“لقاء” المعارضة في الجزيرة العربية: 7 أكتوبر خلطت أوراق الرياض والنظام السعودي يُشاغل البيئة الداخلية بالتخويف
أصدر “لقاء” المعارضة في الجزيرة العربية بيانا تطرق فيه إلى الإسناد الشيعي لطوفان الأقصى وجنون النظام السعودي، واتهم “لقاء” المعارضة النظام السعودي بتقديمه “الدليل تلو الآخر على جنوحه نحو الغي والطغيان، ومناقضة كل زعم على تحرره من آثام جبل عليها على مدى أكثر من تسعين عام منذ قيامه”. وشدد البيان على إثبات النظام، يومًا بعد آخر، عدم مغادرته “موقعه الأول في إشهار سيف البغي على قاعدة طائفية، وعلى الجور من خلفية قبلية ومناطقية. وإنه ليفعل ذلك مدفوعًا بوهم القوة التي لا تصنع استقرارًا لكيان ولا توفّر ضمانة دائمة لبقائه، وإنما هو نضوب الخيارات الذي ينطوي على إفلاس وجفاف منابع المشروعية بما يشمل المشروعية الدينية وقبل ذلك الشعبية، وهذا يفسر دوام قيامه على القوة المجرّدة للتعويض عن اخفاقاته في كسب رضا الشعب بكل أطيافه”. ومن نتائج ذلك، بحسب “لقاء” المعارضة”، “فقدان النظام السعودي زمام المبادرة في القضايا الخارجية، حتى بات أسير ردود فعل على متغيّرات كبرى تبطن تهديدات مباشرة لمستقبله السياسي”. وأوضح أن “السياسات التي ينسجها صانع القرار في المملكة السعودية ليست مبنية، بالضرورة، على حسابات داخلية، وإنما هي غالبًا تدابير استباقية إزاء مفاعيل وقائع تتناقض مع اتجاهات السلطة ولا سيما في السياسة الخارجية، وهي الميدان الذي تختبر فيه صورة النظام السعودي أمام العالم وكذلك مشروعيته الدينية في المجال الإسلامي السني على وجه الخصوص”. ولفت البيان إلى أن “مسلسل الاعدامات الذي بات سمة راسخة في عهد سلمان وإبنه ولي العهد، تصاعدت وتيرته على نحو دراماتيكي في الأسابيع الأخيرة وآخرها اعدام الشاب محمد العبد الجبار في ١٧ تموز يوليو الجاري من دون مؤشرات على فعل داخلي اعتراضي فضلًا عن تحرّك طارىء يستوجب تصعيدًا قمعيًا على هذا النحو الدموي والانتقامي. فليس في السياق المحلي ما ينبىء عن تهديد للنظام يدفعه للجوء إلى هذه العقوبة، أي الاعدام، من دون مجرد التفكير في توفير بيئة وإن مخاتلة لمحاكمات صورية”. وأشار “لقاء” المعارضة في الجزيرة العربية إلى ما لجأ إليه “النظام السعودي في السنوات الأخيرة من تضييق الخناق على الحريات الدينية، وضد الطائفة الشيعية على وجه الخصوص، عبر “قائمة الضوابط التنظيمية” الصادرة من قبل دائرة الأوقاف والمواريث في محكمة القطيف وفيها جملة املاءات مكتوبة تقدّم إلى “القيّمين” على الحسينيات والمساجد. وتشتمل “القائمة” على قائمة محظورات وضوابط صارمة بخصوص إحياء الشعائر الدينية في محرم الحرام، وبمناسبة إقامة ذكرى شهادة الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه في كربلاء سنة 61 للهجرة”. وما يلفت الانتباه في هذا العام، بحسب البيان، “أن النظام السعودي نفّذ حملة قمع واسعة النطاق وفرض ما يشبه تدابير طارئة في المدن والقرى الشيعية مصحوبة بعمليات مداهمة وتخريب لكل ما يتعلق بإحياء مناسبة عاشوراء، وإزالة كل المظاهر التي تدل على المناسبة في الشوارع أو على جدران البيوت، فمنعت المواكب والمضايف بل وحتى الخطباء جرى إخضاعهم لفحص أمني، فمنهم من صدر بحقه منع من الخطابة الحسينية، ومنهم من تمّ استدعاؤه للتحقيق، ومنهم من جرى توقيفه واعتقاله..ومن السخرية أن التدابير القمعية شملت حتى المحلات التجارية التي تقدّم “تخفيضات” خاصة في هذه المناسبة وتلزمها بإلغاء “التخفيضات” تحت طائلة الإغلاق والعقوبة المالية”. واعتبر أن “بعض تلك القيود الجائرة تجري في كل عام ولكن على نطاق محدود، أمّا بهذا القدر من الانتقام والتوحّش، وأن يتحوّل إلى ما يشبه العقاب الجماعي ليس ضد المكوّن الشيعي في المنطقة الشرقية فحسب، بل وأن نجد نظائر له في الكويت والبحرين وبالأساليب الصارمة نفسها، فهذا يشي بخطة عمل مشتركة معدّة سلفًا لتستوعب مجمل المكوّنات الشيعية في الخليج”. إلى ذلك، أكد بيان المعارضة على أن “انتهاك الحريات الدينية ولا وتيرة الاعدامات لم تكن من الأمور الطارئة في المملكة السعودية، ولكن بلوغ الانتهاكات مستوى متقدّمًا وغير مسبوق، وكذلك تصاعد وتيرة الاعدامات على نحو عبثي كالذي تشهده المملكة السعودية على الرغم من تعهّد قيادتها بوقف العمل بعقوبة الاعدام إلا في حالات نادرة، فإنّ الأمر يتجاوز الموضوع نفسه، فلا هو انتهاك لحرية دينية ولا هو إعدام على خلفية مشاركة في احتجاجات شعبية مرفقًا بمزاعم سخيفة وكاذبة باستهداف رجال أمن وهي مزاعم تنم عن عبثية النظام السياسي والقضائي في هذا البلد لفرط استعمالها غير المنضبط”. وأردف “لقاء” المعارضة في بيانه بالقول “إن التفسير الوحيد، أو بالأحرى الراجح، لموجة القمع المتصاعدة على مستوى الحريات الدينية أو وتيرة الاعدامات هو أن النظام السعودي يجد نفسه أمام معادلة جديدة فرضها طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، ورسمت خطًا واضحًا بين من هو مع فلسطين ومن هو مع الكيان الاسرائيلي. وحين يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية لا مكان للمنطقة الرمادية، مهما حاول المترددون أو المتآمرون على التموقع فيها بغية الهروب من المسؤولية”. وأكد على أن “المواجهة الجارية في غزة بين جيش العدو الصهيوني وفصائل المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة حماس ومشاركة جبهات الإسناد التي يغلب عليها الطابع الشيعي (لبنان والعراق واليمن وإيران) أوقعت النظام السعودي، وأنظمة عربية وإسلامية أخرى في مأزق حقيقي، ديني وقومي وإنساني وأخلاقي، ولذلك كان العمل جاريًا على خلط الأوراق ومشاغلة البيئات المحلية بموجات تهويل وتخويف من جهة وتأجيج للفتنة الطائفية من جهة أخرى”. وتابع “بات الهدف الحقيقي جليًا وراء إغراق الساحة المحلية بالخطاب الطائفي، وهو السلاح الذي لطالما لجأ إليه النظام السعودي في سبيل حرف انتباه المسلمين في الداخل والخارج عن القضايا الكبرى للأمة، وعلى وجه الخصوص القضية المركزية، أي الاحتلال الصهيوني لفلسطين، وهذا يفضح زعم تخلي النظام السعودي عن عقيدته المذهبية التقسيمية”. “وإذا كانت النيّة معقودة لدى النظام السعودي على احتواء الإنحياز الصادق إلى جانب فلسطين وأهل غزة من قبل محور المقاومة وجبهات الإسناد، فإن من أجلى تظهيرات محاولات الاحتواء هو تصاعد التدابير القمعية والطائفية، تمهيدًا للدخول في صفقة التطبيع مع الكيان الصهيوني والذي قدّر له التجميد لأمد غير معلوم بفضل طوفان الأقصى”، وفقا لما جاء في بيان “لقاء” المعارضة. وأضاف “إن الذرائع التي يسوقها النظام السعودي لتبرير اجراءته القمعية، والمحمولة على نزعة طائفية بغيضة، هي للتغطية على تخاذله عن دعم الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، بل وتآمره على القضية الفلسطينية لمصلحة الكيان الإسرائيلي تمهيدًا للتطبيع معه. وإن كل ما يشيعه النظام السعودي وأقلامه المأجورة عن الحسينيات ومجمل الطقوس المرتبطة بهذه المناسبة الدينية ما هي إلا جملة افتراءات، إما من أناس لا عهد لهم بنوع الموضوعات التي يطرحها الخطباء في مناسبة عاشوراء والمحكومة بضابطة الوحدة الإسلامية، والقواسم المشتركة. ولا يخفى، أن هذا الطرح بات مرفوضًا ضمنيًا، كما يشي الخطاب الطائفي الذي بات امتيازًا حصريًا للنظام السعودي منذ عقود، وهو الذي ما فتىء يبشّر بالفتنة وينفث سمومها بين الناس، من أجل دفع تهمة الضلوع في التآمر على القضية الفلسطينية”. واعتبر البيان بأن “ترويج بعض المتسلّقين لأفكار سلطوية خطيرة من قبيل أن ممارسة الشعائر الحسينية قد تفتح بابًا للمتطرفين من أمثال داعش للقيام بأعمال ارهابية في الحسينيات كما حصل في العام 2015 إن هو إلا تبرير للنظام لمصادرة الحريات الدينية والتمهيد لما هو أبعد من مجرد تشديد الخناق على الحسينيات، بل وإغلاقها إن استطاع إلى ذلك سبيلًا، وتاليًا إعلان الحرب على الشعائر الحسينية وعلى الهوية الشيعية جنبًا إلى جنب عمليات التغيير الديمغرافي عبر تجريف مناطق مأهولة واسعة في المدن والقرن الشيعية”. في ضوء ما سبق، توجّه “لقاء” المعارضة بالجزيرة العربية برسالة إلى “كل أولئك المتقاربين مع النظام السعودي بدعوى انفتاحه على الأطراف كافة في سعي منه، زعمًا، نحو تصفير المشاكل وإعادة بناء علاقة قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، إن هذا النظام برع في توظيف علاقاته وإمكانياته المادية وإرثه في المراوغة والتلوّن في خداع الآخر، فيظهر بمظهر الحريص على الوحدة الإسلامية، وأمن الدول وسلام شعوبها وحقيقة الأمر أن تصفير المشاكل ليس غاية في ذاته وإنما هي شرط مفتاحي وتمهيدي من أجل التطبيع مع الكيان الاسرائيلي، الهدف الذي لا يزال يراهن عليه ويعمل من أجل تحويله واقعًا وهذا ما سوف يظهر جليًا بعد الإنتخابات الأميركية القادمة. وعليه، إن من يراهن على علاقة دائمة مع هذا النظام كمن يراهن على عدل فرعون وإيمانه برسالة موسى عليه السلام.”
/