بيان تهديد مشترك ضد صنعاء: واشنطن ولندن تواصلان التهويل
لندن | أعلن وزير الدفاع البريطاني، غرانت شابس، في مقالة في صحيفة «تلغراف» اليمينية اللندنية، أن حكومة بلاده «لن تتردّد في اتّخاذ إجراءات مباشرة (ضدّ اليمن) لردع التهديدات لحرية الملاحة (الإسرائيلية) في البحر الأحمر»، فيما تتحضّر أيضاً لشنّ غارات جوية ضدّ مواقع تسيطر عليها حكومة صنعاء. وممّا كتبه شابس: «إذا لم نحمِ البحر الأحمر، فإن ذلك قد يشجّع أولئك الذين يتطلّعون إلى تهديد الملاحة في أماكن أخرى، بما في ذلك بحر الصين الجنوبي، وشبه جزيرة القرم». وكانت بريطانيا قد أرسلت المدمّرة البحرية الملكية «إتش إم إس - دياموند» إلى البحر الأحمر للمشاركة إلى جانب قوّة أميركية - فرنسية تمّ تجميعها على عجل، في توفير الحماية للسفن الإسرائيلية، وتلك المتّجهة عبر مضيق باب المندب نحو موانئ إسرائيلية، في حين يُحتمل أن ترسل أيضاً الفرقاطة «إتش إم إس - لانكستر»، الموجودة حالياً في مياه الخليج، للغرض ذاته؛ علماً أن هذه الفرقاطة مزوّدة بنظام صواريخ «سي سيبتور» الذي يمكنه إطلاق النار بسرعة ثلاثة أضعاف سرعة الصوت، وهو مصمَّم لحماية مساحة 500 ميل مربّع، ويمتاز بقدرته على إطلاق النار بفعالية ضدّ القوارب الصغيرة التي تستخدمها القوات البحرية اليمنية.كما أعلن شابس أن «المدمّرة (إتش إم إس - دياموند) أَسقطت بالفعل طائرة من دون طيّار استهدفتها في وقت سابق من الشهر الماضي»، مشدّداً على أنه «يجب ألّا يكون لدى (الحوثيين) أيّ مجال لسوء الفهم، فنحن ملتزمون بمحاسبة الجهات الفاعلة الخبيثة وراء عمليات الاستيلاء على السفن والهجمات الخارجة عن القانون». وأشار أيضاً إلى أن الهجمات اليمنية «أجبرت 12 شركة دولية، بما في ذلك مجموعة الطاقة البريطانية «برتيش بيتروليوم»، وشركة «ميرسك» للنقل البحري، على تعليق مرورها عبر البحر الأحمر، ما تسبّب في مضاعفة تكاليف التأمين عشر مرّات منذ بداية كانون الأول الماضي، فيما تضطرّ الحاويات وناقلات النفط والكيميائيات للدوران في رحلة طويلة حول أفريقيا للوصول إلى أوروبا وأماكن أخرى»، مضيفاً أن «هجمات (الحوثيين) تعرّض حياة البحّارة الأبرياء للخطر، وتفاقم المعاناة الإنسانية في اليمن، وتزعزع استقرار المنطقة الأوسع». وكان قد شنّ اليمنيون، في الشهر الماضي، أكثر من 20 هجوماً على سفن مرتبطة بالكيان، منها ثمانية ضدّ سفن شحن، إمّا مسجّلة في المملكة المتحدة، أو ضمن أطقمها بريطانيون، أو كانت تنقل بضائع إلى المملكة المتحدة. كما جاءت مقالة شابس بعدما اشتبكت طائرات هليكوبتر أميركية مع قوارب للبحرية اليمنية كانت تحاول اعتراض سبيل سفينة حاويات تابعة لشركة «ميرسك» الدنماركية للشحن البحري (ترفع علم سنغافورة) بالقرب من باب المندب، ما أدى إلى مقتل 10 من الجنود اليمنيين، وإغراق ثلاثة قوارب من أصل أربعة شاركت في الهجوم.
وفي الإطار نفسه، نقلت صحف عن مصادر متخصّصة في المسائل الدفاعية، قولها إن عسكريين بريطانيين وأميركيين يضعون اللمسات الأخيرة على تحضيرات عملياتية، فيما صدر مساء أمس بيان مشترك وقّعت عليه 12 دولة تتقدّمها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، يحمّل «أنصار الله» «العواقب إذا استمرّوا في تهديد الأرواح والاقتصاد العالمي والتدفق الحرّ للتجارة في الممرات المائية الحيوية في المنطقة»، ويدعو إلى «وقف هجمات البحر الأحمر والإفراج عن السفن وطواقمها المحتجزة»، ويعتبر أن «هجمات البحر الأحمر تمثّل مشكلة دولية كبيرة تتطلّب عملاً جماعيّاً». ويبدو أن عطلة مجلس العموم البريطاني التي تستمر حتى السابع من الجاري، قد أخّرت منْح تفويض للجيش الملكي بشنّ هجمات، كما أن جهوداً تُبذل لضمّ دولتَين أخريين إلى البيان المشترك. وكان الناطق الرسمي باسم الحكومة البريطانية قد أعلن أن «الوضع في البحر الأحمر خطير بشكل لا يصدّق»، واصفاً الهجمات اليمنية بـ«غير المقبولة»، و«المزعزعة للاستقرار الدولي»، وإنْ أكد أن بلاده لا تزال تحاول استنفاد كلّ الوسائل الديبلوماسية للتعامل مع الموقف، بينما يتمّ التخطيط لمجموعة من السيناريوات البديلة. أيضاً، أشار وزير الخارجية البريطاني، ديفيد كاميرون، عبر «إكس»، إلى أنه أجرى محادثات هاتفية، الأحد الماضي، مع نظيره الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، تناولت الهجمات اليمنية في البحر الأحمر باعتبارها «تهدّد حياة الأبرياء، وتضرّ بالاقتصاد العالمي». وكتب كاميرون: «لقد أوضحت (للسيد وزير الخارجية الإيراني) أن إيران تشارك في المسؤولية عن منع هذه الهجمات نظراً إلى دعمها الطويل للحوثيين».
ويَتوقّع خبراء أن يقود الجيش الأميركي أيّ ضربات هجومية ضدّ اليمن، في حين أن المملكة المتحدة، التي لديها أسراب طائرات «تايفون» متمركزة في قاعدة سلاح الجو الملكي البريطاني في أكروتيري القبرصية، وتقوم حالياً بمهمات فوق العراق وسوريا وشرق المتوسط، يمكنها أن تشارك. ومن جهته، قال منسق الاتصالات الإستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي، إن بلاده «لا تسعى إلى توسيع الصراع في الشرق الأوسط أو الحرب مع (الحوثيين)»، ولكنه استدرك، في حديث إلى شبكة «إيه بي سي»، بأن واشنطن «ستفعل ما يتعيّن عليها القيام به لحماية خطوط الشحن البحري»، مضيفاً أن لديها «مصالح أمنية قومية كبيرة في المنطقة، وسيتمّ نشر القوات التي قد نحتاجها لحماية تلك المصالح». وبحسب مصدرَين متقاطعَين في «البنتاغون» تحدّثا إلى «تلغراف»، فإن الإدارة الأميركية لم تَحسم خياراتها بعد في شأن طبيعة الردّ العسكري على صنعاء، ولكنهما لم يستبعدا احتمال «شن ضربات جوية على اليمن في المستقبل القريب».