التاريخ والأسباب والدوافع.. كيف تنظر الرياض وطهران إلى صفقة الاتفاق بينهما؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 698
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

قبل أسبوعين، في 10 مارس/آذار، قالت إيران إنها ستستعيد العلاقات الدبلوماسية مع السعودية بعد انقطاع دام 7 سنوات في إطار صفقة بوساطة الصين.

يتناول مقال بانفشة كينوش في "معهد الشرق الأوسط" اتفاق طهران والرياض على الحفاظ على سرية محتويات الاتفاقية المطولة. بالرغم من وصفها علنًا بأنها اتفاقية ثنائية، لكن النقاط الرئيسية للصفقة تركز حسبما ورد على ضمان الاستقرار الإقليمي في الخليج والشرق الأوسط على نطاق أوسع. وتهدف الصفقة إلى تمكين الجانبين من إجراء حوار دبلوماسي مفتوح، بدلاً من الدخول في صراع على حساب المنطقة.

وبحسب ما ورد تتضمن الصفقة تأكيدات متبادلة بألا تخرب إيران أو السعودية مصالح الطرف الآخر في مجموعة من القضايا في المجالات السياسية والاستخباراتية والأمنية والإعلامية، بحيث يمكن اتباع خطوات بناء الثقة.

ويرجح المقال الذي ترجمه "الخليج الجديد" أن الاتفاق لن يوقف دعم إيران لما يسمى بـ"محور المقاومة"، وهو تجمع من الحلفاء والوكلاء الإقليميين الذين تستخدمهم طهران لتعزيز أمنها. وقام وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، بجولة في المنطقة في الأشهر الأخيرة، مصرا على دعم إيران للمحور.

ويرى المقال أن أحد الأسباب الرئيسية للتوصل إلى الاتفاق الآن، وفقًا لمصادر في طهران، هو اعتراف السعودية بضرورة الوصول إلى السبب الجذري للمشكلة التي تواجهها في اليمن، حيث تدعم طهران جماعة الحوثيين، من خلال العمل مع إيران وإعطاء فرصة للمصالحة. وقد شدد الإعلان العلني للاتفاق على احترام مبادئ سيادة الدولة وعدم التدخل، وهو ما يقول أمير اللهيان إنه دليل كاف على المضي قدمًا في النوايا الإيرانية في اليمن.

 

نشاط دبلوماسي

قبل أشهر من توقيع الصفقة، أشارت موجة من الدبلوماسية إلى انفتاح تدريجي على الجبهة الإيرانية السعودية؛ في 7 ديسمبر/كانون الأول 2022، سافر الرئيس الصيني شي جين بينج إلى السعودية، حيث أجرى محادثات حول إيران وأحال مبادرة أدت إلى الاجتماع بين إيران والمملكة العربية السعودية في بكين في مارس/آذار 2023.

ثم التقى وزيرا الخارجية أمير عبداللهيان وفيصل بن فرحان آل سعود خلال مؤتمر بغداد الثاني في عمان في 20 ديسمبر/كانون الأول 2022. وبحسب النائب في البرلمان الإيراني، جواد كريمي قدوسي، تلقت إيران في اجتماعات على هامش المؤتمر إشارات من أن السعودية كانت حريصة على إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 التي انسحبت منها الولايات المتحدة في عام 2018.

كما تمت مناقشة المبادرة الصينية مرة أخرى عندما سافر الرئيس إبراهيم رئيسي إلى بكين في فبراير/شباط 2023، ما يشير إلى أنه ربما كانت هناك درجة من التنسيق بين واشنطن وبكين في تشجيع ذوبان الجليد بين طهران والرياض.

وتقول كل من إيران والسعودية إن الطرف الآخر طلب المحادثات التي جرت في بكين. وفقًا للرياض، تطرق الرئيس شي إلى موضوع مزيد من المحادثات في رحلته إلى المملكة في ديسمبر/كانون الأول 2022. وتقول إيران إن السعودية طلبت المساعدة الصينية في استئناف المحادثات مع طهران، والتي تم إبلاغ رئيسي بها عندما ذهب إلى بكين.

 

وساطة عراقية

استضاف العراق في الفترة من 2021 إلى 2022، 5 جولات من المحادثات بين طهران والرياض وطلب الإعلان عنها قرب النهاية، ربما لتمهيد الطريق أمام بغداد لتقديم مزيد من المساعدة لتهدئة التوترات بين الولايات المتحدة وإيران بشأن الاتفاق النووي. ويشير اهتمام العراق بتشجيع ذوبان الجليد بين واشنطن وطهران إلى أن القضية مرتبطة أيضا بالتقدم المحرز في بغداد بشأن قضية محادثات طهران والرياض.

كان من المفترض أن تؤدي الجولة الخامسة من المحادثات التي عُقدت في بغداد في أبريل/نيسان 2022 إلى اجتماعات مستقبلية بين إيران والسعودية، وواصل العراق تقديم خدمات الوساطة لكلا الجانبين على مدار العام. لكن بعد آخر مناقشات وجهاً لوجه في أبريل/نيسان، حيث توقعت إيران أن تتلقى رداً سعودياً كتابياً لمواصلة المفاوضات، تراجعت الرياض، بالرغم من حقيقة أن الجانبين قد توصلا إلى اتفاق، تمامًا مثلما توقفت محادثات الاتفاق النووي مرة أخرى.

ويشير المقال إلى أن سبب تعطيل المحادثات هو تركيز إيران على القضايا الاقتصادية، مع مراعاة العقوبات المفروضة عليها وتأثيرها على علاقاتها التجارية. كان ذلك بالرغم من حقيقة أن نائب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي، سعيد جليل إرافاني، كان يقود المحادثات مع كبار المسؤولين في جهاز المخابرات السعودية، بمن فيهم مدير عام المخابرات العامة، خالد بن علي الحميدان، وطالب المفاوضون السعوديون بأن تركز المحادثات على حل الملفات الأمنية الرئيسية.

وفي يونيو/حزيران، وصل رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى إيران قادما من جدة لدفع الجولة التالية من المحادثات، وبعد ذلك دعمت إيران الهدنة في اليمن في نفس الوقت الذي اتفقت فيه واشنطن وطهران على استئناف محادثات خطة العمل الشاملة المشتركة غير المباشرة في قطر عبر أوروبا. اتحاد. وأكدت إيران في وقت لاحق أنها مستعدة لاستعادة العلاقات إذا ردت السعودية بالمثل. كما دفع أمير عبداللهيان من أجل إعادة فتح السفارات، لكن اللامبالاة من الجانب السعودي حالت كما ورد دون إحراز مزيد من التقدم.

ثم يضيف المقال أن إيران شرعت في إجراء محادثات ثنائية مع مصر والأردن، أكدت خلالها القاهرة لطهران أنها لن تدعم أي تحالف إقليمي ضدها، فيما تراجعت عمان عن فكرة تشكيل حلف شمال الأطلسي العربي الذي كانت قد أيدته في السابق. بعد شهر، اتخذت إيران خطوات لاسترضاء الاتحاد الأوروبي بشأن نيتها الجادة لإحياء الاتفاق النووي.

وقد أخّرت الاحتجاجات على الصعيد الوطني في إيران في سبتمبر/أيلول إجراء مزيد من المحادثات بين إيران والسعودية. وفقا لصحيفة كيهان، الناطقة بلسان المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، فإن قدرة طهران على تحييد حرب العدو الهجينة التي تهدف إلى إحداث تغيير في النظام خلال الاحتجاجات ورفضها الاستسلام للضغوط الأجنبية للتخلي عن برنامجها النووي كان لها دور فعال في يمهد الطريق لاتفاق نهائي مع السعودية بمجرد هدوء الاحتجاجات.

بالإضافة إلى ذلك، وصلت الجولة الأخيرة من المحادثات الإيرانية السعودية في العراق بالفعل إلى نتيجة بشأن قضايا مرتبطة بالاحتجاجات في إيران، والتي ألقت طهران باللوم فيها على محطات تلفزيونية معارضة في الخارج يُزعم أن السعوديين مولوها.

 

تدخل بكين

لمناقشة المبادرة الصينية 2022، اقترحت طهران في أن يجتمع نائبا وزير الخارجية الإيراني والسعودي في بكين. ودعت الرياض إلى محادثات رفيعة المستوى بين كبار المسؤولين الأمنيين، رداً على ذلك أرسلت طهران سكرتير مجلس الأمن القومي، علي شمخان إلى الصين. ثم شارك رؤساء أجهزة الأمن القومي والمخابرات الإيرانية والسعودية في اجتماعات استمرت أسبوعًا. ووصف شمخاني المحادثات بأنها إيجابية ومباشرة وشفافة. وركزت الاتفاقية الناتجة على العلاقات الثنائية، ولكن ورد أنه تم وضع إجراءات لمناقشة القضايا العالقة في وقت لاحق بهدف بناء التعاون في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي.

ويشير المقال بحسب مصادر في إيران إلى أن المحادثات كانت متوازنة، وأضافت هذه المصادر أن استئناف العلاقات الدبلوماسية لا يترتب عليه تغيير الإستراتيجية من قبل أي من الجانبين أو إضعاف أي من الدولتين. بدلاً من ذلك، كان ذلك يعني أن التبادلات الثنائية ستحل محل الصراع المعتاد طويل الأمد بين طهران والرياض.

ومن جانب آخر يلفت المقال الانتباه إلى أن الملفات الإقليمية لم تكن أولوية فورية في الصفقة، لكن تحسين العلاقات الثنائية يمكن أن يؤدي إلى تقليل التوترات وزيادة الاستقرار. وسيلتقي أمير عبداللهيان وفيصل بن فرحان لمناقشة استئناف العلاقات الدبلوماسية ووضع إطار لتوسيعها.

وأكدت طهران أنها تلقت منذ ذلك الحين رسائل من السعودية عبر الحكومة السويسرية، وأن طهران والرياض عقدتا ما مجموعه 5 جولات من المحادثات في العراق و3 جولات من الاجتماعات الأمنية في مسقط للتوصل إلى اتفاق في بكين.

 

الإعلام الإيراني

وفقًا لكيهان صاغ الاتفاق الإيراني السعودي قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الذي قتلته القوات الأمريكية في طريقه للتفاوض على صفقة مع السعوديين في بغداد في يناير/كانون الثاني 2020. وبحسب ما ورد ذهب سليماني إلى حد اقتراح 10 سنوات لاتفاقية عدم تصعيد بين إيران والسعودية في مناطق الصراع بالشرق الأوسط. وهذا يعني أن الولايات المتحدة والغرب لم يلعبوا دورًا رئيسيًا في المحادثات، بالرغم من أنهما كانا على علم بأن المفاوضات جارية وبشأن اتفاق معلق في 10 مارس/آذار.

كما تسمي كيهان الصفقة بأنها اتفاقية قائمة على الربح والخسارة. كما هو الحال في أي صفقة، قد يكون الجانبان في بعض الأحيان أكثر عدائية، بينما في أحيان أخرى قد يكونان أكثر ودية. يتعلق الأمر بتجميع كليهما معًا واكتشاف كيفية العيش كجيران. وبحسب الصحيفة، ما دام الجانبان يحافظان على التزاماتهما، فإن الصفقة يمكن أن تستمر.

ويرى المقال أن إيران تأمل أن تكون قد قامت ببناء اتفاق دائم يؤدي، في الوقت المناسب، إلى المصالحة مع مجلس التعاون الخليجي، ويعزز التقارب الإقليمي، ويساعد على تخفيف التوترات في مناطق الصراع في الشرق الأوسط أو إنهائها.

ويشير المقال إلى أنه من وجهة نظر إيران إذا أثبتت الصفقة نجاحها، فسيجد الغرب صعوبة في اتخاذ خطوات لتقويض الاتفاقية أو إخراجها عن مسارها، حتى لو أراد ذلك؛ هذا ليس فقط لأنه لم يلعب دورًا رئيسيًا في تشكيل الصفقة، ولكن أيضًا لأنه قد يضعف في نهاية المطاف نفوذ الولايات المتحدة على السعودية.

 

المصدر | بانفشة كينوش | معهد الشرق الأوسط - ترجمة وتحرير الخليج الجديد