خالد بن سلمان في طهران: محاولة لتحييد القواعد الأميركية من جنون الحرب

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 832
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

التقى “وزير الدفاع السعودي” خالد بن سلمان، الخميس، المرشد الإيراني الأعلى السيد علي خامنئي، وسلّمه رسالة من محمد بن سلمان. ووصل بن سلمان العاصمة الإيرانية طهران على رأس وفد عسكري، لبحث العلاقات الثنائية وقضايا ذات الاهتمام المشترك. وقالت وكالة الأنباء الإيرانية في وقت سابق من الخميس، إن وزير الدفاع السعودي يزور طهران على رأس وفد عسكري رفيع المستوى، تلبية لدعوة من رئيس هيئة الأركان العامة محمد باقري. وأضافت الوكالة أن بن سلمان سيلتقي باقري إضافة إلى عدد من المسؤولين السياسيين والأمنيين الإيرانيين. وخلال لقائه السيد الخامنئي، أكد المرشد الأعلى أنّ العلاقات بين البلدين يمكن أن تكون «مفيدة» لكليهما، مشدّداً على أنّ طهران والرياض قادرتان على “التكامل”. ولفت إلى أنّ هناك “أعداءً لتوسيع العلاقات بين طهران والرياض”، داعياً إلى تجاوز هذه المحاولات العدائية. كما أعلن “استعداد إيران لمساعدة السعودية في بعض المجالات التي حقّقت فيها طهران تقدُّماً ملحوظاً”، معتبراً أنّه “من الأفضل للأشقّاء في المنطقة أن يتعاونوا ويساعد بعضُهم بعضاً بدلاً من الاعتماد على القوى الخارجية”. وفي موازاة ذلك، نقل مكتب المرشد عن وزير الدفاع السعودي، قوله، خلال اللقاء، إنّه “قدِم إلى طهران مكلّفاً بتعزيز العلاقات مع إيران والتعاون في جميع المجالات”، وأعرب عن أمله في أن “تفضي المحادثات البنّاءة إلى علاقات أقوى من تلك التي كانت قائمة في الماضي”. وتُعد زيارة ابن سلمان هي الثانية التي يجريها “مسؤول دفاعي سعودي” إلى إيران منذ استئناف البلدين علاقاتهما الدبلوماسية في أيلول/سبتمبر 2023. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، أجرى رئيس هيئة الأركان العامة السعودي فيّاض بن حامد الرويلي، زيارة إلى طهران بدعوة من نظيره الإيراني وبحثا “فرص تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين في المجال العسكري والدفاعي، بما يسهم في تعزيز الأمن والاستقرار بالمنطقة”. وفي موازاة ذلك، يُنظر إلى زيارة خالد بن سلمان إلى طهران باعتبارها تطوّراً لافتاً يحمل دلالات سياسية مهمّة، خصوصاً أنها تتزامن مع اقتراب موعد الجولة الثانية من المحادثات الأميركية – الإيرانية في روما، غداً. وتعكس ميلاً سعودياً واضحاً إلى اعتماد التفاوض والدبلوماسية سبيلاً لمعالجة الأزمة النووية الإيرانية، بدلاً من خيار التصعيد العسكري الذي تدفع إليه إسرائيل. كما تعكس خوفا حقيقيا من تحويل القواعد الأميركية في “السعودية” إلى هدف عسكري في أي تصعيد عسكري مقبل في المنطقة. يذكر أنه في أيلول/ سبتمبر 2023، عاد التمثيل الدبلوماسي بين “السعودية” وإيران، لأول مرة منذ قطع العلاقات بين الرياض وطهران في 2016 على خلفية إعدام النظام السعودي للشيخ نمر باقر النمر، لتتجمد خطوط الاتصال السياسية ويشتد وقع المواجهة غير المباشرة في ساحات إقليمية عدة، أبرزها اليمن وسوريا ولبنان. ولم تقف التوترات عند حدود التصريحات والمواقف السياسية، بل تجاوزتها إلى وقائع ميدانية شديدة الحساسية، كان أبرزها الهجمات التي استهدفت منشآت أرامكو السعودية في سبتمبر 2019، والتي ألقت بظلالها على أسواق الطاقة العالمية وأثارت قلقاً بالغاً في الأوساط الدولية، وسط اتهامات غير مباشرة لإيران بالضلوع في تلك الهجمات، رغم نفي طهران المتكرر إزاء حالة الاحتقان المتصاعدة، ظهرت خلال عام 2021 إشارات أولية على رغبة مشتركة في تخفيف التوتر، حيث رعت العاصمة العراقية بغداد سلسلة من الاجتماعات السرية جمعت وفوداً أمنية ودبلوماسية من السعودية وإيران. ورغم التكتم الذي أحاط بهذه المفاوضات، فإن التسريبات التي توالت أكدت وجود مساعٍ جادة لرأب الصدع وإعادة خطوط الحوار بين البلدين. وفي مارس 2023، جاء الإعلان المفاجئ من العاصمة الصينية بكين ليشكل نقطة تحول محورية في مسار العلاقة، حيث توصّل الجانبان إلى اتفاق يقضي باستئناف العلاقات الدبلوماسية وفتح السفارات بعد قطيعة امتدت قرابة سبعة أعوام، وذلك برعاية مباشرة من الصين، التي أبدت استعدادها للعب دور الضامن للتفاهمات بين الطرفين. أعقب الاتفاق خطوات متسارعة تمثلت في تبادل السفراء، وإطلاق حوارات أمنية حول استقرار منطقة الخليج، إلى جانب تنسيق لافت في عدد من الملفات الإقليمية، وفي مقدمتها الأوضاع في اليمن وملف أمن الملاحة في مضيق هرمز. وبالتوازي، تراجعت حدة الخطاب الإعلامي المتبادل بين الرياض وطهران، لصالح خطاب براغماتي يركز على المصالح المشتركة وأهمية استقرار المنطقة، خصوصاً مع تبني “السعودية” لأسلوب الحرب الناعمة، الأخير الذي يعدّ أسلوبا تتعاطاه الرياض في أوقات الأزمات والتحولات، أو لمنع تلك الأزمات والتحولات من التأثير عليها، وهو الوضع الذي آلت إليه المنطقة منذ السابع من أكتوبر وما تلا ذلك التاريخ من تغيرات في وجه المنطقة. ورغم أن استئناف العلاقات الدبلوماسية شكل تطوراً في مسيرة العلاقات الثنائية، إلا أن ملفات عديدة تظل عالقة وتشكل اختباراً حقيقياً لصمود التفاهمات، في مقدمتها ملف النفوذ الإيراني في اليمن ولبنان، ومستقبل التوازن العسكري في منطقة الجزيرة العربية، إلى جانب تطورات البرنامج النووي الإيراني، الذي ما زال يثير قلق العواصم الخليجية والمجتمع الدولي.