الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان| حُجّة الأمن: أداة السعودية لتتوسع في استخدام القتل

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 251
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

في اليوم العالمي لمناهضة الإعدام، المُصادف للعاشر من شهر أكتوبر، تقع “السعودية” في المرتبة الثالثة عالميا في قائمة الدول الأكثر تنفيذاً لحكم الإعدام، من أصل ٥٥ دولة لا تزال تحتفظ بعقولة الإعدام. أصدرت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان بمناسبة هذا اليوم، تقريرا رأت فيه أن الاتجاه التصاعدي لأرقام الإعدامات المنفذة في السعودية، إلى جانب التحورات في تبريرات هذه الإعدامات واتساع نطاق استخدامها تؤكد أنها بعيدة جدا عن التوجه العالمي في اليوم الدولي، وأنها تتخذ مسارا معاكسا يكرس الانتهاكات والدموية. وفيما يخصص اليوم العالمي لعام 2024، “لمكافحة التصور الخاطئ بأن عقوبة الإعدام تستطيع أن تعزز أمن الأشخاص والمجتمعات”، تعمد “السعودية” إلى تبرير الإعدامات التي تنفذها بعبارات فضفاضة تستخدم فيها الأمن كحُجّة في مختلف التهم وأنواع العقوبات التي تفرضها. وفي حين تعلن السعودية عن تنفيذ الإعدامات في بيانات تصدرها وزارة الداخلية، تشير المنظمة إلى أن تتبع هذه البيانات تظهر أن الوزارة تكرر العبارات نفسها في محاولة لإثبات الأهداف من الإعدامات. فيما ييتعلق بالاعدامات التي تطمغها بتهم “الإرهاب”، وجدت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن بيانات وزارة الداخلية تكرر في إعلاناتها عن الإعدامات التي تنفذ بناء على أحكام صادرة عن المحكمة الجزائية المتخصصة والتي تدمج فيها الحكومة السعودية بين متهمين سياسيين ومتهمين بالإرهاب، أنها تعلن عن تنفيذ الحكم “لتؤكد الحرص على استتباب الأمن وتحقيق العدل وقطع دابر كل من يحاول المساس بأمن الوطن أو تعريض وحدته للخطر، وأن العقاب الشرعي سيكون مصير كل من تسول له نفسه ارتكاب ذلك قطعًا لشره وردعًا لغيره”. تشير المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان إلى أن معظم الأحكام التي تنفذ بحق المعتقلين بتهم سياسية أو تهم تتعلق بالإرهاب، هي أحكام تعزيرية. وفيما يعتبر بيان الداخلية أن هذه الأحكام هي عقاب شرعي، أي أنه بناء على أحكام الشريعة الإسلامية، فإن الواقع هي أنها أحكام سياسية تبنى بناء على تقدير القاضي، ومن دون نص شرعي. وبحسب تحليل قامت به المنظمة، لعدد من صكوك أحكام معتقلين سياسيين، فإن القضاة المتخرجين من قسم الشريعة الإسلامية بالجامعات السعودية، يستخدمون لتسويغ الأحكام التي قد تصل إلى الإعدام نصوصاً دينية، من القرآن الكريم والأحاديث النبوية، ويطبقونها وفق مستوى متشدد من الفهم، مقارنة بمستويات وسطية أو مستويات متسامحة تمارسها مدارس إسلامية أخرى، أو يستدلون بنصوص لا علاقة لها بالتهم الموجهة للضحايا من أجل تبرير أحكامهم القاسية وإلباسها لبوساً دينياً. تضيف المنظمة أن “السعودية” تستخدم عبارة “المساس بأمن الوطن، وتعريض وحدته للخطر”، بشكل فضفاض، فبحسب تتبع المنظمة، تبدأ التهم التي قد تنضوي عليها هذه العبارة من الإساءة إلى العائلة المالكة، واستخدام وسائل التواصل وقد تصل إلى استخدام السلاح والقتل. هذا ورصدت المنظمة إعدامات جماعية، عمدت فيها السعودية إلى خلط التهم بهدف تشتيت الرأي العام، حيث تستخدم تبرير السياسات الأمنية للتأثير على الرأي العام، وتصنيف الأشخاص والمجموعات التي تعتبر مصدر خطورة. ففي يناير 2016 أصدرت وزارة الداخلية بيانا أعلنت فيه إعدام 47 شخصا بشكل جماعي، وفيما ادعى البيان أن هدف تنفيذ الأحكام: المحافظة على استتباب الأمن واستقراره، وتحقيق العدالة. تراوحت التهم التي ذكرها البيان بين التفجير واستخدام السلاح ما أدى إلى الوفاة التي وجهت إلى بعض المنفذ بهم الحكم، وصولا إلى إثارة الفتنة وتشجيع المظاهرات التي واجهها الشيخ نمر النمر وآخرون. إضافة إلى ذلك، في 12 مارس 2022 نشرت وزارة الداخلية السعودية بيانا أعلنت فيه إعدام جماعي طال 81 شخصا. البيان قال أن السعودية “لن تتوانى عن ردع كل من يهدد أمنها وأمن مواطنيها والمقيمين على أراضيها، أو يعطل الحياة العامة، أو يعوق إحدى السلطات عن أداء واجباتها المنوطة بها في حفظ أمن المجتمع ومصالحه”. وفي تدقيق للمنظمة في التهم التي قالت وزارة الداخلية أن المتهمين واجهوها، تبيّن لها أنها تنطوي على مروحة كبيرة، تتراوح بين: قتل رجال أمن واستهداف مباني، وصولا إلى إثارة الفتنة. إضافة إلى التهم، فإن استخدام الحُجّة الأمنية، وبالتالي القوانين الخاصة مثل قانون مكافحة الإرهاب، يسهل على السعودية انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. من بين ذلك تبرير السجن الانفرادي والإخفاء القسري، ما يتيح بشكل كبير استخدام التعذيب وسوء المعاملة، إلى جانب الحرمان من حقوق أساسية بينها الحق في الدفاع القانوني عن النفس. رصدت المنظمة هذه الانتهاكات بشكل واضح في العديد من القضايا. الإعدام بتهم القتل ووفقا لتقرير المظمة فإن “السعودية” تستخدم حجة الأمن ايضاً ضد المتهمين بجرائم قتل. تقول بيانات وزارة الداخلية في تنفيذ الأحكام قصاصا أو بحد الحرابة، بتهم القتل بأنها “تعلن عن ذلك لتؤكد للجميع حرص حكومة المملكة العربية السعودية على استتباب الأمن وتحقيق العدل وتنفيذ أحكام الشريعة الإسلامية في كل من يتعدى على الآمنين ويسفك دماءهم، وينتهك حقهم في الحياة، وتحذر في الوقت نفسه كل من تسوّل له نفسه الإقدام على مثل ذلك بأن العقاب الشرعي سيكون مصيره”. منذ بداية 2024، حتى 10 أكتوبر، نفذت السعودية 117 حكم إعدام بتهم تتعلق بالقتل، ما نسبته 55% من مجمل الإعدامات المنفذة. وفيما تقول السعودية أن هدف هذه الإعدامات استباب الأمن، فإنه لم تتوصل الدراسات العلمية إلى أي دليل على أن عقوبة الإعدام تشكل رادعًا للجريمة. على العكس فقد شهدت كثير من الدول انخفاضًا ملحوظًا في معدل القتل والجرائم العنيفة بعد إلغائها العمل بالعقوبة. وتشير المنظمة إلى أن النظام القضائي في السعودية يفتقر إلى مقومات العدالة، حيث كانت المنظمة قد وثقت انتهاكات جسيمة بحق معتقلين متهمين بجرائم قتل، بينهم عبد الله الحويطي، الذي أدين بعمر 14 عاما بالقتل، وذلك بعد تعرضه لتعذيب وسوء معاملة وحرمان من الحق في الدفاع الكافي عن النفس. الإعدام بتهم المخدرات لطالما توجهت العديد من المنظمات الحقوقية والدول خلال جلسات مجلس حقوق الانسان، بانتقاد “السعودية”إصرارها على تنفيذ أحكام الإعدام في تهم المخدرات. وفي عام 2024، ارتفع عدد الإعدامات المنفذة بتهم مخدرات في السعودية مقارنة بالعام 2023، 2850%. أتى هذا الارتفاع بعد تخبط رسمي في هذه العقوبة. ففي يناير 2021 نشرت هيئة حقوق الإنسان الرسمية السعودية بيانا، أعلنت فيه رسميا عن هذا التوقف، حيث قال رئيس هيئة حقوق الإنسان السابق، عواد العواد، أن السعودية أوقفت تنفيذ أحكام القتل بجرائم مخدرات بهدف “إعطاء الأفراد الذين يواجهون تهما غير عنيفة فرصة ثانية”. إلا أنها في نوفمبر 2022 عادت إلى تنفيذ أحكام القتل بهذه التهم بعد 22 شهرا من التوقف. تلفت المنظمة إلى أن السعودية تكرر في بياناتها الرسمية حُجّة الأمن لتبرير الإعدامات، حيث تقول وزارة الداخلية أن هدف الإعلان عن الأحكام تأكيد حرص الحكومة “على حماية أمن المواطن والمقيم من آفة المخدرات، وإيقاع أشد العقوبات المقررة نظاماً بحق مهربيها ومروجيها، لما تسببه من إزهاق للأرواح البريئة، وفساد جسيم في النشء والفرد والمجتمع، وانتهاك لحقوقهم، وهي تحذر في الوقت نفسه كل من يقدم على ذلك بأن العقاب الشرعي سيكون مصيره”. وفي هذا الإطار ترى المنظمة الأوروبية السعودية أن استخدام تبرير حماية أمن المواطنين لتنفيذ أحكام الإعدام بتهم مخدرات يناقض وعود الهيئات الحكومية بحد ذاتها التي صنفت هذه التهم ضمن التهم غير العنيفة. كما تشير المنظمة إلى أن شوائب جسيمة تحيط بمحاكمات المتهمين بالمخدرات، ففيما شكل الأجانب 78% من مجمل الأفراد الذين تم إعدامهم بتهم مخدرات في 2024، فإن تتبع بعض القضايا يؤكد تعرضهم لانتهاكات جسيمة بينها التعذيب والحرمان من الحق في الدفاع الكافي عن النفس، إضافة إلى المعلومات عن كون العديد منهم ضحايا للاتجار بالبشر. في اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن التخبط الذي شهدته السعودية خلال السنوات الأخيرة في ملف الإعدام رسى على اشتداد في الدموية. ظهر ذلك في الأرقام المرتفعة، حيث سجلت 2024 رقم قياسي في عدد الإعدامات التي وصلت إلى 214. إلى جانب اللائحة الواسعة من التهم التي يتم الحكم بالقتل بناء عليها، وذلك في ظل شوائب جسيمة وجلية في النظام القضائي، تجعل من الأحكام أحكاما تعسفية. وتعتبر المنظمات أن حجة الأمن التي تستخدمها السعودية في بياناتها الرسمية لتبرير الأحكام من مختلف الفئات وعلى اختلاف التهم، هي نهج رسمي يحاول إخفاء الاستخدام السياسي والمزاجي للعقوبة، وحجة لإبعاد هدف الترهيب الذي يظهر بشكل واضح في الأرقام والأحكام.