مع تعثّر مشاريع ٢٠٣٠: انخفاض ملحوظ في عائدات النفط
مع استمرار كون عائدات بيع النفط في “السعودية” هو المصدر الأساسي لتمويل مشاريع رؤية 2030 التي تهدف بداية إلى فطم الاقتصاد السعودي عن النفط، إلا أن بيانات وكالة “بلومبيرغ” الأميركية أظهرت كيف أن عائدات البلاد من صادرات النفط انخفضت إلى أدنى مستوى لها في ثلاث سنوات، بسبب انخفاض أسعار النفط وقرار “السعودية” خفض الإنتاج. ووفقًا لبيانات هيئة الإحصاء الرئيسية في البلاد فقد حققت السعودية 17.7 مليار دولار فقط من مبيعات النفط إلى الخارج في شهر حزيران الفائت، أي أنه أقل بنسبة 9% عما حققته في نفس الفترة من العام الماضي، وأقل بنسبة 12% عن شهر أيار. وفي مقارنتها لكميات النفط المُصدّرة بين اليوم وأيام جائحة كورونا، تستعرض الوكالة أن الفارق هو بزيادة 250 ألف برميل فقط عن تلك الفترة التي انهار فيها الطلب على النفط وشُلّت خلالها حركة السفر في جميع أنحاء العالم. وتشير الوكالة في تقريرها إلى أن عائدات النفط هي مصدرًا أساسيا للدخل بالنسبة السعودية، الزعيم الفعلي لأوبك وأكبر مصدر للنفط الخام في العالم. وتدعم هذه الأموال حملة محمد بن سلمان لتحويل الاقتصاد باستثمارات ضخمة في كل شيء من المركبات الكهربائية إلى أشباه الموصلات وكرة القدم. لكن تعيد وتلفت إلى أن مخططات محمد بن سلمان قد واجهت تراجعًا ملفتا بسبب انخفاض تدفقات البترودولار منذ عام 2022. وهو ما راكم عليها أزمة تمويل المشاريع التي يمكن ملاحظتها من تراجع أضخم مشاريع الرؤية وإيقاف بعضها. وفي حين خفضت السعودية إنتاجها في محاولة لدعم الأسعار، إلا أن خام برنت الآن يحوم حول 76 دولارا للبرميل، أي أقل بنحو سبعة في المائة عن سعره في نفس الفترة من العام الماضي. ورغم ارتفاعه إلى 91 دولارا للبرميل في أبريل نيسان الماضي لكنه تراجع مع تزايد المخاوف بشأن اقتصاد الولايات المتحدة والصين وتأثير ذلك على الأسواق وتجاهل المتعاملين لخطر تصعيد الحرب في غزة. وقد أظهر تقرير “أوبك” الشهري الأخير، أن إنتاج منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) من النفط الخام قفز 185 ألف برميل يومياً في يوليو/تموز مقارنة بيونيو/حزيران مع قيام “السعودية”، أكبر منتج للنفط داخل المنظمة، بتعزيز الإنتاج، ومواصلة العراق ضخ ما يزيد كثيراً عن حصته، وزيادة إيران أيضاً الإمدادات. ولكن تزامنا مع ذلك أعلنت شركة أرامكو السعودية، في السادس من شهر آب الحالي الجاري، تراجع أرباح الربع الثاني للعام الجاري بنسبة 3.4 بالمئة، على خلفية انخفاض الكميات المباعة من النفط الخام، وضعف هوامش أرباح أعمال التكرير. ودفعت البيانات المخيبة للآمال حتى الآن هذا العام وتوقعات تراجع نمو الطلب الصيني، “أوبك” إلى خفض توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط هذا العام والعام المقبل، في أول تعديل نزولي منذ أن أصدرت المنظمة تقديراتها الأولية لعام 2024 قبل عام. وارتفعت أسعار النفط بعد موقف حركة “أنصار الله” المساند للشعب الفلسطيني ضد حرب الإبادة الصهيونية منذ السابع من أكتوبر وهجماته ضد السفن البحرية المتجهة إلى الكيان في البحر الأحمر، غير أن المخاوف إزاء النمو الاقتصادي وارتفاع أسعار الفائدة أثرت أيضا. وخفّض التحالف في تشرين الأول/ أكتوبر 2022 الإنتاج بحوالي مليوني برميل، بمناسبة اجتماع أعضائه الثلاثة والعشرين حضورياً في فيينا، بعد سلسلة طويلة من الاجتماعات عبر الفيديو بسبب وباء كوفيد. وأثار هذا القرار غضب واشنطن التي اتهمت الرياض حينها بالوقوف في صف روسيا. وفي أيار/ مايو 2023، أعلن تسعة أعضاء من بينهم “السعودية” وروسيا، عن تخفيضات طوعية مفاجئة بإجمالي 1,6 مليون برميل في اليوم. بعدها بشهر واحد، خفّضت الرياض إنتاجها بما يصل إلى مليون برميل إضافي، وهو قرار مدد شهرياً، وتبنّته روسيا أيضاً وإن بدرجة أقل. وفي نيسان/ أبريل 2023، أعلن تسعة أعضاء من بينهم السعودية وروسيا، عن تخفيضات طوعية مفاجئة بإجمالي 1,6 مليون برميل في اليوم. وكانت قد رجحت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) أن يشهد العام المقبل زيادة “قوية” في استهلاك النفط بقيادة الصين والشرق الأوسط، وأبقت في تقرير لها صدر على توقعاتها بنمو قوي نسبيا في الطلب العالمي على الخام خلال 2024. والصين، أكبر مستورد للنفط الخام في العالم، بمتوسط يومي يتجاوز 10 ملايين برميل يوميا، وهي ثاني أكبر مستهلك له، بعد الولايات المتحدة، بمتوسط 14.5 مليون برميل يوميا.