لبنان: انتبهو لطرابلس.. والسعودية تبحث عن عود ثقاب.. والريفي مرشحا
أمين عوض
من منا لم يشاهد أو حتى سمع عن فيلم “هارمجادن” الذي أنتجته هوليود في تسعينيات القرن الماضي، حينها تحدث الفيلم عن نهايةٍ وشيكةٍ للعالم عبر نيزكٍ ضخم يقترب من الأرض ليصطدم بها منهياً أي شكلٍ للحياة عليها، و لكن و كما جرت العادة في بلاد العم سام، حتماً يوجد رجلٌ يستطيع أن ينقذ العالم في الوقت البدل الضائع _كان وقتها بروس ويلس_الذي استطاع بالفعل مع فريق الكاوبوي خاصته زرع قنبلةٍ نووية على سطح النيزك أدت إلى تفجيره و حرف مساره عن كوكب الأرض؛ مات بروس ويلس في تلك اللحظة تاركاً وراءه ابنته الصهباء لتسرح و تمرح ” على حل شعرا” مع الممثل الوسيم_بين أفليك_ الذي كان يؤدي دور البطل المساعد في الفيلم الذي حقق إيراداتٍ تعتبر من الأعلى في تاريخ المطبخ الهيلوودي .
اليوم و بعد أقل من عقدين من الزمن يُعاد المشهد الكارثي، لكن هذه المرة بعيداً عن مبنى الناسا و بغياب بروس المنهمك حتماً في أمورٍ أكثر أهمية من إنقاذ العالم للمرة الثانية على التوالي، سيما أن الثمن سيكون أبهظ بكثير من تذكرة طائرة أو موتٍ زائف يستمتع بعده بتناول وجبةٍ سريعة في أحد موتيلات لوس أنجلس المتناثرة على طول الساحل الغربي، هذه المرة سيكون الثمن تذكرةً من نوع ” ون واي تيكت” نحو طرابلس شمال لبنان، الثمن الذي لا يرغب أحد على وجه المعمورة بدفعه على ما أعتقد.
ففي نشوة الصيف العابرة التي يعيشها جزءٌ كبير من اللبنانيين اليوم بالموقف الوطني المتأخر للرئيس سعد الحريري، و الوصول المتأخر هو الآخر للجنرال ميشال عون، نشوةٌ أخرى _من نوعٍ آخر و بمعايير ترقى في مكانٍ ما إلى حد الهيستيريا _ يعيشها البعض من أبطال المحاور السابقين المبتلية بهم طرابلس مع بعض صقور المستقبل الذي خلعوا على ما يبدو العباءة الحريرية متدثرين بعباءة أشرف ريفي علها تحقق لهم ما لم يستطع ابن الشهيد رفيق الحريري تحقيقه.
طرابلس التي كانت يوماً مارسيليا الشرق تتحضر اليوم بهمة ” الشباب الطيبة” لعرسٍ وطني سيدبك فيه الجميع من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، و سيكون لهم فيه أقراصاً من ذلك النوع الذي لا يُبلع و لا يُهضم إلا بعد ينبوعٍ من الماء، فآخر الأخبار و المعلومات التي ترد من الشمال اللبناني تشير إلى وصول كمياتٍ كبيرة من السلاح النوعي للمدينة المبتلية بحلم الإمارة، فمع انشغال الجميع و توجه أنظار العالم نحو بقاعٍ عدة ملتهبة في العراق و سوريا من الموصل إلى حلب فالرقة، يزداد زخم الخطاب المتطرف الذي يقوده البعض في طرابلس بدءاً من أشرف ريفي الذي يطمح لأن يكون رجل المملكة الجديد في لبنان ساحباً البساط من تحت أقدام العائلة الحريرية، كيف لا و هو الذكي و الطموح، و الذي سيحاول جاهداً إثبات جدارته، مهما تطلب الأمر و إن كان حرباً ستبدأ من طرابلس و ستكون هارمجدوناً ليس على طرابلس و لبنان فحسب بل على المنطقة بأسرها.
في تلك اللحظة سيصاب لبنان بفرحة الأطفال التي ستجعل عون مرغماً على طلب العون من حلفائه ( حزب الله و سوريا) و هم المنشغلين أصلاً في حرب سوريا ذات الأعوام الست، لكن ما من مناصٍ للتدخل فطرابلس لا تبعد عن الساحل السوري سوى كيلومتراتٍ قليلة، كما أن امتدادها الجغرافي سيشكل تهديداً و خطراً جسيماً على بيئة الحزب القريبة هي الأخرى شرقي المدينة، ناهيك عن اصطفاف رتلٍ من المدن و القرى المسيحية التي تحد المدينة جهة الجنوب ابتداءً بالبترون مروراً بجبيل و سواها.
سيناريو سيكون كارثياً إن وقع، لا يمكن لأحد توقع تبعاته القريبة و لا حتى البعيدة، و لكن كما في أفلام هوليود للجميع مصلحة بصناعة الأفلام الضخمة الميزانية لإيراداتها العالية، و كذلك الحال في طرابلس فللجميع مصلحة بأن” تولع″ فالمملكة بعد الثقل الكبير لروسيا في معارك سوريا تبحث عن خاصرةٍ مزعجة تؤرق بها مضاجع المحور المعادي لتوجهاتها بخصوص مستقبل المنطقة، كما أن الأمريكيين و من ورائهم الروس لن يذرفوا الدموع لوقوع هكذا واقعة لا بل على العكس حدوثها سيفسح أمامهم المجال للتقاتل بأريحية أكبر على غنائم العراق و سوريا، أما بالنسبة لحزب الله و سوريا فهم في حرب تبدو لي أبدية مع الخزان الهائل من الإرهابيين الذي تم استقدامه للمنطقة خلال السنوات السابقة … إذاً و لعانة بطرابلس و لكن من دون بروس.
صحفي وإعلامي سوري