شهادات حديثة مروّعة من مهاجرين ناجين من رصاص حرس الحدود السعودي

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 56
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

قصص مروّعة يخبرها المهاجرون الساعون عبور الحدود “السعودية”- اليمنية، والناجين من رصاص قوات الحرس الحدودي، عن فظائع شهدوها وخَبِروها كيف يفلت هؤلاء الحرس كما السلطات السعودية من العقاب. تحدّث مؤخرا عدد من المهاجرين الأثيوبيين عن أصناف الإجرام الذي عايشوه خلال رحلتهم الشاقة، وأبرز هذه الشهادات تفيد بتعمّد قوات الحرس الحدودي السعودي قتلهم، إلى جانب التعذيب النفسي الذي يمارسونه عليهم. من الشهادات التي تحدثت إلى صحيفة “ذا غارديان” البريطانية، مهاجرون إثيوبيون حاولوا العبور من اليمن بين عامي 2019 و2024 قالوا إنهم تعرضوا لإطلاق نار من مدافع رشاشة وشاهدوا جثثًا تتعفن في منطقة الحدود. وقال أحد الإثيوبيين، الذي حاول العبور ليلاً إلى منطقة نجران في شبه الجزيرة العربية مع عشرات آخرين في عام 2022: “لقد رأيت نفسي محاطاً بثلاثة أشخاص يموتون بجواري. لقد طار أحد ساقاي بنيران السعوديين. كانت هناك أشلاء من الجرحى والقتلى من حولي”. وتحدث مهاجر آخر عن إصابته بشظايا في ساقه وظهره. وأفاد مهاجر ثالث أنه شهد اغتصاب ثلاث نساء إثيوبيات على يد رجال يرتدون زي حرس الحدود السعودي. كما تحدّث آخرون عن الضرب والاعتداء الجنسي. وقال أحد المهاجرين حاول العبور في يناير/كانون الثاني 2023: “كانت الرحلة مرعبة بشكل خاص. على طول الطريق، واجهنا العديد من الجثث المتحللة التي أكلتها الحيوانات. واصل حرس الحدود إطلاق النار علينا أثناء سيرنا عبر تضاريس خطيرة”. أمام ندرة التقارير التي تسلّط الضوء على الإجرام الذي يُمارس ضد المهاجرين على الحدود، تقرير حقوقي شبه يتيم سبق أن أعدّته منظمة “هيومن رايتس ووتش” في آب عام ٢٠٢٣، أثبتت فيه أن حرس الحدود السعوديين قتلوا “مئات المهاجرين وطالبي اللجوء الإثيوبيين” على الحدود الجنوبية مع اليمن من مارس/آذار 2022 إلى يونيو/حزيران 2023 “بنمط واسع النطاق ومنهجي” باستخدام البنادق والأسلحة المتفجرة. وخلصت المنظمة إلى أن هذه الأفعال قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية. وقد وثقت هيومن رايتس ووتش حادثة واحدة عندما أطلق حرس الحدود السعوديون النار على رجل إثيوبي رفض اغتصاب فتاتين بعد أن نجت مجموعتهما من هجوم بأسلحة متفجرة. ثم أجبروا صبيًا مراهقًا على اغتصاب الفتاتين، وفقًا لهيومن رايتس ووتش. وفي حادثة أخرى، طلب حرس الحدود السعوديون من المهاجرين الإثيوبيين اختيار الجزء الذي يفضلون إطلاق النار عليه من أجسادهم قبل إطلاق النار عليهم من مسافة قريبة. وقالت نادية هاردمان، مشاركة في تقرير هيومن رايتس ووتش: “هناك ثقافة كاملة من الإفلات من العقاب وعدم المساءلة على الحدود. من المستحيل معرفة النطاق الحقيقي لعمليات القتل. لا أحد لديه إمكانية الوصول المستقل إلى هذه المناطق. إنها في الأساس محظورة”. قالت نادية هاردمان، الباحثة في حقوق اللاجئين والمهاجرين في هيومن رايتس ووتش: “في هذه المنطقة الحدودية النائية بعيدا عن أنظار العالم، يقتل المسؤولون السعوديون مئات المهاجرين وطالبي اللجوء. إنفاق المليارات على شراء بطولات المحترفين للغولف، ونوادي كرة القدم، وفعاليات ترفيهية لتحسين صورة السعودية ينبغي ألا يصرف الانتباه عن هذه الجرائم  المروعة”. كأحد ننائج هذا التقرير، أعلنت وزارة الداخلية الألمانية، عام ٢٠٢٣، عن إلغاء برنامج تدريب قوات الحدود السعودية بعد تورط الأخيرة في جريمة قتل جماعي للمهاجرين وطالبي اللجوء على الحدود السعودية اليمنية، بينهم نساء وأطفال. وبحسب البيان أوضحت الداخلية الألمانية أن هذا القرار جاء بسبب رغبتها في عدم الاشتراك في جرائم حقوقية محتملة في حال استمر التعاون مع هذه القوات. بيان الخارجية الألمانية أتى ردّت على صحيفة الغارديان، التي كشفت، بأن قوات حرس الحدود السعودي المتورطة بقتل مئات الأشخاص الذين حاولوا عبور الحدود اليمنية السعودية، تلقت تدريباً من ألمانيا والولايات المتحدة. تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية، حاولت التملص من جريمة قتل المئات من المهاجرين على الحدود اليمنية السعودية، محملة حليفتها السعودية المسؤولية كاملةً عن هذه الجرائم. وزعمت وزارة الخارجية الأمريكية أن حرس الحدود البرية المتورطين بالجرائم، لم يتلقوا أي تمويل أو تدريب من الحكومة الأمريكية، في حين أن تقرير الغارديان يثبت زيف المزاعم الأمريكية. فيما أكد تقرير لصحيفة نيويورك تايمز، أن واشنطن كانت على عِلم بالجرائم الوحشية التي ارتكبها، وما زال يرتكبها النظام السعودي بحق المهاجرين على الحدود اليمنية. أهمية هذه القضية تكمن بالدرجة الأولى بالأعداد الكبيرة لسالكي طريق الموت هذا، ففي حين يتواجد حوالي 750 ألف مهاجر إثيوبي داخل “السعودية”، يُقَدَّر أن أكثر من نصفهم دخلوا البلاد عن طريق هذه المسارات غير شرعية. إلى ذلك، وبين عامي 2022 و2023، ارتفع عدد الإثيوبيين الذين يقومون بهذه الرحلة الخطيرة بنسبة 32٪ ليصل إلى 96670، وفقًا للأمم المتحدة. ويجزم المتابعون لهذا الملف أن “السلطات السعودية” لن تتراجع عن سلوكها الهمجي هذا طالما أن الحكومات الغربية- التي تمنحها الكثير من الامتيازات- لا ترسل رسالة لهذه السلطات مفادها أنها لن تتسامح مع هذه الانتهاكات. من هنا يمكن الجزم بأن أب تحرّك تبادر إليه المنظمات أو الاعلام الغربي إنما هو بهدف الضغط على المؤسسات الدولية والحكومات الغربية التي تتدعي حرصها على حقوق المستضعفين، بهدف حثّها على الضغط على السلطات السعودية لتغيير مسارها حفاظاً على سمعة الشراكة التي تربط الطرفين. نسرد “ذا غارديان” في تحقيقها شهادة أحد الأثيوبيين الذي حاول العبور عبر اليمن داخل “السعودية” بحثا عن عمل، لكن كل ما حصل عليه هو حفنة من الذكريات المؤلمة التي لا تختلف عن ما عايشه خلال الحرب التي فرّ من ويلاتها في بلده. ويسرد: “لقد رأيت العديد من الجثث على طول الطريق.. طوال الرحلة، كانت هناك جثث: خمس جثث في مكان واحد، واثنتان أو ثلاث جثث في مكان آخر. كان هذا أمرًا طبيعيًا. كانت هناك جثث حديثة لأشخاص قُتلوا مؤخرًا. وكانت هناك جثث كانت هناك لفترة من الوقت، وكانت في حالة تحلل سيئة. وكانت بعضها عبارة عن هياكل عظمية”. وقال إنه رأى كاميرات على الحدود، ويعتقد أن حرس الحدود السعوديين استخدموها لرصد تحركات المهاجرين. وقد تم اعتقاله وترحيله قسراً إلى إثيوبيا.  أحد المهاجرين وصف محاولته عبور الحدود أربع مرات من عام 2021 إلى عام 2023 وإطلاق النار عليه، وفي مايو/أيار 2023، تم احتجاز مجموعته – ومعظمهم من النساء – عند أحد المراكز الحدودية. وقال إن الحراس اغتصبوا ثلاث نساء في أحد المباني. “بعد عمليات الاغتصاب، دفعنا حرس الحدود إلى الوراء، لنضطر على إثرها للعودة أدراجنا إلى اليمن”. وبعد ذلك كانت محاولته الرابعة التي نجح فيها بالدخول الى ”السعودية” ويعمل ليرسل معظم معاشه إلى عائلته. ويعبّر كيف أنه يعيش في خوف دائم نتيجة دخوله غير الشرعي: “لا أستطيع أن أقول إنني أعيش حقًا، لأنه في أي لحظة، قد تأتي السلطات السعودية وتعتقلني أو حتى تقتلني. لا أستطيع النوم بسلام. أخشى دائمًا ظهورهم. أستطيع أن أقول حقًا إن الحياة هنا في السعودية جحيم على الأرض”. يُلحظ أن تناول قضية الجرائم التي يرتكبها حرس الحدود بحق المهاجرين بدأت تظهر لأول مرة عام 2020، وتزايدت في الفترة بين العامين 2022-2023. وقد حظي الملف باهتمام واسع النطاق على خلفية تقرير “هي من رايتس ووتش” الموسّع حول الأمر، استندت فيه إلى صور الأقمار الصناعية، وصور الوفيات الناجمة عن أكثر من 20 حادثة، وشهادات الشهود من قبل الناجين، وفحص خبراء الطب الشرعي لجروح الناجين، كوّنت عبرها هيومن رايتس ووتش صورة مقنعة ومروعة لحملة متصاعدة من العنف الشديد تستهدف الأشخاص الذين يحاولون العبور إلى الحدود السعودية. ووصفت نادية هاردمان، الباحثة الرئيسية في هيومن رايتس ووتش المعنية بالتقرير، النتائج التي توصلت إليها بأنها “فاحشة”. وقال هاردمان: “أنا أغطي أحداث العنف على الحدود، لكنني لم أصادف قط شيئاً من هذا النوع، أي استخدام الأسلحة المتفجرة، بما في ذلك ضد النساء والأطفال”.