استمرار القمع في السعودية: 12 منظمة تطالب بالإفراج عن المنتهية فترة محكوميتهم

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1531
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

أصدرت اثنتا عشرة منظمة حقوقية دولية ومحلية بيانًا مشتركًا أعربت فيه عن “بالغ قلقها” إزاء استمرار سياسات الاعتقال التعسفية بحق الكثيرين ممن غُيِّبوا خلف سجون آل سعود، ومنها قضية الناشط الحقوقي محمد البجادي. وشدد البيان على أن هذا الاحتجاز التعسفي، الذي دام لأكثر من عامين بعد انقضاء مدة محكوميته، هو دليل قاطع على أن موجة الإفراجات الأخيرة عن بعض المعتقلين لم تكن تعني تراجع السلطات السعودية عن “نهجها القمعي الشديد” تجاه النشطاء الحقوقيين وأصحاب الرأي. وطالبت المنظمات بالإفراج الفوري وغير المشروط عن البجادي وجميع المحتجزين تعسفيًا في المملكة لمجرد ممارستهم السلمية لحرياتهم الأساسية. قصة احتجاز تتكرر قال البيان إن محمد البجادي قد واجه الاعتقال والسجن ثلاث مرات بسبب نشاطه السلمي في مجال حقوق الإنسان. وأشار البيان إلى أن اعتقاله الأخير كان في 24 مايو 2018، ضمن حملة قمع واسعة النطاق استهدفت المدافعات عن حقوق المرأة. وأوضح أن البجادي صدر بحقه حكم بالسجن لمدة عشر سنوات، خُفّض لاحقًا إلى خمس سنوات نافذة، لكنه لم يُفرج عنه رغم انتهاء مدة محكوميته في أبريل 2023. وأضافت المنظمات أن البجادي لا يزال محتجزًا في سجن بريدة، حيث يُحرم من أبسط حقوقه، بما في ذلك الحق في التمثيل القانوني. وأكدت منظمة القسط، وهي مجموعة سعودية مستقلة معنية بحقوق الإنسان، أن البجادي تعرض للتعذيب وسوء المعاملة، بما في ذلك الاعتداء الجسدي والاحتجاز المطوّل بمعزل عن العالم الخارجي، وهي ممارسات تتنافى مع أبسط المعايير الإنسانية والقانونية. ولم تقتصر إدانة المنظمات على قضية البجادي وحدها، بل أشارت إلى أن استمرار احتجازه يندرج ضمن “نمط مقلق آخذ في التصاعد” في المملكة العربية السعودية. وأوضح البيان أن السلطات السعودية تواصل احتجاز السجناء بعد انقضاء مدة محكوميتهم في انتهاك صارخ للمعايير الدولية الأساسية، بل وحتى القوانين الوطنية المعمول بها في المملكة نفسها. وفي هذا السياق، لفت البيان إلى أن المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، ماري لولور، كانت قد سلطت الضوء على قضية البجادي في أبريل 2025، في محاولة للفت الانتباه إلى هذه الممارسات الممنهجة. وأشار البيان إلى أن هذا النمط ظهر بشكل واضح في حالات أخرى مشابهة، حيث احتُجز اثنان من أبرز المدافعين البارزين عن حقوق الإنسان، وهما محمد القحطاني، أحد المؤسسين الآخرين لجمعية “حسم”، وعيسى النخيفي، تعسفًا لأكثر من عامين بعد انقضاء مدة محكوميتهما، قبل أن يُفرج عنهما بشكل مشروط في يناير 2025. هذه الحالات تؤكد أن احتجاز البجادي ليس استثناءً، بل هو جزء من سياسة ممنهجة لتكميم الأفواه. إعادة محاكمة وقيود تكميلية: تعميق القلق والتهديد أضافت المنظمات أن السلطات السعودية لا تكتفي بالاحتجاز التعسفي، بل تذهب أبعد من ذلك. ففي حالات أخرى، ومع اقتراب انتهاء مدة محكوميّة المعتقلين السياسيين، تعمد إلى إعادة محاكمتهم وفرض أحكام إضافية بحقهم، مما يشكل ظلمًا مضاعفًا بعد سنوات من الاحتجاز التعسفي. وأشار البيان إلى أن عدم الإفراج عن السجناء الذين أنهوا مدة عقوبتهم يثير مخاوف من إمكانية إعادة محاكمتهم هم أيضًا، مما يكرّس مناخًا من القلق والتهديد المستمر للنشطاء وعائلاتهم. كما تطرق البيان إلى القيود الصارمة التي تفرض على من تم الإفراج عنهم. فعلى الرغم من أن السلطات السعودية كانت قد أفرجت خلال الأشهر الأخيرة عن عشرات الأشخاص الذين سُجنوا بسبب ممارستهم السلمية لحقوقهم، فإنها لا تزال تحتجز العديد من الآخرين بشكل تعسفي. أما الذين تم الإفراج عنهم، فيواجهون قيودًا من بينها حظر السفر التعسفي وإلزامهم بارتداء جهاز تتبع إلكتروني (سوار الكاحل)، مما يقيد حركتهم وحريتهم بشكل كبير وفعال، ويحول دون عودتهم لحياتهم الطبيعية أو مواصلة نشاطهم السلمي. قائمة مطولة من المعتقلين: سجل حقوقي متدهور وفي سياق تسليط الضوء على حجم الانتهاكات، أورد البيان قائمة مطولة بأسماء المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء البارزين الذين لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي. وشملت القائمة أسماء بارزة مثل عيسى الحامد، ومحمد العتيبي، ووليد أبو الخير، وخالد العمير، وإسراء الغمغام التي شاركت في احتجاجات سلمية ضد التمييز الممارس بحق الطائفة الشيعية. وأضاف البيان أسماء أخرى مثل عبدالرحمن السدحان، ومناهل العتيبي، ونورة القحطاني، وأسامة خالد، ومحمد ال هزاع الغامدي. كما ضمت القائمة رجال الدين البارزين محمد الحبيب، وسلمان العودة، وحسن فرحان المالكي، اللذين لا تزال محاكمتهما تشهد تأجيلًا طويلًا. ولم يتوقف التقرير عند هؤلاء النشطاء السعوديين، بل امتد ليشمل فئات أخرى من المعتقلين، حيث أشار إلى أن القائمة تضم أيضًا عشرة مواطنين مصريين من أصول نوبية، صدرت بحقهم أحكام بالسجن تتراوح بين 10 و18 عامًا، فضلاً عن عشرات من أبناء قبيلة الحويطات الذين يقضون أحكامًا بالسجن لفترات متفاوتة أو يواجهون أحكام الإعدام. هذه التعددية في الجنسيات والخلفيات تؤكد أن القمع لا يقتصر على فئة معينة، بل هو نهج يطال كل من يمارس حرياته السلمية. تصاعد في الإعدامات: تدهور متسارع للحقوق في المقابل، لفت البيان إلى أن سجل السلطات السعودية في مجال حقوق الإنسان يشهد “تدهورًا متسارعًا”، لا سيّما في ظل التصاعد الملحوظ في استخدام عقوبة الإعدام. وأشار البيان إلى تنفيذ حكم الإعدام مؤخرًا بحق الصحفي السعودي البارز تركي الجاسر، بالإضافة إلى الارتفاع اللافت في عدد الإعدامات التي تطال رعايا أجانب على خلفية جرائم غير عنفية تتعلق بالمخدرات، مما يعكس تراجعًا خطيرًا عن الوعود السابقة بشأن وقف الإعدام في هذه القضايا. وختامًا، ذكر البيان قصة البجادي في فترة سابقة، حيث قال خلال وقفة احتجاجية أمام وزارة الداخلية: “لا أحد من أفراد عائلتي يقبع قيد الاحتجاز، ولكن لا يجب علينا أن ندافع عن عائلاتنا فحسب، وبل عن بلدنا بأكمله وجميع المضطهدين أيضًا. وجميع معتقلي الرأي هم عائلتي”. وبالإضافة إلى الانتهاكات المذكورة في البيان المشترك، تشير تقارير دولية متعددة لمنظمات مثل هيومن رايتس ووتش، منظمة العفو الدولية، ومنّا لحقوق الإنسان إلى وجود نمط واسع من الإساءات التي يتعرض لها المعتقلون في السجون السعودية. هذه التقارير تؤكد أن ما يواجهه محمد البجادي ليس حالة فردية معزولة، بل هو جزء من سياسة ممنهجة تشمل التعذيب الجسدي والنفسي. فالمعتقلون، ووفقًا لشهادات موثقة، يتعرضون لأساليب تعذيب قاسية تشمل الضرب المبرح، والجلد، والصعق بالكهرباء، والتعليق من المعصمين، والحرمان من النوم، بالإضافة إلى الاحتجاز الانفرادي المطوّل الذي يمكن أن يمتد لشهور طويلة. هذه الممارسات لا تهدف فقط إلى انتزاع الاعترافات القسرية، بل تستخدم أيضًا كأداة للترهيب والعقاب خارج إطار القانون. كما أن الظروف المعيشية في بعض السجون السعودية، مثل سجني الحائر وذهبان، توصف بأنها سيئة للغاية. وتشمل هذه الظروف الاكتظاظ الشديد، وسوء التغذية، والافتقار إلى الرعاية الصحية الملائمة. وقد وثقت منظمات حقوقية حالات وفاة داخل السجون بسبب الإهمال الطبي، حيث يُحرم المعتقلون من العلاج اللازم لحالاتهم الصحية الحرجة، مما يفاقم من معاناتهم ويعرض حياتهم للخطر المباشر. يضاف إلى ذلك الحرمان من الاتصال بالعالم الخارجي، حيث تُمنع الزيارات العائلية، وتُقطع الاتصالات الهاتفية، ويُحظر التواصل مع المحامين، وهو ما ينتهك أبسط معايير المحاكمة العادلة وحقوق السجناء الأساسية. هذه الممارسات تعزز من حالة العزلة التي يعيشها المعتقلون وتجعلهم عرضة للانتهاكات دون أي رقابة أو مساءلة. تتفق التقارير الدولية أيضًا على أن السلطات السعودية تستخدم قوانين “مكافحة الإرهاب” ذات التعريفات الفضفاضة والغامضة لتجريم النشاط السلمي وقمع المعارضة. هذا الاستخدام التعسفي للقوانين يتيح للسلطات اعتقال الأفراد ومحاكمتهم بناءً على تهم زائفة، مما يشرعن فعليًا الاعتقالات التعسفية. علاوة على ذلك، يواجه المعتقلون انتهاكات جسيمة للإجراءات القانونية الواجبة، مثل عدم إبلاغهم بأسباب اعتقالهم، أو حرمانهم من محامين خلال مراحل التحقيق والمحاكمة. كل هذه العوامل تؤدي إلى تفكيك أي نظام قضائي عادل، وتجعل من المحاكمات مجرد أداة لتنفيذ أحكام جاهزة مسبقًا، مما يؤكد على غياب سيادة القانون واستقلال القضاء في نظام آل سعود.