التطبيع مع السعوديّة يؤكِّد فشل وضعف الكيان ولا يحِّل مشاكله والتهديدات الوجوديّة ستبقى..

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 729
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:

عندما أعلن بنيامين نتنياهو عن تشكيل حكومته السادسة في شهر كانون الأوّل (ديسمبر) من العام 2022 قال على الملأ إنّه من أهّم الأمور التي تمّ وضعها على الأجندة السياسيّة هو التوصّل لتطبيعٍ مع السعوديّة، ولكن اليوم بعد مرور أكثر من سنةٍ وثلاثة أشهر على الإعلان يتبيّن أنّ التطبيع مع المملكة ما زال بعيدًا، علمًا أنّ إسرائيل اتهمّت (حماس) بأنّها قامت بهجومها المُباغِت في أكتوبر الماضي أيضًا لمنع توقيع اتفاق تطبيعٍ بين تل أبيب والرياض، على نسق (اتفاقيات أبراهام)، التي تمّ التوقيع عليها قبل أربعة سنواتٍ بوساطةٍ ودعمٍ أمريكييْن.

 وغنيٌّ عن القول إنّ الرئيس الأمريكي جو بايدن يسعى إلى إنجاز اتفاق تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، والذي توقف بعد السابع من أكتوبر، إثر العدوان الإسرائيليّ على غزة، بعد عملية طوفان الأقصى التي قام بها مقاتلون من حماس.

ووفقًا لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن فإنّ ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان أكدّ على “اهتمامه” بإقامة علاقات مع إسرائيل لكنّه يريد وضع حدٍّ لحرب غزة، ومسارًا نحو دولةٍ فلسطينيّةٍ.

وأضاف في تصريحات صحفية أدلى بها في السادس من الشهر الماضي: “لكنّه أوضح أيضًا ما قاله لي من قبل، وهو أنّه من أجل القيام بذلك، لا بُدّ من أمريْن، إنهاء النزاع في غزة، ومسار واضح وموثوق، ومحدد زمنيًا لإقامة دولةٍ فلسطينيّةٍ”.

وفي ذات الإطار أكّد السفير السعودي في بريطانيا، الأمير خالد بن بندر أنّ “بلاده مهتمة بتطبيع العلاقات مع إسرائيل بعد حرب غزة، ولكن أيّ اتفاقٍ للتطبيع “لا بُدّ أنْ يؤدي إلى إنشاء دولةٍ فلسطينيّةٍ”، وكشف في تصريحات صحفية أنّ الاتفاق كان “وشيكا” قبل السابع من أكتوبر.

وأضاف أنّ السعودية لا تزال تؤمن بإقامة علاقاتٍ مع إسرائيل، على الرغم من الخسائر الفادحة في الأرواح في غزة، مستدركًا أنّ ذلك لا ينبغي أنْ يكون “على حساب الشعب الفلسطينيّ”.

 وكان نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي قد تداولوا تقريرًا نشرته صحيفة (جيروزاليم بوست) الإسرائيليّة عن مطالبات السعودية قبل المضي قدمًا بملف التطبيع مع إسرائيل نقلاً على لسان وزير الخارجية الأمريكي، انتوني بلينكن.

وأكّدت الصحيفة في التقرير المتداول: “قال وزير الخارجية الأمريكيّ أنتوني بلينكن، إنّ السعودية أبلغت إدارة بايدن بأنّ حلّ القضايا الفلسطينية أمر بالغ الأهمية لأيّ اتفاق تطبيعٍ مع إسرائيل”.

ومضت الصحيفة في تقريرها: “بلينكن قال في مقابلةٍ ضمن برنامجٍ تلفزيونيٍّ أمريكيٍّ إنّه من الواضح أيضًا ممّا نسمعه من السعوديين أنّه إذا أريد لهذه العملية أنْ تمضي قدمًا، فإنّ الجزء الفلسطينيّ سيكون مهما جدًا”.

على صلةٍ بما سلف، فإنّه من الواضح أن هناك أسبابًا داخلية تمنع السعودية من التوقيع قبل حلّ القضية الفلسطينية بما يضمن حقوق الشعب الفلسطينيّ، وتفعيل مبادرة السلام العربية التي أطلقها الملك الراحل عبد الله، والتي تمّ تعديلها خلال مؤتمر الجامعة العربية في بيروت في العام 2002.

ومن الأسباب الداخلية، التي تعرقل توقيع أيّ اتفاق سلامٍ، هو رفض الملك سلمان، الملك الحالي أنْ يتّم توقيع هكذا اتفاق في عهده. والأمر الآخر، موقف الشارع السعوديّ في الداخل، والذي تقول تقارير متعددة إنّه يغلي بسبب ما يحدث في فلسطين.

وهنا لا بُدّ من التذكير بأنّه منذ إنشاء المملكة السعودية، كان معظم عناصر كادرها التعليميّ والإداريّ والاستشاريّ، هم من الفلسطينيين، وهو إرث ترك أثرًا عميقًا، وبالتالي فإنّ المملكة ستكون على كفّ عفريت.

إلى ذلك، قال المُستشرق الإسرائيليّ، البروفيسور إيال زيسر، إنّه من التسريبات التي تصل من واشنطن فإنّ الخطّة الأمريكيّة للتطبيع تشمل البنود التالية: إنهاء الحرب في غزّة وإقامة دولةٍ فلسطينيّةٍ، وبالمُقابل تقوم الدول العربيّة بالتطبيع مع إسرائيل، وفي مُقدّمتها درّة التاج، السعودية، وفق تعبيره.

وشدّدّ البروفيسور زيسر في مقاله الذي نشره بصحيفة (إسرائيل هايوم) على أنّ الاتفاق المذكور سيُقوّي مكانة إسرائيل في العالم واقتصادها، ولذا على الحكومة أنْ تعمل من أجل التوصل إليه.

و”لكن”، اختتم زيسر، “خلافًا لما يؤمنون به بواشنطن وتل أبيب، فإنّ الاتفاق لا يمنح الردّ الكافي والوافي للتهديدات الوجوديّة على إسرائيل، لذا من الممنوع علينا أنْ نُقدِّم التنازلات التي ستقودنا إلى التحديات الجسيمة التي تهددنا، وبشكلٍ عامٍّ، اتفاق التطبيع مع السعوديّة سيكون مناسبًا ومهمًا عندما تكون إسرائيل قويّةً، وليس عندما نكون ضعفاء، مثل ما حدث معنا بعد السابع من أكتوبر، لأنّه حينها سيفقِد الاتفاق من قيمته”، على حدّ تعبيره.