ما نوع الخطة التي ارسلتها السعودية لصالح قبل العدوان؟ وللمبعوث الأممي: هؤلاء الذين يهتمون بما يجري وعليك البحث عن نقيضه
م. هشام شرف
مساء 7نوفمبر الحالي وأثناء مغادرته مطار صنعاء الدولي (المغلق بأمر قيادة العدوان العربي على اليمن) ،تحدث المبعوث الأممي إلى اليمن السيد إسماعيل ولد الشيخ للصحافة ووسائل الإعلام عن نتائج مشاوراته مع الوفد الوطني بنوع من التفاؤل المشوب بالحذر، مشيرا إلى أن الأوضاع المعيشية والاقتصادية والصحية والخدماتية في البلاد قد صارت سيئة إلى حد كبير ولا أحد يهتم بما يجري.
ومن تابع ذلك الحديث يومها سيستنتج بأن صاحبه اتبع أسلوبا ذكيا حينما نفى المسؤولية الأخلاقية والإنسانية والقانونية للأمم المتحدة تجاه ما جرى ويجري في هذا البلد المظلوم والمعتدى عليه، ناحيا باللوم على “من لا يهتمون” ، حسب تعبيره، وهم هنا، بالطبع، أطراف الصراع السياسي في اليمن كما تسميهم المنظمة الدولية، غير أنه قصد تحديدا( المؤتمر الشعبي العام) و(أنصار الله)، بحكم أنه تحدث وبعث رسائله أصلا من صنعاء، ولم يتحدث من الرياض، وعلى الرغم من معرفته بحقيقة الأمور، إلا انه لم يشر الى الاطراف الأخرى التى كان في طريقه اليها بعد ذلك الحديث المقتضب.
في تصوري الشخصي لم يكن السيد ولد الشيخ بحاجة الى إستخدام مفردتيّ: (عدم الإهتمام) الموجهة لطرف معين تقريبا، خاصة اذا كان، بالفعل، يقصد المساعدة في رفع المعاناة والمأساة التي تتعاظم فوق كاهل هذا الشعب على يد الأشقاء الذين منوا ويمنون النفس بأن اليمنيين سيرفعون لهم الرايات البيضاء، سيما بعد أن أوهمهم البعض بإمكانية حدوث تلك الأمنية المستحيلة.
أستطيع القول وبكل شفافية بإن لدينا كل المعلومات والتصورات الممكنة للحلول والمعالجات التي تفضي إلى رفع بعض الكثير من المعاناة وتحسين الخدمات العامة للمواطن اليمني، لكن يبقى السؤال المتكرر والملح دوما: كيف ؟
من أين نبدأ بذلك؟ من سيترك لنا فرصة ومجالا للتحرك، فالعدوان مستمر والحصار قائم ومطار صنعاء مغلق والقصف الجوي لا يتوقف ساعة على مرأى ومسمع من العالم كله الذي لم يحرك ساكنا أو يشعر بحقيقة الكارثة الإنسانية وما الذي جناه العدوان على الشعب اليمني الصابر؟
المهم .. أود هنا ، ومن باب الإنصاف ، تذكير السيد إسماعيل ولد الشيخ والأمم المتحدة عموما بتلك المبادرات والدعوات المتكررة منذُ بداية العدوان التي أطلقها الرئيس علي عبدالله صالح وطالب فيها صادقا بتدخل جاد وملموس من العالم للتخفيف من المعاناة التي يعيشها اليمنيون، محذرا من نتائج الحصار المدمرة على أكثر من (27) مليون إنسانا، ومشددا، أيضا، على ضرورة رفع الحصار وفتح مطار صنعاء كي تدخل الادوية والمواد الغذائية الاساسية ويتمكن العالقون في الخارج من العودة إلى وطنهم، وفي المقابل يغادر الجرحى والمرضى والطلاب والمضطرون للمغادرة.
وأودُّ هنا، أيض، التذكير، بحقيقة أن الرئيس صالح دعا في مرحلة مبكرة من العدوان السعوديين للجلوس كطرفين على طاولة مفاوضات مباشرة لبحث أسباب عدوانها ، بل ومد يده للسلام والبحث عن حلول واقعية لهذه المعضلة التي ربما أن هناك من يهدف من خلالها لإعادة اليمن لعصور الحكم الإمامي الكهنوتي، وكذا تفتيت اليمن الى دويلات يتقاسمها أمراء حرب جاهزون للقيام بهذه المهمة.
وأذكر المبعوث الاممي الذي نحسبه تناسى جملة من الحقائق منها : أن نسبة الفقر بعد العدوان السعودي على اليمن زادت من 40% الى 85%, والبطاله إرتفعت من 35% إلى 90% من ضمن القوى العاملة.
أما الخدمات الصحية التي كانت موفرة للمواطنين فقد انخفضت هي الأخرى الى أقل من 25% بدلا من 70% قبل العدوان، والمياه الصالحة للشرب تراجعت الى اقل من 30% فيما كانت قبل ذلك تُغطي 60% من السكان، ومن حيث الايرادات العامة للدولة فقد نقصت بنسبة 70% وأكثر.
وفيما يخصُّ شريحة الموظفين الذين يزيدون عن مليون ومائتي الف موظف مدني وعسكري فالمستقبل الذي ينظرون إليه يبدو مجهولا، ضف إليهم الأعداد المليونية الهائلة ممن يعولونهم .
أعتقد أن مستشاري ومساعدي المبعوث الأممي بمقدورهم التوضيح له أكثر، وشرح الأسباب، وبموازاة ذلك تزويده -أيضا- بمقترحات للمعالجات، ونحن حقيقة نستطيع تزويده بكل ما يلزمه من أرقام ومعلومات وبيانات وحقائق ،لكنّا نخشى أن يكون مصيرها، مصير ما سبقها ، سيما ،وكما قال المبعوث نفسه،: من يهتم ؟
نحن نهتم – يا عزيزي – بل ونشعر بكل ما حل بشعبنا، لكننا لا نستطيع عمل شيئ طالما وهناك عدوان يواصل محاولة فرض واقع الحرب والقتل والتدمير وخلق الفوضى التي توفر كل المناخات المؤاتية لزرع وتمدد الإرهاب، الذي قد لا يدرك من يدفع بهذا الإتجاه أن النار ستمتد إليه عاجلا أم آجلا.
يعرف السيد إسماعيل ولد الشيخ ومن خلال سلفه السيد بنعمر، وتعرف الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن أسباب بدء العدوان على اليمن، الذي جاء بعد رفض الرئيس صالح أواخر العام 2014 خطة سلمتها له السعودية عبر مبعوث خاص وصل إلى صنعاء بطائرة خاصة ومعه سفيرها في صنعاء وكانت تقضي بالتحالف مع قوى سياسية عدة لضرب جماعة الحوثي بعد دخولهم عمران وحكاية “عودتها الى الشرعيه” آنذاك ،وكيف أن الرئيس صالح رفض تلك الخطة، وطالب بإلحاح بضرورة جلوس كافة الأطراف على طاولة مفاوضات جادة بهدف تشكيل تحالف وطني يجمع كل القوى لتجنيب اليمن الإقتتال الداخلي، وهناك وثائق ومراسلات وشهود على ذلك.
ختاما :ولا أقدم جديدا إذا قلت إن كل القوى الدولية المؤثرة تعرف ان الأزمة اليمنية لن تحل وينتهي العدوان، من دون أن يكون هناك تفاهما مباشرا مع (الشقيقة الكبرى)،التي تغذي الصراع الدائر.
الجميع يعلم يقينا أن هناك ضرورة لوجود اتفاق (يمني-سعودي) وبرعايه( أمريكيه -روسية) يضع حدا لما يجري ويأمن الحدود ويؤدي إلى إحترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدين، والتخلي عن التضليل الذي يحاول إبراز الصراع على أنه شأن داخلي يخص اليمنيين فقط، الذين فقدوا الأمن والسلام منذُ فبراير 2011.
فهل هناك ،فعلا، من يهتم لهذا؟