الخطّ البري الخليجي - الإسرائيلي: نفي أردني لا يحجب التورّط

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 644
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

عمّان | حظي الأداء الأردني الرسمي إزاء الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة، برضًى داخليّ نسبيّ، مردّه، على ما يبدو، ثلاث خطوات رئيسية: أوّلها، استدعاء السفير الأردني من تل أبيب، والذي مثّل مطلباً شعبياً دائماً قبل أن يتحقّق بعد 26 يوماً من الحرب، وتُقرنه الدولة الأردنية بإبلاغ إسرائيل عدم إرجاع سفيرها حتى انتهاء العدوان؛ وثانيها، المواقف العالية السقف ضدّ خطط «الترانسفير» ومحاولات إجبار الأردن على استقبال لاجئين فلسطينيّين جدد، الأمر الذي لاقى استحساناً واسعاً حتى من المتحدّثين باسم حركة «حماس»؛ وثالثها، امتناع عمّان عن توقيع اتفاقية «المياه مقابل الطاقة» تحت وطأة الغضب الشعبي الذي لا يزال يفتقر إلى هيكل يتولّى توجيهه وقيادته.ورغم ذلك كلّه، إلّا أنّ الحديث الإسرائيلي المتواصل عن تدشين خطّ للنقل البرّي عبر موانئ دبي مروراً بالسعودية والأردن، كبديل من البحر الأحمر الذي أغلقته القوات المسلحة اليمنية في وجه السفن الإسرائيلية أو تلك المتّجهة إلى إسرائيل، لا يزال يطرح علامات استفهام حول حقيقة هذا المشروع، الذي جدّدت الحكومة الأردنية، قبل أيام قليلة، نفي صحّة ما يجري تناقله في شأنه، معتبرةً أن «هذه المنشورات هدفها التشويش على الموقف الأردني الثابت تجاه ما يجري في قطاع غزة من عدوان إسرائيلي غاشم». وسبق لوزارة الزراعة الأردنية أن نفت تقارير إعلامية عبرية عن الصادرات الأردنية الزراعية إلى إسرائيل، موضحةً أنّ صادرات الخضار والفواكه إلى الجانب الإسرائيلي، تتّخذ بغالبيّتها من ميناء حيفا ممرَّ ترانزيت للوصول إلى أوروبا نظراً إلى وضع المعابر الشمالية والشرقية المغلقة أمام المنتجات الزراعية، فيما جزء بسيط يتمّ تصديره بشكل فردي من قِبل عدد من المصدّرين الذين لا ينتمون إلى أيّ حاضنة شريكة للوزارة، ويعملون على التصدير بشكل شخصي إلى إسرائيل، وضمن عقود خاصّة بهم.
لكن التوضيح المتقدّم جاء متناقضاً مع تصريحات أدلى بها وزير الصناعة والتجارة والتموين، يوسف الشمالي، في 9 كانون الأول، أعلن فيها أنه تمّ الاستغناء عن استخدام ميناء حيفا لتصدير البضائع الأردنية إلى الولايات المتحدة وغيرها من الدول، بافتتاح خطّ تصديري من ميناء العقبة، برسوم شحن وتكلفة نقل أقلّ، وضمن المدّة نفسها. وإذ بدت تلك التصريحات بمنزلة تملّص من مشروع الجسر البري الذي أعلنت عنه شركة «Trucknet» الإسرائيلية، في 5 كانون الأول، بالشراكة مع شركة «Puretrans FZCO» الإماراتية، فإن ما قاله الشمالي لا يعني بالضرورة أنه سيسري على البضائع غير الأردنية.

وبحسب المشروع المذكور، فإن البحرين، من جهتها، ستسيّر خطّاً آخر في السعودية، موازياً للخطّ الإماراتي في المملكة، إلى أن يلتقيا في الأردن ويكملا في صورة خطّ واحد نحو ميناء حيفا. وكانت «Trucknet» قد وقّعت، بداية أيلول 2023، مذكّرة تفاهم مع «Cox Logistics W.L.L» البحرينية، وهي شركة نقل وخدمات لوجستية يقوم أكبر مكاتبها في البحرين، فيما تعمل أيضاً في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا والقوقاز. كما أعلنت الشركة الإسرائيلية، بعد ذلك التوقيع بأيام، أنها ستقدّم خدماتها في السعودية عن طريق شاحنات «Cox Logistics W.L.L» التي تقدّم الخدمة للمركبات العسكرية الأميركية. وعبر تتبّع شراكاتها، يتبيّن أنّ أحد شركاء «Cox Logistics»، شركة إماراتية اسمها «ezra»، التي تشير في موقعها الرسمي إلى أن من بين شركائها هي الأخرى شركة «CMA-CGM shipping line» التي تمثّلها شركة أردنية مملوكة لمستثمر يملك أيضاً إحدى العلامات التجارية لمطعم أميركي تمّت مقاطعته بشكل واسع في الأردن.
وبمعزل عن الموقف الرسمي الأردني، أفاد موقع «واللا» العبري، أوّل من أمس، ببدء التشغيل التجريبي للخطّ البري، وبأن الشاحنات العشر الأولى تمكّنت من عبوره إلى إسرائيل. وسواءً مرّت الشاحنات باسم «Trucknet» أو «Puretrans»، فإن عمّان، ستكون إذا ما صدَق الحديث الإسرائيلي، متورّطة بشكل أو بآخر. والواقع أن هذا التورّط لم يكن مستبعداً، في ظلّ علاقة المملكة بالإمارات والبحرين اللتَين دخلتا في ما يشبه التحالف مع دولة الاحتلال عبر «الاتفاقيات الإبراهيمية». إذ إن هذه الاتفاقيات تستهدف المراكمة على تلك التي حملتها «وادي عربة»، وعلى رأسها اتفاقية النقل الموقّعة في 16 كانون الثاني 1996 في طبريا، من قِبل وزير النقل الأردني سمير قعوار ووزير المواصلات الإسرائيلي إسرائيل كيسار، والتي تنصّ النقطة الثانية من البند «د» الخاص بنقل البضائع من مادتها الثانية المتعلّقة بالنقل البري، على أنه «يجوز في حالات استثنائية منح موافقة خاصة للنقل المباشر لأنواع معينة من البضائع كالمنتوجات الزراعية، وذلك بعد التشاور مع الجهات المختصة لكلا الطرفين».
يذكر أن الأردن والبحرين وقّعا، في 5 كانون الثاني 2023، على هامش اجتماعات اللجنة العليا المشتركة في المنامة، على 7 اتفاقيات ومذكرات تفاهم، من بينها إعلان الأردن كشريك لـ«مركز خدمات الشحن البحرية الجوية العالمي» في البحرين. كما أن المادة 12 من اتفاقية تنظيم النقل البري بالعبور (الترانزيت) بين عمّان والمنامة، الموقّعة في 2001، تعفي نقل البضائع بالترانزيت عبر أراضي الطرفين المتعاقدين من التصريح المسبق.