الجارديان: السعودية تستجوب مؤثرين على سناب شات لم ينشروا ما يكفي لتلميع ولي العهد
قالت صحيفة "الجارديان" البريطانية إن السعودية تستغل تطبيق "سناب شات" الأمريكي للتراسل، والذي يشترك مستثمر سعودي في ملكيته، للترويج لصورة ولي عهدها الأمير محمد بن سلمان، بينما تفرض أيضًا أحكامًا شديدة القسوة على المؤثرين الذين يستخدمون المنصة لنشر انتقادات -وإن كانت مخففة- لملك المستقبل.
وكشف تقرير نشرته الصحيفة، وترجمه "الخليج الجديد"، أن السلطات السعودية استجوبت مؤثرين على "سناب شات" داخل المملكة؛ لأنهم لم ينشروا ما يكفي لتلميع ولي العهد، وفقا لما نقل عن شخص على دراية بالتطورات.
وأوضح التقرير أن "سناب شات"، الشركة التي تتخذ من كاليفورنيا مقراً لها، والتي وافقت العام الماضي على "التعاون" مع وزارة الثقافة السعودية، لديها أكثر من 20 مليون مستخدم في المملكة؛ بما في ذلك ما يقدر بنسبة 90% من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و34 عامًا.
الأمير التقى مؤثرين بنفسه
وأشارت الصحيفة إلى أن الأمير محمد التقى شخصيًا ببعض كبار المؤثرين على "سناب تشات"، وأجرى معهم محادثات غير رسمية حول الأحداث الجارية وسبل دعمه، وفقًا لأشخاص مطلعين على اللقاءات.
المنصة، التي تسمح للمستخدمين بمشاركة الرسائل والصور ومقاطع الفيديو التي تختفي بعد مشاهدتها، تحظى بشعبية كبيرة، لدرجة أن أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في الشركة وصف التطبيق مؤخرا بأنه "امتداد للنسيج الاجتماعي (في المملكة)"، كما يقول التقرير.
استثمار سعودي في "سناب شات"
ولفتت "الجارديان" إلى أن أحد أكبر المستثمرين المنفردين للشركة هو الأمير السعودي الوليد بن طلال، الذي استثمر في عام 2018 مبلغ 250 مليون دولار في الشركة.
ويقول مراقبون عن قرب للحسابات التي تم التحقق منها في السعودية، إن المنصة تستخدم من قبل العديد من المؤثرين للترويج لصورة بن سلمان، حيث يشارك المؤثرون على نطاق واسع وبشكل موحد أي صور جديدة للأمير أو أي محتوى فيديو آخر يروج له.
ويرى النقاد والمعارضون وخبراء حقوق الإنسان أن المنصة تُستخدم أيضًا كأداة للقمع المحلي والعالمي.
وتنقل الصحيفة عن أشخاص تحدثوا إليها، شريطة عدم الكشف عن هويتهم لحماية جهات الاتصال في المملكة، إن المنشورات تخضع لمراقبة الأجهزة الأمنية السعودية عن كثب.
ويؤكد بعضهم أنه في بعض الحالات، تم استجواب المؤثرين غير السياسيين من قبل الأجهزة الأمنية لعدم نشرهم ما يكفي عن ولي العهد، وفقًا لشخص على دراية مباشرة بالموضوع.
تتضمن هذه التفاعلات أحيانًا تهديدات بعدم منح المؤثر ترخيصًا معتمدًا من الحكومة، وهو أمر إلزامي الآن للمؤثرين الذين يسعون إلى جني الأموال من المنصة، وينظر إليها منتقدو الحكومة على أنها طريقة أخرى للسلطات للحفاظ على سيطرتها على الشبكات الاجتماعية داخل المملكة، كما يقول التقرير.
التضييق على معارضين
وتروى الصحيفة قصة أحد المؤثرين السعوديين على "سناب شات" ويدعى منصور الرقيبة، لديه أكثر من 2 مليون متابع، حيث تم اعتقاله في مايو/أيار 2022 على خلفية منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي اعترف فيها بتعرضه للابتزاز من قبل شخص ادعى أنه سمعه ينتقد رؤية بن سلمان 2030.
وقال شخص مطلع على القضية إن الرقيبة تلقى حكما بالسجن 27 عاما.
وفي الولايات المتحدة، يقول المعارضون السعوديون، بمن فيهم خالد الجبري، وهو ينتقد بن سلمان بشكل متكرر، إنهم تعرضوا للمضايقات من قبل مستخدمي سناب تشات المقيمين في المملكة.
وقال الجبري: "شعبية سناب شات تجعله أداة مثالية لنظام قمعي يستغل سناب شات في نشر دعاية الدولة، واغتيال شخصية المنتقدين، ومراقبة النشطاء والمؤثرين".
ما يدعم هذه المخاوف هو تقرير حقوق الإنسان الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية لعام 2022، والذي أشار إلى أن السلطات في السعودية "تراقب بانتظام مواقع الويب والمدونات وغرف الدردشة ومواقع التواصل الاجتماعي ورسائل البريد الإلكتروني والرسائل النصية".
كما أفادت وزارة الخارجية بأن الحكومة السعودية تضايق الأفراد من خلال استخدام حسابات وسائل التواصل الاجتماعي الآلية لضمان سيطرة الرسائل المؤيدة للحكومة على قوائم اتجاهات وسائل التواصل الاجتماعي و"إسكات الأصوات المعارضة بشكل فعال".
وتنقل "الجارديان" عن رون ديبرت، مدير "سيتيزن لاب" في مدرسة مونك بجامعة تورنتو: "لدى الأوليجارشية الخليجية الغنية بالبترول سجل حافل مقلق في معاقبة مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، واستخدام عمليات التأثير الرقمي متعددة الأبعاد لإسكات النقاد والقيام بقمع عابر للحدود الوطنية".
ويضيف ديبرت إن قبول الاستثمار السعودي لا يؤدي فقط إلى خلق مشكلة علاقات عامة، ولكن ربما مشكلة تشغيلية، لأنه من "شبه المؤكد" أن مثل هذه الحكومات الاستبدادية ستحاول الاستفادة من استثماراتها لممارسة السيطرة على المنصة.
بدوره، قال متحدث باسم "سناب شات" إن الشركة "ملتزمة بحماية سلامة مستخدمي سناب تشات والتعبير عن أنفسهم في جميع أنحاء العالم"، لكن المتحدث الرسمي لم يقدم أي تعليق محدد بشأن سجن المستخدمين في المملكة، أو ما إذا كانت القضية قد نوقشت من قبل مجلس إدارة الشركة؛ بما في ذلك الرئيس التنفيذي ومؤسسها، إيفان شبيجل، كما يقول التقرير.
مشكلات غامضة بحسابات معارضين
وقال بعض المعارضين السعوديين الذين يعيشون خارج المملكة إن الشركة تجاهلت شكاواهم المتعلقة بحساباتهم.
ويتحدث التقرير عن عمر عبدالعزيز، الناشط السعودي المقيم في كندا، وكان شريكًا مقربًا للصحفي السعودي المقتول جمال خاشقجي، حيث يؤكد أنه حاول لسنوات التحقق من مشكلة في حسابه على "سناب شات" دون جدوى.
وفي حين أن عبدالعزيز لديه أكثر من 600 ألف متابع على "تويتر"، فإن متابعيه على "سناب تشات"، حيث ينشر مقاطع الفيديو، ظلوا راكدين، أو يتناقصون لسنوات.
وأوضح عبدالعزيز أنه يشتبه في أنه كان على الأرجح ضحية المتصيدين الذين ترعاهم السعودية - المعروفين أحيانًا باسم "جيش سلمان" - الذين "يبلغون" عن حسابه الذي قد يؤثر بدوره على قدرته على زيادة المتابعين.
وقال: "عليهم (سناب شات) حماية النشطاء من هذا"، مشيرًا إلى مشكلات مماثلة واجهها على موقع "يوتيوب" قبل أن تحل الشركة المشكلة.
ونشرت "الجارديان" لقطات شاشة لمراسلات عبدالعزيز السابقة مع فريق خدمة العملاء في الشركة، والتي طلب فيها التحقق، مع متحدث باسم "سناب".
ورداً على ذلك، قال "سناب شات" إن هذه الطلبات "لم يتم توجيهها إلى الفريق المناسب"، وأن طلب عبدالعزيز لم يتم رفضه رسميًا مطلقًا.
معارضة سعودية أخرى، تدعى دانة المعيوف، وهي فنانة تعيش في الولايات المتحدة وكانت منتقدة صريحة لحكومة المملكة، تم تعليق حسابها على "سناب تشات" عدة مرات دون تفسير، كما يقول التقرير.
وفي عام 2019، تم الاتصال بالمعيوف من قبل مواطن سعودي يدعى إبراهيم الحسين، حاول استدراجها إلى اجتماع ووعدها بمساعدتها في القضايا التي انخرطت فيها، وتم القبض على الحسين لاحقًا وإدانته بالكذب على مكتب التحقيقات الفيدرالي بشأن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي المجهولة وإنشاء حسابات لمضايقة المعارضين السعوديين المقيمين في الولايات المتحدة وكندا.
وقالت المعيوف إنها تواصلت مع "سناب شات" لتسأل عن حسابها، لكنها لم تسمع أي رد.
وتقول "الجارديان" إنه على الرغم من أن بعض السعوديين المنتقدين أصيبوا بالارتباك بسبب التعامل مع حساباتهم، استمرت "سناب شات" في منح منصة لهارب سعودي من مكتب التحقيقات الفيدرالي يُدعى أحمد الجبرين، والذي تهرب من الاعتقال بعد اتهامه بتورطه المزعوم في مؤامرة سعودية لاختراق "تويتر" والتجسس على معارضين سعوديين.
المصدر | الجارديان - ترجمة وتحرير الخليج الجديد