تغيير مسار.. هكذا يمكن للحكام العرب اكتساب شرعية من فلسطين
"لقد خانت الأنظمة العربية غزة، وحان الوقت لتغيير المسار، عبر قطع جميع العلاقات مع إسرائيل للوقوف في وجهها واستعادة الشرعية أمام الشعوب العربية"، وفقا لمهند عياش في مقال بموقع "ميدل إيست آي" البريطاني (MEE).
ومنذ ثلاثين يوما، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربا مدمرة على قطاع غزة، ما أودة بحياة 9770 فلسطينيا، بينهم 4800 طفل و2550 سيدة، وأصاب أكثر من 24 ألفا آخرين، بحسب مصادر فلسطينية رسمية.
عياش تابع، في المقال الذي ترجمه "الخليج الجديد"، أنه "بينما يواجه الشعب الفلسطيني إبادة جماعية، حيث تقتلهم إسرائيل بشكل عشوائي وتهجرهم وتدمر بلداتهم ومدنهم، يتعين على الدول العربية أن تتحرك بطريقة مجدية".
وأضاف أنه "حان الوقت للعالم العربي، بما في ذلك السلطة الفلسطينية، أن يقطع علاقاته الدبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيل".
ومن أصل 22 دولة عربية، تقيم 5 دول هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب علاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، التي تحتل أراضٍ في فلسطين وسوريا ولبنان منذ حرب 1967.
وقال عياش إنه "لسببين رئيسيين، تعتبر الأنظمة العربية حاليا أن مصلحتها الذاتية مرتبطة بالوضع الراهن، حيث تمضي إسرائيل في مشروعها الاستعماري الاستيطاني وتتجاهل الدول العربية القضية الفلسطينية".
"فهم (الأنظمة العربية) أولا وقبل كل شيء يخشون القوة العسكرية الإسرائيلية وحقيقة كونها نووية. ولا تعتقد الدول العربية أن المواجهة مع إسرائيل في مصلحتها؛ فإسرائيل وحلفائها الغربيين قادرون على تدمير الجيوش العربية"، كما زاد عياش.
واستطرد: "وثانيا، هذه الأنظمة لا تريد مواجهة القوى الغربية. إنهم جميعا يدركون أن إسرائيل هي موقع استيطاني للغرب، وبما أنهم حسبوا أنهم لا يستطيعون معارضة القوة الأمريكية، فقد قرروا العمل ضمن هذه الحدود، ما يجلب فوائد اقتصادية أيضا".
نخب حاكمة فاسدة
و"في الحقيقة فإن الفوائد الاقتصادية المتراكمة من هذا النهج تتركز إلى حد كبير في أيدي أقلية من النخب السياسية والاقتصادية (العربية)، وقد يتسرب بعضها إلى الطبقات المتوسطة"، كما أضاف عياش.
واستدرك: "ولكن في الإجمال فإن أغلبية شعوب المنطقة لا تستفيد من هذا الترتيب، وترى عن حق أن النخب الحاكمة في المنطقة فاسدة، وهذا ما كانت تدور حوله الانتفاضات العربية عام 2011".
وتابع: "رغم أن الأنظمة العربية تمكنت من هزيمة الانتفاضات والحفاظ على قوتها من خلال عنف الدولة، بما في ذلك السجن والتعذيب والقتل والرقابة والمراقبة الشاملة، فإن الروح الثورية لم تُهزم وستنهض من جديد وتطالب بإسقاط هذه الأنظمة".
عياش قال إن "الناس في جميع أنحاء المنطقة يدعمون فلسطين بأغلبية ساحقة لأسباب مختلفة، بينها أنهم يعتبرون النضال الفلسطيني انعكاسا لمحنتهم ورغبتهم في الكرامة والحرية.. إنهم يشعرون بالارتياح عندما يرون الشعب الفلسطيني، بموارد قليلة وبدون دولة رسمية، يقف في وجه كل القوة العسكرية للولايات المتحدة وإسرائيل".
وأوضح أنه "سرعان ما ترتد مثل هذه الأفكار على الأنظمة، وبدأوا (الشعوب) يتساءلون لماذا فشل النظامان المصري والأردني في التحرك لتخفيف معاناة الفلسطينيين في غزة، أو لماذا لم تستخدم السعودية (أكبر دولة مصدرة للنفط) نفوذ إمداداتها من النفط للضغط على الولايات المتحدة لدفعها إلى وقف دعمها للحرب التي تخوضها إسرائيل".
الخوف والشرعية
"إذًا ما هي المصلحة الذاتية لهذه الأنظمة في تغيير المسار الآن؟.. باختصار، الجواب هو الشرعية، فهذه الأنظمة الشمولية لا ترتبط بارتباط عضوي مع الشعوب، بل ارتباط قائم على الخوف"، كما تابع عياش.
وأضاف أن "أسرع طريقة يمكن لهذه الأنظمة من خلالها تطوير علاقة عضوية مع شعوبها هي اتخاذ إجراءات ملموسة تقف في وجه إسرائيل والولايات المتحدة".
واعتبر أن "النهج الحالي للدول العربية سيجعلها مجرد هوامش في التاريخ؛ فكلماتهم وأفعالهم مجرد تعبير عن عدم قدرتهم على معارضة المطالب الإمبريالية للإمبراطورية الأمريكية، وللدخول إلى النص الرئيسي، عليهم أن يتخذوا موقفا أكثر جرأة ضد إسرائيل والقوة الإمبريالية الأمريكية".
وشدد عياش على أن هذا "لا يعني بالضرورة حربا مع الولايات المتحدة أو إسرائيل، إذ من الممكن أن تعمل الضغوط الاقتصادية والسياسية بفعالية كبيرة، وربما أكثر من أي وقت مضى".
وزاد بأنه "يمكن لتحالف عالمي من الدول أن يصبح قوة جبارة إذا واجهوا بشكل جماعي وصريح ومباشر القوة الإمبريالية الأمريكية، بهدف طردها من المنطقة. وبنفس الطريقة، يمكن دفع إسرائيل للتخلي عن مشروعها الاستعماري الاستيطاني".
المصدر | مهند عياش/ ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد