زيارة بوتين للسعودية والإمارات.. شكوك تلقي بظلالها على تطبيع الرياض وتل أبيب

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 299
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

سلط مركز "ستراتفور" الضوء على زيارة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى السعودية والإمارات، مشيرا إلى أنها تهدف إلى "توحيد الدول الغنية بالنفط حول سياسة تحالف (أوبك+) وطمأنتها بشأن علاقات روسيا المتنامية مع إيران، ومناقشة الحرب المستمرة في غزة"، وتلقي بظلال من الشكوك على مواصلة السعودية مسار التطبيع مع إسرائيل.

وذكر المركز، في تحليل ترجمه "الخليج الجديد"، أن الافتقار المحتمل لرد أمريكي كبير على زيارة بوتين من شأنه أن يخلق مساحة لـ "تعميق التعاون الروسي-الخليجي"، لافتا إلى أن بوتين قال، خلال لقائه مع الرئيس الإماراتي، محمد بن زايد آل نهيان، إن العلاقات بين روسيا والإمارات وصلت إلى "مستوى عالٍ غير مسبوق".

وفي لقائه مع ولي العهد السعودي الأمير، محمد بن سلمان، قال بوتين إنه "لا شيء يمكن أن يعيق تطوير العلاقات الودية بين موسكو والرياض"، فيما أبدى ولي العهد استعداده لزيارة روسيا.

ولم يقم بوتين إلا بزيارة الدول المجاورة أو المتاخمة لروسيا منذ غزو أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، ما يجعل رحلته إلى دول الخليج العربي أكثر إثارة للاهتمام.

وتمثل هذه الرحلة أيضًا المرة الثانية فقط التي يقوم فيها بوتين بزيارة الشرق الأوسط منذ الغزو، حيث كانت الأولى رحلة إلى إيران المجاورة لبحر قزوين في يوليو/تموز 2022، والتقى خلالها بالمرشد الأعلى، علي خامنئي.

واليوم الخميس، 7 ديسمبر/كانون الأول، وفور عودته من الشرق الأوسط، سيستضيف بوتين الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، في موسكو لمناقشة القضايا الثنائية، بما في ذلك العلاقات الاقتصادية، فضلاً عن القضايا الإقليمية والدولية، وخاصة الحرب في غزة.

وقبل رحلته إلى الإمارات والسعودية، لم يقم بوتين، منذ غزو أوكرانيا، إلا بزيارة الصين وإيران والدول السوفيتية السابقة، المجاورة لورسيا.

وفي مارس/آذار 2023، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق بوتين. وستكون البلدان التي صدقت على نظام روما الأساسي، وهي المعاهدة المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية، ملزمة باعتقال بوتين إذا دخل أراضيها، ولكن لا السعودية ولا الإمارات طرف في هذه المعاهدة.

صفقة الطائرات

وفي 28 تشرين الثاني/نوفمبر، زعمت وكالة أنباء "تسنيم" الإيرانية أنه تم الانتهاء من الترتيبات لتسليم طائرات مقاتلة روسية الصنع من طراز "سوخوي 35" وطائرات مروحية روسية إلى إيران، ولم يتضمن تقريرها أي تأكيد روسي للصفقة.

ويلفت تحليل "ستراتفور" إلى أن زيارة رئيسي المرتقبة إلى موسكو ربما تكون وقتا مناسبا لتأكيد الصفقة، التي تحدثت عنها مصادر إيرانية كثيرا في الأشهر الأخيرة دون تحقيق تقدم ملموس.

ومن المرجح أن تعكس زيارة بوتين النادرة إلى دولتي الخليج العربي جهود روسيا لبناء علاقات مع منتجي الطاقة والمراكز المالية ذات الأهمية الحيوية لمعارضة النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة في عام 2024 وما بعده، بحسب تحليل المركز.

ونوه التحليل إلى أن الإعلان عن زيارتي الرئيس الروسي إلى السعودية والإمارات جرى دون سابق إنذار، ومن المحتمل أن يكون لذلك أهداف متعددة، منها تأمين التعاون على المدى القريب بشأن القضايا الملحة المرتبطة بأسعار النفط العالمية والحرب في أوكرانيا.

مصالح النفط

فروسيا تريد إبقاء أسعار النفط العالمية مرتفعة في عام 2024 لتأجيج إرهاق الحرب في أوروبا والإضرار بفرص إعادة انتخاب الرئيس الأمريكي، جو بايدن، وهو ما يعتقد الكرملين أنه سيؤدي إلى انخفاض الدعم المادي لأوكرانيا. وباعتبارها القائد الفعلي لمنظمة أوبك، فإن السعودية تلعب دورًا حاسمًا في تحقيق هذا الهدف.

وفي هذا الإطار، كانت مناقشة مستقبل اتفاق خفض إنتاج "أوبك+" الذي تم التوصل إليه في 30 نوفمبر/تشرين الثاني، على رأس جدول أعمال بوتين في رحلته إلى السعودية، ويرجح "ستراتفور" أنه أصر على الحفاظ على تخفيضات العرض وربما توسيعها لمنع أسعار النفط من الانخفاض في السنة القادمة.

ومن جانبها، لعبت الإمارات دوراً رئيسياً في تمكين روسيا من التهرب من العقوبات الغربية طوال حرب أوكرانيا، ومن ثم فقد سعى بوتين خلال زيارته إليها للحصول على ضمانات بأن تواصل أبوظبي اتباع سياسة مالية "مستقلة" وأن تتحرك لعرقلة تجارة النفط الروسية أو التهرب من العقوبات بناء على طلب الولايات المتحدة.

ومع اختتام قمة الأمم المتحدة للمناخ "كوب 28" في دبي في 12 ديسمبر/كانون الأول، ربما أراد بوتين أيضًا ضمان توافق السعودية والإمارات بشأن قضايا المناخ ومعارضة اللغة المتعلقة بالتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري.

ويرجح "ستراتفور" طمأنة بوتين للسعودية والإمارات بشأن صفقة الأسلحة الروسية الإيرانية المحتملة، والتأكيد على أنها ليست موجهة ضدهما، بل ضد الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن العلاقات العسكرية الروسية المتنامية مع إيران تخاطر بإثارة غضب الرياض وأبو ظبي، اللتين تعتبران طهران تهديدًا أمنيًا كبيرًا، خاصة وسط حرب غزة المستمرة، والتي شهدت تهديد إيران بالتدخل عبر وكلائها لشن هجمات ضد المصالح الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة.

ولتحقيق هذه الغاية، يرجح "ستراتفور" انتهاز بوتين الفرصة في اجتماعاته مع نظيريه الإماراتي والسعودي للتأكيد على أن روسيا ستظل لاعبًا منخرطًا بشكل كامل في الشرق الأوسط وسط حرب غزة، على الرغم من حربها المستمرة في أوكرانيا، من خلال التزام موسكو بوقف إطلاق النار، ودعم حل الدولتين لفلسطين وإسرائيل، كما تفضله الدول العربية.

ويلفت المركز إلى أن زيارة بوتين غير المتوقعة إلى الإمارات والسعودية تدحض الروايات حول عزلة روسيا، وتأتي في الوقت الذي يكافح فيه السياسيون الغربيون للسماح بتسليم أسلحة كافية لوقف المكاسب الروسية في ساحة المعركة بأوكرانيا.

موقف واشنطن

وسيؤدي قرار السعودية والإمارات باستضافة بوتين إلى توتر علاقاتهما مع الولايات المتحدة، لكن من غير المرجح أن ترد واشنطن بعقوبات ذات مغزى أو غيرها من العقوبات الكبرى، بحسب "ستراتفور"، الذي يتوقع أن تواصل الرياض وأبو ظبي وموسكو تعميق العلاقات التجارية والتعاون السياسي.

وتعكس زيارتا بوتين النهج العملي الذي تتبعه الرياض وأبو ظبي في السياسة الخارجية، والذي يركز على تأمين مجموعة واسعة من العلاقات المتنوعة في عالم يتجه نحو تعدد الأقطاب بشكل متزايد.

وبما أن كلا البلدين شريكان قويان للولايات المتحدة، فمن المرجح أن تسعى واشنطن إلى فرض بعض العواقب، أو على الأقل التهديد بها، على زيارة الرئيس الروسي الأخيرة.

وقد يلقي قرار السعودية باستضافة بوتين المزيد من الشكوك حول مستقبل محادثات التطبيع، التي تتوسط فيها الولايات المتحدة بين الرياض وإسرائيل، والتي تعثرت وسط حرب غزة، وقد يجعل واشنطن أكثر ترددا في تقديم ضمانات دفاعية للرياض كجزء من تلك المفاوضات.

وفي الوقت نفسه، قد يؤدي قرار الإمارات باستضافة بوتين إلى زيادة التدقيق الأمريكي بشأن التهرب المحتمل من العقوبات من خلال الولاية القضائية للدولة الخليجية، فضلاً عن انخفاض رغبة واشنطن في إبرام صفقات أسلحة مع أبوظبي.

وبشكل عام، يرجح "ستراتفور" أن يكون انتقام واشنطن ضد السعودية والإمارات أكثر "خطابية ورمزية وغير مهم في نهاية المطاف"؛ لأن الولايات المتحدة لا ترغب في الإضرار بالعلاقات مع منتجي النفط هؤلاء في عام الانتخابات، ولا تزال تقدر كلا البلدين كشريكي دفاع رئيسيين وكجزء من حصن إقليمي ضد إيران.

وسيؤدي الغياب المحتمل لرد أمريكي كبير على زيارة بوتين إلى إرسال رسالة إلى روسيا ودول الخليج العربي مفادها أن بإمكانهم الاستمرار في تعميق العلاقات مع موسكو دون عواقب تذكر، ما يوفر مساحة لعلاقات موسكو التجارية، وتنسيقها السياسي أمام الهيئات الدولية.

وبالنسبة لروسيا، فإن زيارتي بوتين دون رد فعل أمريكي ملحوظ ضد المضيفين قد تشجع الكرملين على تحديد موعد لبوتين كي يقوم بمزيد من الزيارات مع الدول الأخرى التي تجنبها حتى الآن منذ حرب أوكرانيا، وأبرزها تركيا والهند، وهما شريكان رئيسيان لروسيا، ولم تصدقا على نظام روما الأساسي، وبالتالي لن تكونا ملزمتين باعتقال بوتين بموجب مذكرة المحكمة الجنائية الدولية.

صفقات الأسلحة

وفي 5 ديسمبر/كانون الأول، وافقت إدارة بايدن على بيع أسلحة بقيمة 583 مليون دولار للسعودية، مع تصاعد التوترات في الخليج العربي بعد سلسلة من الهجمات البحرية التي شنها الحوثيون المدعومون من إيران في اليمن.

وفي اليوم نفسه، أعلن البيت الأبيض أنه وافق أيضًا على بيع 18 نظام رادار AN/TPQ-50 للإمارات بقيمة 85 مليون دولار.

ورغم زيارة بوتين، من المرجح أن تستمر الولايات المتحدة في المضي قدمًا في هذه الصفقات، حيث تعتبرها ضرورية للحفاظ على العلاقات الوثيقة مع كلا البلدين الخليجيين.

لكن في المستقبل، قد تواجه مبيعات الأسلحة إلى السعودية والإمارات تدقيقًا أكبر أو تأخيرًا في الحصول على الموافقة النهائية، أو حتى يتم حظرها من قبل الكونجرس الأمريكي، إذا اتخذت الرياض أو أبوظبي خطوات ملموسة أكثر للتعاون مع موسكو.

 

المصدر | ستراتفور/ترجمة وتحرير الخليج الجديد