نسب بطالة مزيّفة تروّج لها رؤية 2030
يكشف تحليل حديث عن التحديات النظامية العميقة التي تقع أمام هدف “السعودية” المزعومة عن جعل نسبة البطالة في البلاد تصل إلى 5% عام 2030. يرى التحليل المنشور في موقع SEMAFOR الأميركي، أن واقع إنشاء “السعودية” عشرات الشركات ومئات الآلاف من الوظائف تبعا لذلك، بالتوازي مع ما ضخه صندوق الاستثمارات العامة وحده من مئات المليارات من الريالات سنويا في الاقتصاد المحلي، مما ساهم بدوره في خلق أكثر من 500 ألف فرصة عمل، هو واقع يشير إلى أن العديد من الوظائف الجديدة توجد في مؤسسات غير ربحية أو شركات ناشئة مملوكة للحكومة، وهو ما يتنعكس إيجابا في إحصاءات التوظيف، ولكن الشركات تفتقر إلى مسار واضح للإيرادات والربحية في غضون عقد من الزمان. ويقع عبء الحفاظ على هذه الوظائف بالكامل على عاتق وزارة المالية وصندوق الاستثمارات العامة، وهو ما يخلق مسؤولية طويلة الأجل للدولة. يكمل المقال المنشور على الموقع الأميركي تحليله لاستنتاج أن العبء الأساسي لتوفير الوظائف يقع على عاتق الدولة، بالقول أن التوسع السريع في التوظيف الحكومي أدى إلى خلق فجوة كبيرة في الأجور بين القطاعين العام والخاص: فالوظائف الحكومية، ذات الرواتب الأعلى والمزايا الأفضل، جعلت من الصعب على أصحاب العمل في القطاع الخاص اجتذاب أفضل المواهب، وهو ما يهدد بدوره القدرة التنافسية للقطاع الخاص – والتي، وفقا للتحليل، يجب تعزيزها لتحقيق أهداف التنويع الاقتصادي في إطار رؤية 2030. وعليه، فإن القطاع الخاص –الذي تقول السلطة أنه يشكل ركيزة أساسية متوقعة لـ”السعودية” الجديدة- يواجه خطر التهميش. وفي غياب سوق عمل تنافسية، سوف يكافح القطاع الخاص لدفع عجلة الابتكار والإنتاجية وخلق فرص العمل المستدامة. التحليل، المُعدّ من قِبل المحلل المستقل المتخصص في منظمة أوبك والاقتصاد السعودي، وائل مهدي، اعتبر أن حلول “الدولة” هي حلول قصيرة الأمد وهو ما يهدد بشكل جدّي مزاعم نسبة البطالة التي تتوخى الوصول إليها عام 2030 -5%- حيث أن نجاحه يعتمد على أكثر من مجرد تحقيق الأهداف الرقمية، كما ولن يقاس التحول الحقيقي في “السعودية” بعدد الوظائف التي يتم خلقها، بل بعدد الوظائف التي لا تزال قابلة للاستمرار بعد عقد من الزمان. موضحا أن “الحكومة السعودية” تفرط في توظيف العاملين في وظائف تفتقر إلى إمكانات واضحة للإيرادات، حيث يتعين على المؤسسات والشركات الجديدة أن تحقق الاستدامة المالية في غضون خمس سنوات. كما أنه “لابد من تضييق الفجوة في الأجور بين القطاعين العام والخاص”، و”لابد وأن تترجم استثمارات الصندوق السيادي والمبادرات الأخرى إلى نمو في القطاع الخاص”. التحليل لم يتطرّق إلى حقيقة أن العديد من المشاريع التي كانت رؤية 2030 تستند عليها في تحديد نسبة البطالة التي تتوقع الوصول إليها عام 2030، لم تبصر النور: مثال على ذلك مشروع “الطحالب” من المشاريع الوهمية التي كان يفترض به توفير 200 ألف وظيفة منها 30 بالمئة للمرأة، عقب ثلاث سنوات من تنفيذه. وذلك بحسب المهندس أحمد البلاع، رئيس “مجلس الجمعية السعودية للاستزراع المائي”، الذي أوضح أثناء إعلان المشروع في ديمبر 2017، أن أحد الأهداف الأساسية لمشروع الطحالب يتركز في إنتاج كتلة الطحالب الحيوية بغرض إحلالها مكان مسحوق السمك، الذي يعتبر ذا قيمة غذائية عالية للأسماك. كما يشكل التخرج الجامعي للشباب “السعودي” خارج البلاد تحديا إضافيا بالنسبة للسلطات السعودية، ففي السنة الواحدة يتم ابتعاث 200 ألف مواطن إلى أميركا وأوروبا من أجل الدراسة، جميعهم سينضمون عند عودتهم لمئات الآلاف من العاطلين في “السعودية”، ليمثلوا معدلات بطالة متضخمة بلغت مستوياتٍ مقلقة. كثيرة هي الدراسات التي تشير إلى مدى ضعف وهشاشة رؤية ولي العهد محمد بن سلمان 2030 في القضاء على البطالة داخل “المملكة” النفطية، إذ تتكشفت بالأرقام والاحصائيات مدى ارتفاع معدل البطالة بشكل كبير (خلال السنوات الماضية)، وذلك بدلا من القضاء عليها أو الحد منها، وعلى وجه التحديد أن “رؤية 2030” هدفها التّصدي بحزم شديد لأزمة البطالة وتعتبرها من أولويّاتها نظراً لتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والسّياسية والأمنية الخطيرة، إلا أن هذه الأهداف شكلية لا ترقى إلى مستوى التطبيق. وسبق لهيئة الإحصاء أن قاممت بتزوير نسب البطالة، وسبق للناشط يوسف الأوسي، أن تناول موضوع التزوير هذا بسلسلة تغريدات له تعليقا على ما نشرته الهيئة حول الأمر، خلال العام الفائت. اعتبر الأوسي بأنه حتى يحدث الانخفاض من 9.9% إلى 8%، حصل تلاعب في أرقام العدد الكلي في قوة العمل، ما يسمح بانخفاض معدل البطالة كالتالي: وبيّن أن أرقام الاحصاء أطهرت أنه في الربع الثالث من العام الماضي، 2022، بلغت نسبة البطالة لدى الإناث 20.5%، وعدد المشتغلات على رأس العمل بلغ (1417858). في المقابل، بلغت نسبة البطالة بين الإناث في الربع الرابع من العام 2022، 15.4% وعدد المشتغلات على رأس العمل (1470561). ووفق الأوسي إن هذه الأرقام تدل على ارتفاع عدد المشتغلات من الإناث بين الفترتين الزمنيتين إلى 52703 مشتغلة جديدة. ويظهر أن البطالة بين الإناث انخفضت، بحسب الاحصاء، من 365804 إلى 267936 ما يعني هناك 97 ألف و 868 لم تعدن عاطلات عن العمل. ما ورد، يبرز التلاعب بالأرقام لناحية عدم واقعيتها. ما دفع الأوسي إلى التساؤل عن اختفاء 45 ألف 165 فتاة، باعتبارهن لم يعدن عاطلين عن العمل ولم يشتغلن. لافتا إلى أن نسبة 1.1% جرى تخفيض نسبة البطالة بها. وأضاف متسائلا ” أين يمكن اخفاء ٤٥,١٦٥ فتاة في المملكة للتلاعب في البطالة؟”.