من رحم حل فلسطيني ميت.. هل يولد تطبيع سعودي إسرائيلي؟
تساءل الكاتب ديفيد هندريكسون إن كان بالإمكان تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية، دون احترام حقوق الشعب الفلسطيني، ولاسيما إقامة دولة مستقلة، بحسب مقاله في مجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية (National Interest).
هندريسكون تابع، في المقال الذي ترجمه "الخليج الجديد"، أن "الجزء المركزي من الصفقة الكبرى (تطبيع العلاقات بوساطة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن) هو الحل الواضح، ولكنه ليس حلا حقيقيا للقضية الفلسطينية".
وقالت نائبة وزير الخارجية الأمريكي، فيكتوريا نولاند، في تصريح متلفز مؤخرا، إن اتفاق التطبيع سيضمن أن "يظل احتمال حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية) حيويا وقويا".
ووفقا لهندريكسون، فإنه "بما أن هذا الحل مات ودُفن لسنوات عديدة، ولم يكن موجودا إلا في الأحاديث باعتباره افتراضيا محفوفا بالمخاطر، فإن صياغة نولاند غريبة".
وتابع أن "الأحداث على الأرض، وعلى رأسها وجود 700 ألف مستوطن إسرائيلي في الضفة الغربية (المحتلة)، تشير منذ فترة طويلة إلى عدم وجود تسوية تحترم الحقوق الفلسطينية".
وأردف: "وقد أظهر العقدان الماضيان أن الإسرائيليين لا يريدون دولة فلسطينية مستقلة، وأن الأمريكيين لا يستطيعون أو لا يريدون أن يجعلوهم يريدون ذلك".
ومنذ أبريل/ نيسان 2014، توقفت مفاوضات السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لأسباب بينها تمسك تل أبيب باستمرار البناء الاستيطاني في الأراضي المحتلة وتنصلها من إقامة دولة فلسطينية.
معاهدة دفاع
وفي مقابل الاعتراف بإسرائيل، يقال إن السعوديين لديهم 4 مطالب هي، بحسب هندريكسون: توقيع معاهدة دفاع مشترك مع الولايات المتحدة، والحصول منها على أسلحة أكثر تطورا، ودعم تشغيل دورة وقود نووي كاملة، بما فيها تخصيب اليورانيوم داخل المملكة، إلى جانب التزامات إسرائيلية نحو إقامة دولة فلسطينية.
واعتبر أن "إدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن بالغت إلى حد كبير في تقدير النفوذ الذي توفره لها المعاهدة الأمنية المقترحة مع السعودية".
وزاد بأن أنصار صفقة التطبيع يقولون إن "تلك اللحظة ستكون الأكثر تحولا في تاريخ العالم منذ نهاية الحرب الباردة (1991)، وهي صفقة ضخمة يمكن أن تغير كل شيء".
و"من شأن الصفقة أن تعزز إنشاء نظام دفاع جوي أمريكي متكامل في جميع أنحاء الشرق الأوسط (موجه ضد إيران)، وأن تحفز الاستثمار في ممر جديد للشحن والسكك الحديدية يربط الهند والسعودية والإمارات والأردن وإسرائيل بأوروبا"، كما أردف هندريكسون.
واستدرك: "لكن اعتقاد المسؤولين الأمريكييين القائلة بأن محمد بن سلمان (ولي العهد السعودي) يريد حقا معاهدة أمنية، وعلى استعداد لتقديم الكثير للحصول عليها، تبدو غير قابلة للتصديق إلى حد كبير".
وتابع: "يُرجى النظر في النظرية المعارضة القائلة بأن السعوديين لا يريدون تحالفا أكثر إحكاما مع الولايات المتحدة، وأن هذه المفاوضات هي جزء من استعداداتهم لعالم خالٍ من ذلك".
روسيا والصين
"في الواقع، تسعى الصفقة الكبرى إلى عكس اتجاه السياسة الخارجية الجريئة الجديدة التي انتهجتها السعودية العام الماضي"، وفقا لهندريكسون.
وأردف أن "بايدن بدأ رئاسته (في 2021) من خلال التعامل مع محمد بن سلمان باعتباره منبوذا (...) ثم اتضح له ولمستشاريه تدريجيا أن نتيجة الصراع التاريخي (الأمريكي) مع روسيا والصين يمكن أن تنقلب على صراع النفوذ في الشرق الأوسط".
ومضى قائلا إن مثل هذا الصراع "يجعل الرياض لاعبا محوريا في تلك اللعبة العظيمة؛ لذلك هناك الكثير على المحك، ووسيلة إدارة بايدن لحمل السعوديين على عكس مسارهم هي المعاهدة الأمنية الأمريكية".
وأضاف أن "الالتزام (الأمني) الأمريكي التقليدي ذا قيمة كبيرة بالنسبة للسعودية، لكن هذا الشيء لم يعتمد على المودة الأمريكية تجاه السعوديين، بل على الكراهية والخوف من إيران".
وكثيرا ما اتهمت السعودية والولايات المتحدة إيران بامتلاك أجندة توسعية في المنطقة والتدخل في الشؤون الداخلية لدول عربية، بينما تقول طهران إنها تلتزم بمبادئ حُسن الجوار.
"طالما أن العداء لإيران هو محور السياسة الأمريكية في المنطقة، فإن السعوديين يحققون (بطبيعة الحال) نفس القدر من الأمن، الذي يمكنهم تحقيقه بموجب معاهدة رسمية"، كما زاد هندريكسون.
المصدر | ديفيد هندريكسون/ ناشيونال إنترست - ترجمة وتحرير الخليج الجديد