صنعاء - الرياض: المفاوضات مجمّدة... بأمر واشنطن
صنعاء | أعادت واشنطن تحريك ورقة تنظيم «القاعدة» ضد صنعاء، من خلال الضغط على سلطنة عمان لترحيل العشرات من معتقلي غوانتانامو السابقين، والذين جرى توطينهم في السلطنة قبل سنوات، إلى اليمن. وتعمل الولايات المتحدة، منذ أيام، على الترتيب لإعادة 28 عنصراً من التنظيم إلى الأراضي اليمنية، وهو ما عدّته مصادر يمنية، تحدثت إلى «الأخبار»، محاولة لخلط الأوراق، وخاصة أن واشنطن حذّرت قبل أيام من عمليات إرهابية محتملة قد يقوم بها التنظيم في اليمن خلال الفترة المقبلة. وتزامنت هذه الخطوة مع نجاح الضغوط الأميركية في وقف مسار السلام وإفشال المفاوضات غير المعلنة بين صنعاء والرياض في مسقط، حول تنفيذ اتفاق التهدئة الاقتصادي الموقع أواخر الشهر الفائت.وعلمت «الأخبار»، من أكثر من مصدر يمني، أنه جرى تجميد التفاوض حول الملف الاقتصادي والملفات الإنسانية الأخرى كفتح الطرقات، والاكتفاء بالخطوة الثانية من الاتفاق المتعلّقة برفع عدد الرحلات التجارية من مطار صنعاء إلى ثلاث وجهات سفر. وأكدت مصادر ديبلوماسية مطّلعة، لـ«الأخبار»، توقف المفاوضات منذ أسبوعين، مع وجود تواصل بين الأطراف اليمنية ومكتب المبعوث الأممي لدى اليمن، هانس غروندبرغ، لعقد جولة جديدة في تشرين الأول المقبل، لمناقشة ملف الأسرى واستكمال الخطوات التي جرى تنفيذها من الطرفين، وفقاً لاتفاق سابق أبرم برعاية الأمم المتحدة ويقضي بالإفراج عن نحو 1400 أسير من الطرفين.
وخلافاً لذلك، قال غروندبرغ، خلال إحاطة قدّمها إلى مجلس الأمن، الذي عقد جلسة بشأن اليمن مساء أول من أمس، إن معاونيه أعدّوا خيارات ومقترحات لتوحيد العملة اليمنية وتحييد البنك المركزي، وإنهاء حالة الانقسام المالي والاقتصادي بعيداً عن التدخّلات السياسية للأطراف اليمنية كافةً. وفي الوقت الذي لم يكشف فيه غروندبرغ عن مواقف الأطراف اليمنية من تلك المقترحات، إلا أن مصدراً سياسياً مطّلعاً في صنعاء نفى، في تصريح إلى «الأخبار»، تلقّي الجهات المعنية أيّ مقترحات أممية بهذا الشأن. ورأى مراقبون أن حديث المبعوث الأممي عن معالجات للملف الاقتصادي متناقض مع «خريطة الطريق» الأممية المتفق عليها من أواخر كانون الأول الفائت، فضلاً عن أن عودة الأمم المتحدة إلى آلية تجزئة الملفات ستدفع نحو ترحيل العديد منها، ومنها الإنسانية التي يُعدّ تنفيذها ضرورة للحدّ من معاناة الملايين من اليمنيين، وبناء الثقة بين الأطراف ودفعها نحو الحل الشامل.
ومن خلال حديث المبعوث الأممي، يُتوقع أن تعود أزمة البنوك بين صنعاء وعدن إذا لم تنفّذ الخطة الاقتصادية الجديدة لمكتبه، والتي لم يكشف بنودها وآليات تنفيذها المقترحة، وهو ما يشير إلى أن التراجع عن قرارات البنك المركزي في عدن بشكل كلّي، الشهر الماضي، جاء استجابة لضغوط صنعاء العسكرية، ولا علاقة له بطلب غروندبرغ من حكومة عدن تأجيل التصعيد، والدخول في مفاوضات اقتصادية مباشرة برعاية الأمم المتحدة.
وفي تطوّر ذي صلة بموقف واشنطن المناهض للسلام في اليمن، وكذلك مساعي الولايات المتحدة لدعم حلفائها في المنطقة، ومنها السعودية، كشفت الولايات المتحدة عن ترتيبات لنقل أول شحنة أسلحة هجومية إلى المملكة، بعد أسابيع من تأكيدها الموافقة على رفع حظر بيع الأسلحة المفروض على الرياض منذ 2021، على ذمة الجرائم التي ارتكبتها في اليمن. وإذ تتزامن هذه الترتيبات مع ترقّب الرد الجماعي من قبل جبهات الإسناد لغزة ومن قبل إيران، فإنّ الهدف منها حماية أمن الكيان، وهو ما يعكس مخاوف واشنطن من اندلاع حرب إقليمية في ظل تصاعد تحذيرات محور المقاومة من مغبة اعتراض الهجوم المرتقب على إسرائيل.
وفي هذا الإطار، نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مسؤولين أميركيين، قولهم إن الشحنة الأولى للسعودية تضم قنابل مختلفة، منها ثلاثة آلاف قنبلة صغيرة القطر، و7500 قنبلة من طراز «Paveway IV»، وهي شحنة تقول واشنطن إنها كانت معلّقة منذ أربع سنوات، وتصل قيمتها إلى 700 مليون دولار، وتعدّ جزءاً من صفقة بمليارات الدولارات تستعد السعودية لإبرامها مع الولايات المتحدة.