"داعش" يسابق القاعدة في السعودية
قاسم عزالدين
العمليات الإرهابية تصيب السعودية، ضمن تخطيط "داعش" في توسيع رقعة الإرهاب إلى آسيا والخليج. لكنها ربما تضع السلطات أمام فشل ما رأته إنجازاً في القضاء على تنظيم القاعدة.
إحدى العمليات الأربعة في السعودية، كانت تستهدف المسجد النبوي وربما قبر الرسول الذي تعتقد الوهابية أنه من وسائل الشرك، بناء على فتوى ابن قيم الجوزية بوجوب هدمه.
هذه العمليات تشير إلى أن ما أعلنته السلطات قبل شهرين بشأن القضاء على الإرهاب، يبعث على التشكيك أكثر مما يبعث الاطمئنان؛ فعملية مدينة البيشة بالقرب من مكة المكرمة، أتت بعد عملية سويلم الرويلي المتهم بتفجير مسجد قوات الطوارىء في أبها، وفي أثر توقيف 431 من الخلايا العنقودية كشفها عبد الله الرشيد بقتل خاله.
ففي كل مرّة تتكشّف الخلايا بالعشرات، يحلو للسلطات السعودية الاحتفال بالنصر النهائي بناء على تجربة ولي العهد محمد بن نايف بالتخلص من تنظيم القاعدة. لكن مجلة "نيويوركر" الأميركية تتهمه بالاتفاق مع قادة التنظيم بالانتقال إلى العراق واليمن.
المعضلة أن السلطات السعودية تعتقد أن أراضيها محصّنة من الإرهاب اعتقاداً بالمسلّمات التي تصبح شبه قناعة لكثرة تردادها. كما خطر لوزير النفط السعودي أن بلاده لا تتأثر بالاحترار المناخي العالمي. فمن حيث المنطق المألوف في معظم البلدان، أن يؤشر اكتشاف الخلايا بالمئات أو العشرات إلى انتشار هذه الظاهرة، خلافاً لما تراه السعودية في استئصالها.
لكن المسلّمات السعودية تأخذها إلى جانب آخر وراء الأكمة في محاولة الدلالة على أن إرهاب "داعش" والقاعدة ينفجر في العراق وسوريا واليمن لعلّة سياسية سببها إيران وحلفائها.فإذا كان هذا الإرهاب له أعذاره في تلك البلدان، فليس له عذر للوجود في السعودية عدا بعض الحالات النفسية الشاذة بالعشرات والمئات. إنما الوقائع تبيّن ما هو متفق عليه في قراءة ظاهرة معولمة كالإرهاب، في أن تغذيتها بالدعم والأعذار بسبب أولويات سياسية، لا تتأخر ارتداداتها في الانفلاش أبعد ما يمكن سواء تمكنّت من بعض المواقع الجغرافية أم اضطُرت للانحسار عنها.
الانفلاش في سياق انحسار المواقع في سوريا والعراق، ينتشر ارهاب "داعش" في تركيا والكويت وفي ماليزيا وفي السعودية والقاع اللبنانية. واللافت أن ارهاب "داعش" في بنغلادش حثّ تنظيم القاعدة غمار السباق في دعوته "للجهاد" في الهند. وفي بديهيات العلوم السياسية أن هذا التنافس على الارهاب يؤشر إلى احتمال تعميمه ولا سيما في السعودية ذات الثقل السياسي في العالم الاسلامي. فكما يجرّ "داعش" القاعدة في آسيا، يمكن أن يجرّها إلى السعودية. فالتنظيم الذي يُطلق على نفسه اسم "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب" هو حصيلة اندماج الفرعين السعودي واليمني، ومن غير المستبعد ارتحال عناصر التنظيم السعوديين في ولاية المكلا اليمنية وفي ولاية أبين ــ عدن إلى السعودية لقطع الطريق على "انجازات داعش".
بين أسباب الانعطافة التركية تطرّق رئيس الحكومة التركي إلى عملية مطار أتاتورك. ربما لا تفكّر السلطات السعودية بانعطافة قريبة بعد أن خرقت أعلى سقوف الرهانات في سوريا. لكن تشكيك السعودية في خيارتها المناقضة لطبيعة الأشياء إن لم تكن عاجلا ربما تكون آجلاً. فنقاط المياه المتساقطة تبري الحجر.