ذا آتلانتيك: أصناف انتهاكات تطال عمّال “نون”

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 52
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

“جميع العاملين في (نون) يشتكون سوء المعاملة وعدم الاستماع إلى شكاوانا”؛ “حصلنا على رواتب أقل بكثير من المتفق عليه بداية”؛ “لم يصلني راتبي خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العمل”، عينة من الإفادات التي حصلت عليها مجلة ذا آتلانتيك البريطانية في تحقيق أجرته على المعاملة التي يتلاقاها العاملين الأجانب في شركة “نون” الراعي الرسمي لنادي نيوكاسل يونايتد الذي يمتلك صندوق الاستثمارات السعودي 80 % منه. بداية لا بد من الإضاءة إلى أن نون: تأسست في عام 2016 على يد محمد العبار، أحد أشهر رجال الأعمال في دبي والقوة الدافعة وراء بناء أطول مبنى في العالم – برج خليفة الذي يبلغ ارتفاعه 830 مترًا. وبعد أشهر قليلة من تأسيسها عام 2016، أعلن صندوق الاستثمارات العامة السعودي عن شراء حصة قدرها 50% في الشركة، التي توظف أكثر من 10 آلاف عامل في جميع أنحاء الشرق الأوسط. أصبح رئيس نيوكاسل ياسر الرميان (وهو أيضًا محافظ صندوق الاستثمارات العامة) رئيسًا لمجلس إدارة نون في نفس العام. وبعد خمس سنوات، أي عام 2020، اشترى صندوق الاستثمارات العامة 80 في المائة من نيوكاسل في صفقة بقيمة 300 مليون جنيه إسترليني. أصبحت نون الآن واحدة من الشركاء أو الرعاة الثلاثة المملوكين للسعوديين لنيوكاسل، إلى جانب شركة الفعاليات سيلا والخطوط الجوية السعودية. بالعودة إلى التحقيق الذي أجرته المجلة البريطانية، وبعد الإضاءة على الشبكة التي تربط الشركة بالسعودية بشكل مباشر وغير مباشر، فإن معظم الشهادات التي تفيد بسوء معمالة (ولسوء المعاملة هنا أبعاد كثيرة سيتم التطرق إلى أوجهها لاحقا) معظمهم يعملون داخل “السعودية”. شملت القضايا التي تم الكشف عنها في التحقيق ما يلي: • أمثلة على الاعتداء الجسدي في شركات التوريد • احتجاز الأجور لدى شركات التوريدات • دليل على خرق القانون المحيط بساعات العمل الإضافي عند “نون” وشركات التوريد • الخداع المحيط بالتوظيف في شركات التوريد • ظروف العمل المسيئة في شركة نون وشركات التوريد • التمييز العنصري أو على أساس الجنسية عند “نون” وشركات التوريد • تفرض شركات التوريد على العمال رسوم توظيف غير قانونية ينقل أحد العمال القادمين من باسكتان إلى “السعودية” أنه عندما انتقل عرفان من بلده إلى السعودية قبل ثلاث سنوات، كان يعتقد أنه يوفر حياة أفضل لعائلته، لكنه الآن “مرعوب” من هذه التجربة. يقول: “وصلنا إلى مكان الإقامة، ولم تكن الخدمات اللوجستية جيدة، والمرافق لم تكن جيدة، والطعام لم يكن جيدًا”، ويتابع “لم نحصل على الراتب الذي وعدنا به. قد طرحنا هذه الأمور مع شركة التوريد، إلا أن مدير الوكالة وضع بعضنا في المخزن دون طعام واعتدوا علينا جسديا، وضربونا، ثم أغلقوا الأبواب علينا”. يقول الشخص نفسه واسمه عرفان، أنه عند وصوله كان شهر رمضان، وفي حين كان نظام العمل قد تغيّر للعمالة السعودية، إلا أن ساعات عملهم كانت لا تزال نفسها بل أكثر من ذلك، أُجبروا على العمل لعدد ساعات إضافية في شهر الصيام: “عندما وصلت، كان شهر رمضان، كنت صائمًا، ولم يكن لدي مال، وكان عليّ إعالة أسرتي. بدوني، لن يكون لديهم طعام. إلا أن راتبي لم يصلني خلال الأشهر الثلاثة الأولى. “عندما ذهبت مرة أخرى لأطلب ذلك، تم طردي جسديًا من المكتب وعدت إلى سريري وبكيت”. أمام هذا غادر عرفان “نون” في شهر مارس/آذار الماضي، لكنه لا يزال يعمل في شركة التوريدات. ويقول إن الوكالة أخذت جواز سفره الباكستاني، وهو ما يعد انتهاكًا لقوانين العمل المحلية والدولية. من خلال هذه الشهادات، أبلغ عمال نون عن جميع مؤشرات العمل القسري الصادرة عن منظمة العمل الدولية (ILO) والبالغ عددها 11 مؤشرًا. شاركت “ذا آتلانتيك” تفاصيل الانتهاكات مع العديد من الجمعيات الخيرية والباحثين في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك منظمة مكافحة العبودية الدولية، ومنظمة العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش، وفير سكوير، وأكويدوم، والتي أقرّت جميعها بأن التقارير تبدو وكأنها أمثلة على العمل القسري داخل شركة نون، كما حددتها منظمة العمل الدولية، والتي تعتبر في القانون الدولي شكلاً من أشكال العبودية الحديثة. وبعد مراجعة تقرير  المجلة، واستخدام معايير العمل الدولية، صدقت المنظمات سالفة الذكر أيضًا على التجربة المبلغ عنها للعديد من العمال كحالات اتجار بالبشر لاستغلال العمالة داخل سلسلة التوريد الخاصة بـ “نون”. ولتوضيح مسؤولية “نون”، فعلى الرغم من أن بعض العمال يتم توظيفهم من خلال الوكالات، إلا أن نون لا تزال تتحمل المسؤولية بموجب مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان لمراجعة سلسلة التوريد الخاصة بها – فهي التي تقوم بتعيين العمال، ودفع الأجور، والتي تعتمد أعمالها على عملهم. خلال العام الماضي استحوذتنون، المنصة الرقمية الرائدة للتسوق الإلكتروني في الشرق الأوسط على “نمشي”، منصة الموضة والأزياء الرائدة في المنطقة. شهادات العمال الذين كانوا يعملون في نمشي قبل عملية الاستحواذ اختبروا فوارق كثيرة في رويتن عملهم بعد الاستحواذ. مثالا على ذلك يذكر أحدهم اختفاء خدمة التمييف الأساسية جدا في المستودعات منذ اليوم الألو الذي استحوذت فيه نون على الوكالة، وهو ما سبب إجهاد العديد من العمال. إلى ذلك يتحدث احدهم عن أن “نمشي” كانت تتكفل بحجز تذاكر الملعب بدلا عنهم لكي تخفف عنهم، إلا أن نون حرمتهم من هذه الميزة فقد “أعلن فريق الموارد البشرية أنهم لن يقدموا أيًا من المزايا التي كانت نمشي تقدمها، وقاموا بتخفيض الراتب الذي قضينا تسع سنوات في الحصول عليه”. هذه الممارسات المهينة بحق العمال هو مصدر القلق الأساسي بشأن الاستثمار السعودي في كرة القدم العالمية مصطفى قادري تثير الاتهامات تساؤلات جدية بالنسبة إلى “نون” وشركائها نيوكاسل ومانشستر سيتي والدوري الإنجليزي الممتاز حول مستويات العناية الواجبة المتخذة، والطريقة التي تراقب بها رابطة الدوري صفقات الرعاية، وما هو الإجراء، إن وجد، الذي ستتخذه في ضوء هذه النتائج. تعليقا على هذا الأمر، يقول مصطفى قادري، المدير التنفيذي لشركة إيكويديم: “يبدو أن العبودية الحديثة منتشرة لدى أحد أكبر رعاتها، وهي شركة مملوكة نصفها لصندوق الاستثمارات العامة السعودي”. يتابع “إن الممارسات داخل سلسلة التوريد الخاصة بهم، مثل عبودية الدين، ورسوم التوظيف غير القانونية، والعمل الزائد، والمضايقات وغيرها من أشكال الاستغلال هي ببساطة غير مقبولة ويجب أن تحرم نون من كونها جهة راعية”. مؤكدا على أنه “في نهاية المطاف، هذا هو مصدر القلق الكبير بشأن الاستثمار السعودي في كرة القدم العالمية والرياضة بشكل عام، حيث يتم وضع الأرباح قبل حقوق الإنسان”. في سياق كيف انعكس تأثير هذه الانتهاكات على جماهيرية النادي الرياضي، يقول أحد العاملين في المستودعات الذي عمل سابقًا لدى نمشي، وهي منصة تجارة إلكترونية منافسة، والذي تم التعاقد معه الآن بشكل مباشر مع نون بعد الاستحواذ: “عندما اشترت نون نمشي، كنت متحمسًا لأن نيوكاسل أصبحت الآن جزءًا من عائلتنا”. “لقد رأيت الشعار على القميص، وعرفت أنهم شركاء نون. أتذكر مشاهدتهم وهم يلعبون مع مانشستر سيتي ويشجعون نيوكاسل. في كل مرة كانت هناك مباراة كرة قدم مع نيوكاسل، كنا نحن العمال ندعمهم”. لكنه يتابع القول”بعد رؤية سلوك نون، أردت أن أنسى أن نيوكاسل كان فريقي. إنهم لا يستمعون إلينا، ولا يهتمون بنا، وعندما نحاول تقديم شكوى، يخبروننا دائمًا أنهم سيفعلون ذلك لاحقًا..وهكذا أزلت كل الأفكار المتعلقة بنيوكاسل من ذهني. إذا كان نيوكاسل يلعب، سأدعم الفريق الآخر دائمًا”. في حين توفر “السعودية” أماكن سكن فارهة للعمال الأوروبيين في مشروع نيوم؛ يقع سكن العمال الأقل أجرا على بُعد ساعتين من مكان عملهم كثيرة هي تفاصيل الظلم الذي يتعرض له العمال من باكستان والهند ودول أخرى. يقول أحد العمال، الذي طلب عدم ذكر اسمه الحقيقي كما كل الشاهدين لأن حياتهم قد تكون بخطر، أنه نتيجة المشقة التي يتعرض لها في العمل تعرض لتصدّع في القسم السفلي لعاموده الفقري، وعندما عاد إلى الإدارة طالبا فترة إجازة مرضية ماسكا بيده صور الأشعة من المشفى، قام المدير بتكذيبه وحرموه من فترة راحة. شركات التوريد التي تؤمن العمال الأجانب لـ “نون”، كثيرة وبعضها يفتقر للمصداقية، إلا أن هذه الأخيرة لا تقوم بتنظيم عملهم ولا بالتحقق من أن حقوق العمال يصل إليهم أو أنهم يوعدون بالظروف الحقيقية التي سيكونون فيها. شركة “المطيري” واحدة من أشهر شركات التوريد التي تتعامل مع “نون” والتي تحوم حولها الكثير من الشكوك، والتي توفر أيضا العمال لشركة أمازون، والتي كشفت منظمة العفو الدولية عن انتهاكاتها لحقوق الإنسان في تقرير نشرته في أكتوبر الماضي. أطلقت أمازون منذ ذلك الحين تحقيقًا، وبدأت الآن في دفع تعويضات للعمال الذين تأثروا سلبًا. ويشكل العمال المهاجرون حوالي 77% من القوى العاملة في القطاع الخاص في السعودية. لكن عند مراجعة المجلة لـ”نون” في حال قامت بالتدقيق بتعاملها مع الشركة وبحساباتها منذ تقرير المنظمة الدولية الذي أدانها، للكن الرد الذي تلقته منها كان سلبيا حيث أنها لم تتجاوب مع هذه النقطة في ردها.

/