“السعودية”وتسييس الشعائر: ترحيل صحفيين إيرانيين

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 614
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

يمضي النظام السعودي في اتباع سياسة توظيف الحج كورقة ضغط سياسية، ومع اقتراب موعد الحج لهذا الموسم، أقدمت القوات الأمنية السعودية، مؤخرا، على ترحيل ستة صحفيين إيرانيين كانوا قد دخلوا البلاد لتغطية موسم الحج، في خطوة تعكس استمرار التوتر بين الرياض وطهران رغم استئناف العلاقات الدبلوماسية. وبحسب ما نقلته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إرنا”، فإن الصحفيين يعملون لصالح هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية الرسمية، وقد تم احتجازهم لفترة وجيزة أثناء إقامتهم في أحد الفنادق في “السعودية”، حيث جرى مصادرة معداتهم الإعلامية قبل إخضاعهم للتحقيق ومن ثم ترحيلهم. ولم توضح الوكالة أسباب توقيف الصحفيين أو تفاصيل الاتهامات الموجهة إليهم، فيما التزمت “السعودية” الصمت ولم تصدر حتى اللحظة أي بيان رسمي بشأن الواقعة. يذكر أنها ليست المرة الأولى التي يمارس النظام السعودي انتقائيته السياسية في الموسم الديني، حيث أقدم النظام في الموسم الماضي على اعتقال أعضاء من المجموعة الإعلامية للبعثة الإيرانية في المدينة المنورة أثناء قيامهم بتسجيل تلاوة القرآن الكريم في المسجد النبوي، وبعد عدة ساعات من الاستجواب، تم نقلهم إلى مركز احتجاز الشرطة المركزي بالمدينة المنورة دون الإعلان عن السبب. وبعدها بيومين، عادت الشرطة واعتقلت صحفيَّين اثنين، أحدهما مراسل من قناة العالم والثاني مراسل من هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيراني (صدى وسيما)، عند ارتجالهما من السيارة قاصدين الفندق الذي يقيم فيه الحجاج الإيرانيون، للمشاركة بدعاء كميل. ووفقا لما أكدته وكالة الأنباء الرسمية فلم يُقدم أي من الصحفيين على القيام بأي تصرف خارج عن المألوف عند اعتقالهما. وفي اليوم نفسه، استدعت الشرطة السعودية واعتقلت صانع أفلام وثائقية إذاعية من فندقه في المدينة المنورة. وبعد احتجاز دام قرابة الأسبوع، تم إخلاء سبيل المجموعة الإعلامية المؤلفة من ستة أشخاص، ورُحّلوا إلى مطار دبي قبل أن يقلّهم طيران إيراني إلى إيران دون أن يُبلّغوا بخلفيات الإعتقال أو دوافعه مع تكتّم معتاد من قِبل السلطات السعودية. أكد رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية پیمان جبلی، حينها، أن المرحّلين الستة كانوا في مهمة إعتيادية خلال مراسم الحج ضمن المجموعة الإعلامية للبعثة الإيرانية، حيث تكون مهمتهم نقل الأجواء الروحانية في الأماكن المقدسة، وتابع “وهذا ما حصل هذا العام أيضاً، حيث زارت مجموعات مختلفة من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة بيت الله الحرام تحت عنوان “رسالة الجمهورية الإسلامية”. ليست المرة الأولى التي تحرم فيها “السعودية” أبناء عدد من الدول من أداء مناسك الحج والعمرة، فقد أغلقت سابقا أبواب بيت الله الحرام أمام الحجاج لأسباب سياسية، مثل مواطني دول قطر، سورية، اليمن، الكويت، مصر، البدون واللاجئين الفلسطينيين. ولعلّ ما تخشاه السلطات السعودية قابع في الكلمات الثلاث الأخيرة، “رسالة الجمهورية الإسلامية”، في ظل التخوف المُعلن من قِبل النظام السعودي من أن يكون الحج فرصة لالتقاء أجيال الثورة الإسلامية بالحجاج “السعوديين” الذين فُرض على عقولهم الحجب، مع تحوّل مراسم الحج إلى أداة انتقامية بيد “النظام السعودي” تنكّل بالساعين لأداء فرائض الله. في الوقت الذي يدّعي فيه آل سعود نبذهم لأي مظاهر أو شعارات يدّعون أنها “سياسية” تحت حجج عدم تسييس الفرائض، فيمنع النظام حرية تأدية الحجاج لمسيرة البراءة، وكذا من حرية أداء مناسكهم وعباداتهم وفق عقائدهم ومذاهبهم بحجة عدم التسييس نفسها، لكنهم في الوقت نفسه يُمسكون بمفاصل تنظيم مراسم الحج والعمرة، ويستغلونه لاصطياد المعارضين أو المتجرئين على القوانين السعودية الخاصة بمنع الشعارات الدينية خلال تأدية المناسك. يستغلّ “النظام” سلطته القهرية على مراسم الحج باعتبارها أداة دبلوماسية لتزخيم العلاقات مع دول وجهات سياسية بعينها مقابل التضييق على حصة دول وجهات أخرى تعاديها، في تسييس واضح للتوزيع. بالمقابل، يتم التعامل بازدواجية فاضحة من داخل الحرم المكي، إذ يسمح بالتجاوزات من داخل الحرم دون أي رادع سيما على مستوى التصرفات الخارجة عن إطار الأخلاق. تمثّلت أحد أهم أشكال الانتهاكات في امتناع السلطات عن إصدار تأشيرات الحج والعمرة للنشطاء والعلماء والأكاديميين والمثقفين والمفكرين والإعلاميين وغيرهم من مختلف الفئات الاجتماعية والثقافية، الذين يختلفون مع السلطات “السعودية” في الرؤى والمواقف السياسية أو الفكرية، حيث كان لهذا التضييق على إعطاء تراخيص الحج تناقضا مع دعوة السلطات الحصول على التصريحات. كما أن أصل فكرة تصريح الحج لقت انتقادات عديدة، خاصة أن السعودية لم تبخل على ميزانيتها باستقبال الأشخاص الذين يتقدمون للحصول على فيزا سياحية، حتى لو كانت تعلم علم اليقين أن أكثر من نصف المتقدمين للحصول على هذه التأشيرات لا ينوون قصد حفلات الفجور التي تنظمها السلطات بل هم ممن لم يتمكنوا من الحصول على هذا التصريح إما بسبب القيود التي وضعتها السعودية أمام أعداد المسموح لهم أداء الفريضة أو بسبب ارتفاع تكاليف الحج وصولا للعشرة آلاف دولار وأكثر في بعض الدول مقارنة مع دخول بلاد الحرمين بالتأشيرة السياحية.