاجزة عن فهم مطالب الشعب و الاستجابة إليها و ردتها بوسائلها القمعية التسلطية و بإعلامها الهجين الفاسد و بسلطة مؤسستها الدينية القذرة ، لقد وصل الأمر بالمعارضين إلى مراحل من اليأس و الإحباط من تغيير النظام نحو الأفضل و بات النقاش يدور في حلقة مفرغة في غياب أية استجابة و لو شكلية من النظام ، بل لقد كان من المعيب أن يتجاهل النظام جملة المطالب الشعبية و يتلهى بافتعال نزاعات و خصومات مع دول إقليمية مثل إيران بحجة التمدد الشيعي و هي معركة خلقها الإعلام السعودي من العدم أو دول جارة مثل اليمن بحجة إعادة الشرعية المتمثلة في رئيس عميل اسمه عبد ربه منصور ، و في نهاية الأمر شن النظام هذه الحرب الإرهابية لإسقاط نظام عربي مثل سوريا بحجة الوقوف مع ما سماها بالمطالب المحقة للشعب السوري مع أن مصطلح ” مطالب محقة” لا وجود له أصلا في عقل النظام .
لا يتبنى نظام المافيا السعودي المبدأ الكوني المستقر و القائل ” أن الشعب مصدر كل السلطات ” ، كما أن الشعب هو المصدر المباشر لشرعية أي نظام في العالم مهما كانت توجهاته بل أنه يكتفي بما يسمى “بالبيعة” و هي بيعة الأغلبية الصامتة ثم يواصل في هضمه لحق المواطنة بإصدار قوانين جاهلية سقيمة تجرم المس بمقام الملك أو ولى عهده دون أن يعطى على الأقل مفهوما واضحا و جليا لهذه الجريمة التي يقصد منها في حقيقة الأمر قطع الطريق على كل لسان معارض مهما اختار من ألفاظ عادية للنقد ، و عوض أن يخصص الملك اعتمادات موضوعية معقولة لبناء المؤسسات الديمقراطية و إحداث ترسانة من القوانين التي يحتاجها بناء العملية الديمقراطية و بعث لجان تتحمل مسؤوليتها التاريخية في تقديم الحلول الممكنة لإخراج النظام من عزلته الأخلاقية و السياسية فقد خير تخصيص مبالغ و اعتمادات خيالية لدعم المؤسسة الدينية المغطية على عيوب النظام و الضامنة الخائبة في شرعيته المشبوهة يضاف إلى هذا ترسانة من القوانين تجرم نقد المفتى أو أعضاء هيئة ما يسمى بكبار العلماء فيما يشبه محاولة انقلابية مفضوحة على سلطة الشعب السعودي .
لعله من المهين للعقل البشرى أن يختزل النظام كل المؤسسات الدستورية المطلوبة في شخصه و في بعض النخب الدينية المنضوية تحت سلطته القمعية إضافة إلى بعض القيادات العسكرية العشائرية المقربة منه و لعله من المهين لكرامة الشعب السعودي أن يكون المصدر الأساسي للسلطات كالزوج أخر من يعلم و آخر من يطلب منه رأى أو فكر أو مطلب ، و الظاهر أن النظام لم يستمع حتى لبعض الأصوات العاقلة من داخل العائلة المالكة التي تدعوه إلى مراجعة كامل سياسته الداخلية و الخارجية واتخاذ قرارات مؤلمة من شأنها أن تصلح كثيرا من الأخطاء الفادحة المرتكبة سواء على صعيد العلاقات مع الدول العربية أو على صعيد العلاقات المقطوعة مع الشعب السعودي منذ عقود من الزمن ، من العار أيضا أن يتجاهل النظام كل هذه الأصوات و يذهب إلى أقصى حد في تصرفاته العميلة بان يختار الانحياز إلى جانب إسرائيل في حربها المعلنة على الدول العربية و ما حضور ممثله في جنازة الارهابى شمعون بيريز الا علامة أخرى على مدى انهيار الأخلاق لدى هذا النظام و لذلك نؤكد أنه على الشعب السعودي وحده أن ينهض من سباته العميق لينحر هذا النظام بقوة التدافع الاجتماعي لان التخلص من هذا الكابوس الهمجي المزعج قد أصبح مطلبا عربيا و ليس مطلبا سعوديا فحسب