السعودية و حكاية الأموال المهدورة.

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1646
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

أحمد الحباسى
هناك سؤال ملح يطرح نفسه دائما و لا يلقى جوابا ، و قبل طرح السؤال يجب الرجوع إلى بعض الأحداث و الحيثيات لنفهم أولا أن هذا السؤال سيبقى معلقا بلا جواب ، ثانيا أن النظام السعودي قد فعل المستحيل حتى يبقى السؤال معلقا في حلق الشعوب العربية، فهذا النظام و مهما اختلفت الأسباب و الاتهامات يخوض حربا بالوكالة في سوريا و في اليمن تحديدا لفائدة المصالح الصهيونية مقابل حماية النظام ، من نتائج هذه الحرب الدموية أن الحكومة السعودية تجد نفسها عاجزة ماليا لأول مرة بحيث اضطرت للاستدانة من بعض الجهات الأجنبية المقرضة ، هذه الحقيقة المعلنة في وسائل الإعلام العربية و العالمية تكشف حجم الخسائر السعودية الهائلة في هذه الحرب الإرهابية الفاشلة لإسقاط النظام في سوريا و ضرب الثورة اليمنية ، هذا يحصل لأول مرة في التاريخ لان القيادة السعودية قد قامت لأول مرة في التاريخ أيضا بما لم تفعله أية قوة عسكرية في العالم مهما عظمت و هو القيام بحربين متزامنتين في نفس الوقت و هو ما يعد من الأخطاء السياسية و العسكرية المرعبة بصرف النظر عن فشل هذين الحربين في تحقيق النتائج المرجوة مقابل النزيف المالي الخرافي المبذول لتمويلها .
من المهم الإشارة في هذا السياق إلى أن النظام السعودي قد كان يمول الإرهاب “عن بعد ” ، هذا ما كشفته لجنة التحقيق الأمريكية المشكلة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 فيما يسمى ب 28 صفحة من التقرير التي فعل النظام السعودي كل شيء حتى لا تكشف للعموم مما اضطر الرئيس جورج بوش الابن للرضوخ من باب حماية المصالح الأمريكية و بالذات العلاقات الأمريكية السعودية من الدخول في مأزق يصعب تلافى نتائجه و انعكاساته على العلاقات بين البلدين ، النظام كان يمول بن لادن عن بعد و القاعدة عن بعد و بقية المنظمات الإرهابية عن بعد ، يعنى أن النظام يضخ الأموال في حسابات مشبوهة بحيث يصعب تعقبها أو تعقب الجهة الممولة الأمر الذي اضطر الإدارة الأمريكية إلى الدخول في حرب تجفيف منابع التمويل و اكتشاف العلاقة الآثمة بين النظام و الجهات الإرهابية ، في كل الأحوال لم تتأثر الخزينة السعودية بهذه التحويلات المالية الضخمة نتيجة تغطية العجز من صفقات بيع النفط و استثمار الأزمة العراقية الإيرانية و ما سبقها أو لحقها من أزمات عالمية كان لها تأثير على ارتفاع أسعار النفط .
هذه المرة كان النظام مضطرا نتيجة دخوله في تحالف معلن مع إسرائيل لحماية نفسه خاصة بعد بعض التفجيرات و القلاقل الشعبية المطالبة بالحرية و التخلص من هذا النظام الفاسد إلى تنفيذ جزء من مخطط المحافظين الجدد لتفتيت الدول العربية المناهضة للوجود الصهيوني الأمريكي في المنطقة و على رأسها سوريا ، إيران ، حزب الله ، الجزائر ، الثورة اليمنية ، بطبيعة الحال لم تكن لهذا النظام الكرتوني الفاشل القدرة على إزاحة النظام السورى بالقوة العسكرية المباشرة رغم الوعود الأمريكية الصهيونية بالتدخل و المساندة لذلك تم الاتفاق على تكفل الجماعات الإرهابية السعودية بمهمة إسقاطه بواسطة حرب العصابات التكفيرية و محاولة الإيحاء بأن تلك الجماعات قد جاءت إلى سوريا لنصرة الشعب السوري ضد النظام و لمؤازرة تطلعات هذا الشعب التي يمثله ما سمي بالائتلاف السوري المعارض و الجيش السوري الحر ، المشكلة أن قطر قد دخلت على الخط و طرحت استعدادها الواضح لتمويل الجماعات الإرهابية و استثمار علاقاتها المختلفة مع الجماعات الإرهابية التابعة لحركة النهضة في تونس أو عبد الحكيم بلحاج في ليبيا أو الإخوان في مصر مقابل تمكينها من حجم أكبر في المنطقة على حساب الجار السعودي اللدود ، لذلك تعطل الدور السعودي بعض الوقت ليستعيد النظام زمام الأمور بمجرد فشل الدور القطري و إزاحة الأمير السابق كأحد ضحايا الحرب في سوريا ، بطبيعة الحال كان “منطقيا ” أن تبذل السعودية جهودا مالية خيالية سواء لناحية تمويل الجماعات الإرهابية و مدها بالسلاح المتطور أو لناحية دفع مرتبات بعض الإعلاميين الفاسدين أو لمقايضة مواقف بعض الدول العربية في مسالة إعطاء الغطاء السياسي للحرب في سوريا أو الشروع في تنفيذ عاصفة الصحراء في اليمن .
من الواضح من التفاهمات التي تمت بين إيران و تركيا و بين روسيا و تركيا و التي ترجمت بقيام تركيا بضرب القوات الكردية و المجموعات الإرهابية في مدينة جرابلس منذ ساعات و قيام الطيران الحربي الروسي بضرب الجماعات التكفيرية السعودية من الأراضي الإيرانية أن هناك متغيرات مهمة على الساحة السورية بحيث لاحظ الجميع تغيرا كاملا في خطاب الرئيس التركي أعطته تصريحات رئيس الوزراء على بلدريم بعدا واضحا بعد أن عبر بصراحة على معارضة تركيا لتقسيم سوريا و القبول بدور الرئيس السوري في معادلة حل الأزمة السورية مؤكدا تصريحات جون كيري وزير الخارجية الأمريكي منذ أيام قليلة ، و حين نشهد تقهقر الجماعات الإرهابية السعودية بداية من العراق إلى سوريا إلى اليمن و عدم اهتمام القوى الدولية الفاعلة بالدور السعودي فمن الواجب أن نسأل السؤال في النهاية ماذا جنت السعودية بتبذيرها لكل هذه الأموال الخيالية سوى الفشل المعلن و كراهية الشعوب العربية الغير مسبوقة ؟ ماذا لو خصص النظام هذه الأموال الخيالية لتمويل البحوث العلمية في السعودية أو في أي قطر عربي ؟ ليبقى السؤال الأهم : متى يتحرك الشعب السعودي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ؟

بانوراما الشرق الأوسط