أكثر من 4500 يوم من الإنفرداي: “السعودية” تعذب الهلال
منذ أكثر من 4500 يوم تعتقل “السعودية” الشيخ سمير الهلال، فيما لا يزال حتى اليوم، محرومًا من حقوقه الأساسية، محتجزًا في السجن الانفرادي، بدون تواصل طبيعي مع العالم الخارجي أو معرفة بالتهم الموجهة إليه، وسط مخاوف جدية على سلامته الجسدية والنفسية. في 16 ديسمبر 2015، اعتقلت قوات تابعة لوزارة الداخلية السعودية الهلال أمام منزله، دون إبراز مذكرة اعتقال أو توجيه استدعاء مسبق له. ومنذ ذلك الحين، ورغم المطالبات المتكررة من عائلته، لم تتمكن الأسرة من زيارته أو الالتقاء به. وفي إحدى المناسبات، أُبلغت زوجته بإمكانية الزيارة، إلا أنه عند وصولها مع العائلة إلى السجن، تم منعهم من الدخول دون تقديم مبرر واضح. في هذا السياق، أكدت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن ما يتعرض له الشيخ سمير الهلال انتهاك صارخ للقانون المحلي والقوانين الدولية، حيث ينص النظام السعودي في المادة 119 من الإجراءات الجزائية على أن “عزل المتهم عن المسجونين لا يجوز أن يتجاوز ستين يوماً، ويجب تمكينه من الاتصال بمحاميه”. ومع ذلك، استمر احتجاز الشيخ الهلال في الحبس الانفرادي لفترة تقارب العقد، دون تمكينه من حقوقه الأساسية في الاتصال بمحام أو التواصل مع أسرته بشكل منتظم. إضافة إلى ذلك، فإن ما يتعرض له الهلال انتهاك صارخ للمادة 15 من المبادئ الأساسية للأمم المتحدة المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون للاعتقال التي تنص أنه لا يجوز احتجاز أي شخص في ظروف لا تتيح له التواصل مع محاميه أو عائلته لفترة طويلة، وأنه يجب أن تُتاح له الفرصة الكافية للتواصل مع العالم الخارجي. كما أنه انتهاك صارخ لشروط المحاكمة العادلة، وخاصة العهدين الدوليين والميثاق العربي التي تنص على أنه: “يحق لكل شخص يحتجز بسبب تهمة جنائية الحق في أن يحاكم في غضون فترة زمنية معقولة أو يفرج عنه إلى حين انعقاد المحاكمة”. رأت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن ما يتعرض له الهلال وعائلته تعذيب نفسي ممنهج، وخاصة مع سجنه إنفراديا لآلاف الأيام. وأشارت المنظمة إلى أن قضية الهلال تضاف إلى قضايا أخرى، من بين ذلك، كونها لا زالت تضع الشيخ سلمان العودة والشيخ عوض القرني في السجن الانفرادي منذ اعتقالهما عام 2017. أكدت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن الحرمان من الحق في الزيارات، والاعتقال التعسفي لسنوات من دون توجيه تهم ولا عرض على قاض، هو جريمة وانتهاك صارخ. واعتبرت المنظمة أن هذه القضايا تؤكد أن النظام القضائي في “السعودية” قاصر عن حماية حقوق المعتقلين، وجزء لا يتجزأ من مسار الانتهاكات. وكانت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان قد وثقت الانتهاكات التي تعرّض لها الهلال منذ اعتقاله، حيث نشرت تقريرا بينت فيه طريقة الاعتقال التي قامت بها قوات تابعة لوزارة الداخلية من دون مذكرة توقيف، واقتحامهم المنزل وإشهار السلاح في وجه زوجته. كما بين التوثيق تعرض الشيخ الهلال للإخفاء القسري، إذا لم تستطع العائلة معرفة مكان اعتقاله لفترة من الزمن، وحين اتصلت بإدارة سجن الدمام أبلغوها بوجوده في سجن الحائر في الرياض، الذي يعد أكبر وأسوأ سجن سياسي في البلاد. وبعد مراجعة العائلة للسجن، أكد الموظفون وجوده فيه. في شهر يوليو 2016 تم الاتصال بإحدى زوجتي الشيخ الهلال وإخبارها بفتح باب الزيارة، ولكن بعد ذهاب عائلته للسجن بقصد زيارته تم منعهم من الدخول بحجة أن الطلب خاص بزوجتي الضحية فقط. وجهت العائلة عدداً من الرسائل إلى الجهات الرسمية لتمكينهم من زيارة الشيخ سمير الهلال، إلا أنها لم تتلق جوابا. أبلغت هيئة حقوق الإنسان الرسمية عائلة الهلال أنها زارته مرتين خلال شهر مايو 2016 وفبراير 2017، وأوضحت أنها رفعت خطاب لوزارة الداخلية يتضمن مجموعة من الطلبات، منها فتح زيارة وإتصال للضحية قضية الشيخ الهلال تنضم إلى قضايا علماء الشيعة في “السعودية”. سبق أن استهدفت السلطات علماء الدين الشيعة، وقامت باعتقالهم وإصدار أحكام طويلة بالسجن بحقهم أو إعدامهم. وفي مقدمتهم الشهيد الشيخ نمر النمر الذي أعدم في يناير 2016، بعد إدانته في محاكمة افتقرت لأبسط معايير العدالة. منذ ذلك الحين لم تتوقف السلطات السعودية عن استهداف علماء الدين الشيعة وعائلاتهم والمراكز الدينية التابعة للشيعة، فقد قامت باعتقال واحتجاز عدد من شيوخ الدين الشيعة ومداهمة مركز إسلامي شيعي في مكة، كما عملت على مضايقة عوائل العلماء الشيعة وجمدت الحسابات البنكية لشيوخ آخرين. يذكر أنه في السادس من يونيو/ حزيران 2021، اعتقلت القوات العسكرية من مطار الدمام، طالب العلم الشيخ مجتبى النمر بلا أي مبرر قانوني، ومن غير معرفة الأسباب التي استدعت اعتقاله وتغييبه. جرى احتجاز سماحته في صيغة تعسفية انتقامية تحكي نهج السلطة السعودية في الممارسات القمعية بحق رجال الدين وطلبة العلم، وجرى الاعتقال خلال عودة الشيخ من مدينة قم المقدسة عبر الخطوط الجوية القطرية. وكانت مصادر قد كشفت عن سماح السلطات السعودية للشيخ الدكتور مجتبى النمر، في اليوم الثالث من اعتقاله بإجراء مكالمة هاتفية مع عائلته لم تتجاوز مدتها الدقيقتين فقط، في انتهاك صارخ للحقوق المكفولة في القوانين والشرعات التي تكفل حق المعتقل بالتواصل مع أسرته وإخبارها بمكان وظروف احتجازه، غير أن النظام السعودي يسلب المواطنين أبسط حقوقهم الأساسية المشروعة. الشيخ الدكتور مجتبى النمر والد لأربعة أبناء (عبدالله، وأحمد، وحسن، وعلي الذي لم يتجاوز عامه الثالث)، حاصل على شهادة الدكتوراة في الفلسفة، ويؤدي دوراً تربوياً تعليمياً، ويعد أحد طلاب وأساتذة الحوزة العلمية في قم المقدسة، وعرف بدوره العلمي والديني والتعليمي حيث ينحصر نشاطه في سياقات العلم والتدريس، بعيداً كل البعد عن النشاط السياسي، ما يثير لدى المراقبين الدهشة من اقداه السلطة على احتجاز الشيخ الدكتور دون وجود أي مسوغ او مبرر لدى النظام باعتقاله سوى الإمعان بالاستهداف والانتقام غير المشروع والتسلط التعسفي الانتقامي من أبناء المنطقة وعلمائها. كما يثبت اعتقال سماحته استهداف عائلته بشكل متواصل ومنذ عقود أيضا، فالشيخ مجتبى النمر ابن العلامة الشيخ عبد الله النمر رجل الدين والعلم والدور الرسالي والاجتماعي، وابن شقيق سماحة الشيخ عبد المحسن النمر، ومنذ عقود بات العائلة هدفاً لتغول وبطش الأجهزة الأمنية “السعودية”.
