كاتب صهيوني: كيف يمكن أن تتحول اتفاقيات التطبيع إلى اتفاقيات جوفاء

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 215
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

جانب الدول المطبّعة –بشكل علنيّ أو خفيّ- لا يبدو مشرقاً في ظل ما يبدو أنه تعددا وتضاربا في بعض الأحيان للمصالح مع عدم وحدتها بين الأطراف المختلفة: الولايات المتحدة الأميركية، كيان الاحتلال ودول الخليج. الطرف الذي يشهد تخبّطا في المصالح وتبعا لذلك في التوجهات، هو “السعودية”، وهو ما يشير إليه فينسنت جيمس هوبر، في مقال على موقع “تايمز أوف إسرائيل”، يحلل فيه كيف يمكن لبوادر التطبيع مع “السعودية”، إلى جانب إتفاقيات أبراهام، أن تفرغ من مضمونها في ظل التوازنات الإقليمية المتبدلة، حتى تصبح هذه الإتفاقيات “طموحة في نطاقها، وجوفاء في جوهرها”. يجادل الكاتب في مطلع مقاله شكل وعوائد “إتفاقيات أبراهام” على كيان الاحتلال، ويقول: “عندما وُقِّعت اتفاقيات إبراهيم عام ٢٠٢٠ في عهد إدارة ترامب الأولى، جفّ حبرها سريعًا، لكن عواقبها بدأت تتكشف ببطء – عبر الممرات الجوية، وطرق التجارة، والقنوات الدبلوماسية الخلفية”، ويضيف “وعدت اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل وعدة دول عربية بشرق أوسط جديد، لا يرتكز على الأيديولوجيا، بل على الابتكار والاستثمار والتعاون بين الأديان. بعد خمس سنوات، لا يزال أثرها جليًا، لكن مستقبلها – لا سيما في ظل عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض – لا يزال بعيدًا كل البعد عن اليقين”. يستشهد الكاتب بوضع التجارة المزدهرة بين كيان الاحتلال الإسرائيلي والإمارات العربية المتحدة: تجاوز حجم التبادل التجاري بين الإمارات وإسرائيل ٢.٥ مليار دولار، مغطيًا مجالات الأمن السيبراني، والتكنولوجيا الزراعية، وإدارة المياه، والطاقة الخضراء. تُساعد الخبرة الإسرائيلية في تحلية المياه المغرب على معالجة شح المياه. يدعم مستثمرو الخليج الشركات الناشئة الإسرائيلية في مجال التكنولوجيا الطبية والذكاء الاصطناعي. وقّعت الإمارات والبحرين العديد من مذكرات التفاهم الثنائية مع إسرائيل، وأصبحت الرحلات الجوية المباشرة بين تل أبيب ودبي أمرًا روتينيًا. “وخلف ذلك تكمن أنابيب النفط وأنظمة الرادار”، يقول المتخصص في التمويل العالمي والجغرافيا السياسية. معتبر أن الاتفاقيات عززت تكتلًا استراتيجيًا أمريكيًا لموازنة النفوذ الإيراني. خدمة لهذا المشروع الأميركي، تكثّفَ تبادل المعلومات الاستخباراتية بين إسرائيل والخليج، “وجاءت مغازلة السودان الوجيزة للتطبيع على حساب تخفيف العقوبات، وارتفعت مشتريات الدفاع من واشنطن بشكل حاد بعد توقيع الاتفاقيات”. وفي استكمال الحديث عن مصالح الولايات المتحدة المباشرة من هذه الاتفاقيات، يعتبر الكاتب أن جو بايدن عندما وصل إلى البيت الأبيض اضطُرّ إلى التعامل مع هذه الاتفاقيات والسير بها، وذلك كان “من باب الضرورة. فمع زعزعة استقرار أسواق الطاقة العالمية وتوسّع نفوذ الصين في المنطقة، كانت واشنطن بحاجة إلى انتصارات، وقد وفّرت لها الاتفاقيات هذه الانتصارات”. مع تفعيل النقاش حول التطبيع بين الكيانين السعودي والإسرائيلي، يشير الكاتب إلى أن “مقترح معسكر ترامب “لإعادة تطوير غزة” بموجب خطة تقودها الولايات المتحدة – تركز على البنية التحتية لا السيادة – يُهدد بعزل الرياض وزيادة تهميش التطلعات الفلسطينية. لا يزال ولي العهد محمد بن سلمان حريصًا على تحديث المملكة العربية السعودية، لكنه لا يستطيع تجاهل المشاعر الشعبية، التي لا تزال متعاطفة بشدة مع القضية الفلسطينية.” مستخلصا أن ” التطبيع السعودي سيُحدث تغييرًا دبلوماسيًا جذريًا، ولكن ليس دون ثمن. فإذا استمر دون تحرك حقيقي بشأن الحقوق الفلسطينية، فقد يجعل الاتفاقيات غير قابلة للاستدامة هيكليًا: طموحة في نطاقها، وجوفاء في جوهرها.” وفي سياق معالجته لنقاط ضعف هذه الاتفاقيات، يقول: “تظل المفارقة المحورية في الاتفاقيات قائمة: فهي تُطبّع المنطقة دون أن تُعالج أكثر سماتها شذوذًا – الاحتلال المستمر.. ومع وجود علاقات دبلوماسية بين دول الخليج وإسرائيل تقلصت الجغرافيا السياسية لفلسطين حتى مع ازدهار التجارة الإقليمية بين إسرائيل والدول المطبعة”، في إشارة إلى انتفاء أي إفادة تخدم الحقوق الفلسطينية. أما بشأن ما اعتبره تعددا في الأقطاب في الشرق الأوسط، يذكر هوبر أنه رفم ما عززته واشنطن من تحالفات لها في الشرق الأوسط من خلال التطبيع، في الوقت نفسه كانت بكين توسّع بهدوء نطاق نفوذها، متوسطةً في تحسين العلاقات بين إيران والسعودية، ومُنفقةً مليارات الدولارات في مشاريع البنية التحتية الخليجية في إطار مبادرة الحزام والطريق. هنا يثير الكاتب ما يصفه بالتساؤلات المُقلقة: “هل لا تزال الولايات المتحدة هي المهندس الأساسي لنظام الشرق الأوسط؟ أم أنها أصبحت مجرد أحد رعاة هذا النظام؟ إذا كان التطبيع مشروطًا بالدبلوماسية الأمريكية وصفقات الأسلحة، فإن تعدد الأقطاب في الشرق الأوسط قد يُضعف تأثير الاتفاقيات مع مرور الوقت”. مشيرا إلى أن “السلام” المبني على المقاييس الاقتصادية والدبلوماسية الذكية وحدهما لا يدوم، ولعلّ “الابتكار الأعظم الذي أحدثته الاتفاقيات – التطبيع دون حل الدولتين – هو أيضًا نقطة ضعفها”. خاتما مقاله بالقول: “مع تزايد اهتمام ترامب بالسعودية، وتودد الصين إلى الدول المتأرجحة في المنطقة، يدخل الشرق الأوسط عصراً دبلوماسياً جديداً ــ فوضوياً، ومتعدد الأقطاب، ومتزايد الاعتماد على المعاملات. قد تتطور اتفاقيات إبراهيم إلى إطار مستدام للتعاون الإقليمي. ولكن ما لم تُفسح هذه الاتفاقيات المجال للفلسطينيين، والشمولية السياسية، والتوازن متعدد الأطراف، فإنها تُخاطر بأن تصبح ما لطالما امتلأت به الصحراء: سراب، يُغري بالوعود، لكن يصعب الوصول إليه”.