التطبيع وفلسطين.. 3 رسائل سعودية للداخل وأمريكا وإسرائيل
حاولت السعودية، عبر بيانها الصادر في 7 فبراير/ شباط الجاري، إرسال 3 رسائل بعضها موجه إلى الرأي العام الداخلي في المملكة والبعض الآخر إلى إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن وحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وفقا لعزيز الغشيان في تحليل بموقع "المونيتور" الأمريكي (Al Monitor) ترجمه "الخليج الجديد".
الغشيان قال إن "بيان الأربعاء بشأن شروط التطبيع مع إسرائيل كان بمثابة إشارة مباشرة إلى البيت الأبيض بأن تحقيق مثل هذه النتيجة يتطلب إنهاء الحرب (الإسرائيلية المستمرة) في غزة (منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي) والاعتراف بالدولة الفلسطينية".
وأضاف أن "البيان يحدد المعايير التقليدية التي طالما دافعت عنها السعودية، مثل الدعوة إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. لكنه يتناول يطالب أيضا بوقف "العدوان الإسرائيلي" وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة".
ولفت إلى أن "البيان جاء بعد ساعات من إعلان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي أن واشنطن سمعت "ردود فعل إيجابية" بشأن استعداد السعودية وإسرائيل للمضي قدما في مناقشات التطبيع".
وقال كيربي إن الطريق نحو التوصل إلى اتفاق سعودي- إسرائيلي "هو مسار منفصل ولا يتعلق بمحاولة تنفيذ الهدنة الإنسانية الممتدة (في غزة)".
"لكن تصريح كيربي لم يلق قبولا جيدا في الرياض، وحمل البيان السعودي بشأن المباحثات مع واشنطن "رسالة دبلوماسية صارمة إلى الولايات المتحدة لوقف تحريف الموقف السعودي، وأخذ المطالب السعودية بتقديم تنازلات كبيرة تجاه الدولة الفلسطينية على محمل الجد"، بحسب الغشيان.
وأردف أنه "في السنوات الأخيرة، تم تسييس احتمال التطبيع السعودي الإسرائيلي من الجانبين الأمريكي والإسرائيلي، فالخطاب الصادر عنهما ينزع إلى إساءة تفسير وأحيانا تشويه الموقف السعودي من القضية الفلسطينية. والآن، تتوق القيادة السعودية إلى تأكيد أنها لن تتخلى عن الفلسطينيين".
الرأي العام السعودي
الغشيان قال إن "الدعوة إلى إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ليست جديدة من السعوديين، لكن هذا البيان وجد دعما كبيرا في وسائل الإعلام السعودية وفي الشارع".
وأفاد بأن "صور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تنتشر إلى جانب (العاهل السعودي الراحل) الملك فيصل، الذي لا يزال يُحتفى به بفضل موقفه في حرب عام 1973 (قطع النفط عن الدول الغربية الداعمة لإسرائيل). كما انتشر في المملكة وسم "الدولة الفلسطينية أولوية سعودية".
واعتبر أن "البيان يسلط الضوء أيضا على المد والجزر في العلاقات السعودية الإسرائيلية، فآفاق هذه العلاقات متقلبة وتتأثر بالعوامل الخارجية أكثر من الداخلية. ونظرا لهذه الديناميكية، يمكن اعتبار البيان تكتيكا لتغيير معالم المفاوضات المستقبلية بشأن التنازلات الإسرائيلية".
توسيع التنازلات الإسرائيلية
و"كجزء من الصفقة (الخاصة بالتطبيع) التي تمت صياغتها قبل 7 أكتوبر الماضي، كان السعوديون يصرون على ضرورة وجود مكون فلسطيني رئيسي على شكل تنازلات إسرائيلية كبيرة"، كما زاد الغشيان.
وتابع: "والآن أدت الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة إلى تقليص نطاق هذه التنازلات الإسرائيلية وإبعاد ما كان بوسع إسرائيل أن تتنازل عنه في السابق".
وأضاف أنه "من خلال الإشارة صراحة إلى حدود عام 1967 والقدس الشرقية، وسعت الرياض نطاق التنازلات الإسرائيلية بالإصرار على أن تكون هناك ليس فقط خطوات لا رجعة فيها تجاه الدولة الفلسطينية، بل أيضا الاعتراف بدولة فلسطين".
و"أظهر البيان أيضا أنه في حين تراجع التطبيع السعودي- الإسرائيلي خطوة بعد 7 أكتوبر، إلا أن احتمالات التطبيع لا تزال مطروحة على الطاولة"، بحسب الغشيان.
وأردف أن "البيان يرتبط بشكل مباشر بما يحدث في غزة، إذ يطالب بالانسحاب الإسرائيلي ويصر على أن تكون غزة جزءا من أي دولة فلسطينية، كما يطالب مجلس الأمن الدولي بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، في ظل الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة".
ووفقا لموقع "أكسيوس" الأمريكي، الأسبوع الماضي، فإن الولايات المتحدة "تراجع الخيارات السياسية بشأن الاعتراف الأمريكي والدولي المحتمل بالدولة الفلسطينية" بعد الحرب. كما تحدث وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون مؤخرا عن دعمه لمثل هذا الإجراء.
و"يمارس البيان السعودي ضغوطا على الحكومة الإسرائيلية لقبول خريطة طريق للدولة الفلسطينية، وهو الأمر الذي أدانه نتنياهو علنا وفي السر"، كما ختم الغشيان.
المصدر | ترجمة وتحرير الخليج الجديد