هل ستكونان (السعودية – إيران) “التاليتين” في بنك الأهداف الأنجلو أميركية ؟
عبدالكريم المدي
قامت كل من أميركا وبريطانيا باسقاط النظامين والدولتين في العراق وأفغانستان خلال العقدين الأخيرين تحت مسمى محاربة الإرهاب ومواجهة التهديدات القادمة من هاتين الدولتين تجاههما وتجاه حلفائهما. ولم يطل عمر هذه الكذبة الكبرى كثيرا، لتعترف وتعتذر بعد ذلك وفي أكثر من منبر ومناسبة كل من (لندن) و(واشنطن ) بأن التدخل والعدوان على العراق تحديدا كان غلطة، وأن الذي قامتا به وأقترفتاه من ذنب وجُرم كبيرين بُني على معلومات خاطئة وغير دقيقة أو صحيحة، وقد أكد بصورة متواترة عشرات المسؤولين والمشرعين والعسكرين من الأمريكان والأنجلين حقيقة أن النظام العراقي لم يكن يُمثل أي تهديد ،ولم يكن يمتلك- أيضا – أسلحة دمار شامل أو أي شكل من أشكال الأسلحة المحظورة ، واليوم ها هو الرادر يُوجّه – بعد تدمير العراق، ليببيا، سوريا ، اليمن – ربما نحو الغريمين المسكونيين بالأساطير والأوهام وفكرة إمتلاك الحقيقة المطلقة والتحدث والعمل نيابة عن السماء ( السعودية – إيران).
وخير دليل على ذلك توريط نظاميّ هذين البلدين وإغراقهما تماما في الحرب السورية البائسة، والصراع الطائفي المريض فيها وفي العراق الذي يأكل الشعبين وتاريخهما العريق ومستقبل أجيالهما الذي يذهبون به حاليا إلى عنوان مجهول.
وللبدء عمليا بمحاسبة حليف الأمس السعودي ومن تسميهم بالأنظمة المارقة كإيران مثلا، قامت أميركا بسنّ قانون جديد للإرهاب ، وقد حصل بالطبع ، على موافقة مجلس النواب، ويسمح هذا القانون لعوائل وضحايا الاعتداءات الإرهابية بمقاضاة الدول التي مولت الجماعات الإرهابية ودعمتها ،والتي يعتبر- هوءلاء الإرهابيون أيضا – من مواطنيها، يعني المقصود من هذا كله وبصورة مباشرة في هذه الفترة، هو السعودية ، التي كان (19) إرهابيا من أصل عشرين شاركوا في أحداث 11سبتمبر 2001 يحملون جنسية المملكة وشعار السيفين والنخلة الذي يتصدر كل وثائقهم ومتعلقاتهم، كعلامات وشعارات الجودة التي تضعها وتتباهي بهاكبريات الشركات العالمية التي تحرص على طبعها فوق منتجاتها وفي اللوحات الإعلانية وفي عقول وقمصان الشباب والمراهقين .
في الواقع هناك تشابه كبير بين إستدراج العراق بداية الثمانينات في الحرب (العراقية – الإيرانية) الوحشية والتي أسميت، كما هو معروف، بحرب الخليج الأولى ، وبعدها جاءت حرب الخليج الثانية التي فقّصت أفراخها بعد إستدراج الشهيد صدام حسين في بداية التسعينيات لاحتلال الكويت وتوهمه بضمها للدولة والجفرافية العراقية وإعادة ما اعتبرها المحافظة العراقية التاسعة عشر إلى البيت العراقي .
وبمقاربة سريعة ، نستطيع القول إن إستدراج السعودية في العدوان على اليمن مثله مثل إستدراجات العراق التي مر بها وتحديدا خلال حكم الشهيد صدام حسين ، وفي تصورنا أن الحال والإسقاط نفسه، مع إختلافات شكلية بسيطة، يتم مع إيران التي تتهم هي الأخرى وعلى أكثر من صعيد في التدخل المباشر في الحرب السورية التي أطفأت عامها الخامس وأشعلت فتيل بارود عامها السادس ، إلى جانب التهم الموجهة لها ( أي إيران ) في المنطقة والغرب والشرق، والمتعلقة بدعمها وتمويلها لحزب الله وجماعة أنصار الله في اليمن والشيعة في البحرين، وغير ذلك من الملفات التي نعتقد إنهم يجهّزونها لطهران ومن ضمنها وقد يكون أهمها واخطرها الملف النووي والقدرات والطموحات الصاروخية، وبغض النظر هنا عن الاتفاقية النووية مع أميركا، أو ما عُرف يومها بالسداسية ، وقد تم الإعلان عن تلك الاتفاقية رسميا يوم (الثلاثاء 14 يوليو/تموز2015).
وتأسيسا على ذلك، يستنتج المرء إن التالي في قائمة الأهداف الأميركية الصهيوينة الخاصة بالعرب والمسلمين هما (السعودية – إيران) اللتان تُساعدان بسياساتهما البليدة في إنضاج التهم وإستكمال حلقات التهم وصولا للإطاحة بهما وتحويلهما إلى إمارات طوائف جديدة وأسواق بيع للسلاح يتحكم بها أمراء حرب وقطاع طرق وأصحاب سوابق .
السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو : متى – يا تُرى – سيتعقل السعوديون وينتبهون لهذه المخططات ومن ثمّ يبادرون لإنهاء عدوانهم البربري الأحمق على اليمن وتعويضه ، بدلا من دفع مئات المليارات من الدولارات للغرب مقابل أسلحة وهمية وشراء مواقف دولية لدعمها في هذا العدوان المجنون على شعب جار وشقيق ،مثّل ولا يزال أصل العرب ونبعهم الصافي، ومدد الإسلام وسيف الفتوحات وسند ومنجم الرجال الأول الذي اعتمد عليه الفاتحون عبر التاريخ الإسلامي والعربي؟
كاتب يمني