تمديد خطة العمل التركية الخليجية يعكس تحولا في العلاقات
الدوحة - أعلن الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم محمد البديوي، الاتفاق مع تركيا على تمديد خطة العمل المشتركة للتعاون بين الجانبين إلى عام 2029، في خطوة أخرى على مسار التحول الذي تشهده السياسة الخارجية لتركيا تجاه قوى إقليمية كانت على خصومة معها استمرت لسنوات، حيث أدركت أنقرة أنه لا بد من إقامة علاقات جيدة مع الدول الخليجية على أساس نهج يحقق الفائدة للجميع.
وتحدث البديوي عن التشاور بين الجانبين حيال القضايا الدولية والإقليمية، والعمل معا لتعزيز أمن واستقرار المنطقة، خلال الاجتماع الوزاري المشترك السادس للحوار الاستراتيجي بين دول مجلس التعاون وتركيا بالدوحة مساء الأحد، بمشاركة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان.
والتقارب التركي الخليجي وإن كان يخدم مصلحة الطرفين إلا أنه من المنتظر أن يكون دافعا لإيجاد مجال مشترك وطرح مبادرات لحل الصراعات في المنطقة بما يحفظ المصالح الاستراتيجية لكل من تركيا ودول الخليج.
وقال البديوي أنه يتيح أيضا “تعميق جسور التعاون بين مجلس التعاون وتركيا وتوسيع نطاقها، حيث نتج عنه الموافقة على تمديد خطة العمل المشترك بين الجانبين إلى العام 2029”.
وفي 2010، أقر الاجتماع الوزاري المشترك الثالث بين الجانبين خطة عمل مشترك لعامي 2011 و2012، ومن حينها يتم تطوير وتمديد الخطة بهدف تعزيز التعاون المشترك في المجالات المختلفة.
ونوه البديوي بـ”النتائج المهمة” التي خرجت عن القمة الخليجية التركية، التي جمعت قادة دول مجلس التعاون (السعودية والإمارات والكويت وقطر والبحرين وسلطنة عمان) مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالدوحة في ديسمبر/ كانون الأول الماضي. وأكد أن هذه النتائج “أسهمت في تعزيز التنسيق السياسي والأمني والاقتصادي”.
ولفت البديوي إلى انعقاد الاجتماع الوزاري المشترك بين مجلس التعاون وتركيا لأول مرة بعدما وقَّع الجانبان في مارس/ آذار الماضي البيان المشترك لبدء المفاوضات حول التجارة الحرة بينهما. وشدد على أنه “يمثل دلالة على قوة الشراكة الاستراتيجية العميقة بين مجلس التعاون وتركيا، ويعد نقلة نوعية في العلاقات المتينة”.
كما عززت الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس التركي إلى السعودية وقطر والإمارات في يوليو الماضي، حقبة جديدة من التعاون الاقتصادي مع منطقة الخليج، للحصول على استقلال استراتيجي عن الغرب.
وجاءت الزيارة على أساس زيارة أردوغان السابقة للإمارات قبل أكثر من عام، والتي فتحت فصلاً جديدًا لتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين، قبل انتخابات تركيا في أيار / مايو 2023.
وتظهر علاقات تركيا المتطورة مع الدول الخليجية الثلاثة تقارب المصالح والاتفاق على العديد من القضايا. وتشمل هذه الاتفاقات على مزاياها النسبية التكميلية، وحرصها على تنويع الشراكات التجارية، ورغبتهم في الاستقلال الذاتي الاستراتيجي عن الغرب. وانعكاسا لتعاونها المتزايد حيث أعلنت تركيا أنها أبرمت اتفاقيات إطارية للاستثمار الثنائي مع الإمارات بلغت قيمتها أكثر من 50 مليار دولار - كما أعلنت عن اتفاقيات مع السعودية وقطر.
ويشير تعميق الشراكات في القطاعات الرئيسية مثل الدفاع والطاقة والنقل، إلى اهتمام تركيا ودول الخليج بالاستفادة من رأس المال والمعرفة والمزايا الجغرافية للنمو الاقتصادي؛ كما أنها تشير إلى إعادة تنظيم لتقاسم المخاطر السياسية في منطقة مضطربة وتقليل الاعتماد على الولايات المتحدة.
وأشاد البديوي بمذكرة التفاهم الموقعة بين الطرفين، والتي أسست الحوار الاستراتيجي في 2008، “انطلاقا من العلاقات التاريخية والموروث الحضاري المشترك، وسعيا لتحقيق الأهداف والمصالح المشتركة لدولنا وشعوبنا”.
وأشار أيضا إلى انعقاد الاجتماع “في ظل تطورات ومستجدات إقليمية ودولية، سياسية وأمنية مثيرة للقلق، مع ما تمر به المنطقة من أحداث متسارعة، في ظل الحرب التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة”.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تواصل إسرائيل حربا على غزة، خلفت أكثر من 121 ألف قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود. وأردف البديوي “من دون شك فإن ما يجري في قطاع غزة يؤلمنا جميعا، ويدعونا إلى بذل المزيد من الجهد لوقف هذه الحرب التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي”.
بدوره، أكد رئيس وزراء قطر ووزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أن خطة العمل المشترك بين دول مجلس التعاون وتركيا “أثبتت جدواها”.
وأضاف أن هذا الوضع “دفع الجانبين للتنسيق لمواصلة عقد اجتماع اللجان وفرق العمل الفنية المشتركة، والعمل على تمديد خطة العمل المشترك إلى عام 2029”. وأعرب عن تطلعه إلى “توحيد الرؤى وتبادل وجهات النظر والتنسيق المكثف بيننا لتحقيق الأمن والسلام، والجهود المشتركة في كافة المجالات”.
ووفق آل ثاني، فإن “العلاقات الثنائية الاستراتيجية بين دول مجلس التعاون وتركيا تمثل شهادة على الشراكة القوية ومتعددة الأوجه بين الجانبين”. وأضاف أن “هذه العلاقة تتجذر في الروابط التاريخية والثقافية والدينية التي بنيت على قواعد سياسية واجتماعية، وتشمل التعاون في شتى المجالات”.
وتابع أن “التعاون المستمر، عبر القنوات الدبلوماسية والمبادرات الاقتصادية، يقوده هدف مشترك هو تحقيق الاستقرار والازدهار في المنطقة”.