عبد الله الثاني: ابن سلمان يتآمر علينا وثائق تفنّد مشروع محاصرة الأردن... لإغراقه بالفوضى

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 908
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

يعيش الأردن، منذ سنوات، أوضاعاً سيّئة على مستويات مختلفة، ولا سيما منها المستوى الاقتصادي، في ما يبدو نتيجةَ حصارٍ غير معلَن تشارك فيه الولايات المتحدة والسعودية، بهدف فرْض أجندة بعيْنها على المملكة. أجندةٌ تحدّث عنها بوضوح الملك عبد الله الثاني، قبل عام، أمام مجموعة من الإعلاميين الأردنيين، متّهِماً صِهر الرئيس الأميركي السابق، جاريد كوشنير، بمحاولة فرْضها، مشيراً أيضاً إلى تورُّط دولة عربية كبرى لم يُسمّها، قبل أن يُفصح عن أن وليّ العهد السعودي، محمد بن سلمان، «يتآمر على الأردن، ويمنع الدول العربية الشقيقة من تقديم مساعدات إليه». ويُعتبر كلام الملك، الذي جاء في وثائق سرّية اطّلعت «الأخبار» على مضمونها، وتتناول الوضع في هذا البلد على الصُعد كافّة، إشارة مزدوجة إلى «صفقة القرن» التي أراد كوشنير فرْضها على عمّان، ومحاولة الانقلاب الفاشلة التي قادها شقيق عبد الله، الأمير حمزة، بمساعدة مستشار ابن سلمان، باسم عوض الله، المعتقَل حالياً لدى السلطات الأردنية، والذي مثّل حلقة الوصل بين وليّ العهد السعودي وبين الأمير حمزة، على رغم أن الرياض حرصت على ألّا تترك دليلاً على تورُّطها في تلك المحاولة.
وفي موازاة الجفاء مع السعودية، سعى الملك الأردني إلى تعزيز علاقته برئيس الإمارات، محمد بن زايد، في محاولة لكسر الحصار غير المعلَن على بلاده التي تفتقر إلى الموارد، وتعيش على المساعدات الخارجية. وجاء ذلك في وقت بدأت فيه ملامح «الأردن الجديد»، على حدّ وصْف السفير الأميركي في عمّان، هنري ووستر، تتشكّل، وتأخذ مظاهر سلبية للغاية، من بينها ارتفاع نسبة البطالة إلى 50%، وانتشار السلاح بين أيدي المواطنين، وتنامي ظاهرة فرْض الخوّات، وتزايُد لجوء الأردنيين إلى عشائرهم على حساب منطق القانون، واستمرار نعرة التمييز بين الأردنيين من أصل فلسطيني والأردنيين من عشائر شرق الأردن، هذا فضلاً عن التظاهرات الاعتراضية التي شهدتْها أخيراً عدد من المحافظات، ولا سيما معان والطفيلة والزرقاء، احتجاجاً على تردّي الأوضاع الاقتصادية واستمرار الاعتقالات السياسية.

ويبدو، ممّا تَقدّم، أن «معاهدة السلام» مع العدو لم تَعُد تشفع للأردن، الذي صار منذ سنوات، حتى تحت حُكم الملك عبد الله، يمثّل إحدى الدول التي تقف عائقاً في وجه المشاريع الإسرائيلية والأميركية المستجدّة، خاصّة في ما يتعلّق بالأراضي الفلسطينية المحتلّة وتحديداً بالمسجد الأقصى. وإذ ارتبطت «شرعيّة» النظام، في نَظر الكثير من الأردنيين، بالوصاية الهاشمية على الحرم القدسي، فمن الطبيعي أن يفكّر اليمين الإسرائيلي الحاكم في التخلّص منها، إذا ما أراد المُضيّ في مشاريعه لتغيير «الوضع القائم» هناك. ولذا، فالخيار الأفضل بالنسبة إليه، كما يَظهر، هو إضعاف النظام الأردني، وبثّ الفوضى في هذا البلد.

في ما يلي ملخّص

مضمون الوثائق التي اطّلعت عليها «الأخبار»:

في لقاء مع إعلاميين أردنيين في شباط 2022، بدا الملك عبد الله الثاني مستاءً جدّاً من مسار الحملات الإعلامية التي تستهدفه شخصياً والأسرة الحاكمة في المملكة، ولا سيما زوجته الملكة رانيا، في ضوء ما قيل عن أرصدة لهما في أحد المصارف السويسرية. وقال بعض مَن حضروا اللقاء إن عبد الله ذكر أن هناك محاولة لإملاء أجندة معيّنة على المملكة، وأن الأردن «لن يسمح للمتآمرين بكسره». وعندما سُئل عن هويّة الذين «تآمروا أو يتآمرون»، استذكر صهر الرئيس الأميركي السابق، جاريد كوشنير. كما أشار إلى دولة عربية كبرى من دون تسميتها، لكنه عاد وأفصح عن أن وليّ العهد السعودي، محمد بن سلمان، «يتآمر على الأردن، ويمنع الدول العربية الشقيقة من تقديم مساعدات إليه». وفي المقابل، أطلق الملك، خلال اللقاء نفسه، إشارات إيجابية نحو الإمارات والكويت والعراق.

وتَشتبه الأجهزة الأمنية الأردنية في أن مستشار وليّ العهد السعودي، باسم عوض الله، كان قبل اعتقاله في ربيع العام الماضي، صِلة وصْل بين محمد بن سلمان والأمير حمزة، الذي تمرّد على شقيقه ملك الأردن. وفي هذا الإطار، نَقل المدير التنفيذي لـ«البنك الدولي»، ميرزا حسن، إلى مسؤول خليجي التقاه في حزيران 2021، معلومات تفيد بأن السعودية لم تُبدِ تأييداً لفكرة محاولة الانقلاب على عبد الله، ولكنها لم تُعارضها كذلك. وأضاف أن عوض الله أكد للأمير حمزة أنه يضْمن دعْم السعودية للعملية، منبّهاً إيّاه في الوقت نفسه إلى أن الأخيرة لا تريد أن يكون هناك دليل على تورّطها فيها. وتابع حسن أنه عند زيارة وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، إلى الأردن إثر إحباط تحرُّك حمزة واعتقال عوض الله، جزم ابن فرحان أن الأخير لا يمثّل بلاده على رغم قُربه من ابن سلمان. لكنه أعطى الموضوع تفسيراً آخر، إذ أكّد لمُحادثيه أن محاولة الانقلاب غير بعيدة عن «صفقة القرن»، وأن مستشار الرئيس الأميركي السابق، جاريد كوشنير، يشعر بالاستياء الشديد حيال الملك الأردني، لعدم تَعاوُنه معه لتمرير الصفقة. والجدير ذكره، هنا أيضاً، أن وفداً من المخابرات السعودية حاول المشاركة في التحقيقات في القضية، لكن من دون جدوى.

من جهة أخرى، ذكر تقرير ديبلوماسي أعدّته دولة خليجية مطلع عام 2019، أن وليّ العهد السعودي يعمل من أجل انتزاع الوصاية الهاشمية على القدس، من الأردن لحساب السعودية. كما برزت مخاوف لاحقاً من سعي المغرب أيضاً لوضع يده على المقدسات الإسلامية في المدينة المحتلّة، في ضوء عملية التطبيع الرسمي التي بدأتْها الرباط مع تل أبيب، لا سيما أن ملك المغرب يرأس «لجنة القدس» في «منظّمة التعاون الإسلامي». كذلك، يشير ديبلوماسيون مطّلعون على الوضع في الأردن، إلى ازدياد التدخّلات الخارجية في شؤونه الداخلية، بدءاً من البحث الأميركي عن حلول للقضية الفلسطينية عبر «صفقة القرن» والمخاطر التي حملتْها على مستقبل هذا البلد باعتباره «الوطن البديل» المفترَض للفلسطينيين، وانتهاءً بالتنافس الإقليمي على تشكيل أدوات ضغط في الساحة الأردنية. ويندرج، في الإطار المتقدّم، التنافس بين السعودية والإمارات من جهة، وقطر وتركيا من جهة أخرى، والذي يفيد ديبلوماسيون بأن بعض المُعارضين الأردنيين الناشطين في الخارج يتمّ استخدامهم في سياقه.

وعلى رغم ذلك، سُجّل تقارُب متزايد بين الأردن والإمارات، بموازاة جفاء بين الأوّل والسعودية. وقد قام الملك الأردني، في تموز 2020، بزيارة سريعة إلى أبو ظبي، في إطار حرْصه على إبقاء نافذة تواصُل مفتوحة معها، بعد أن أصبحت العلاقات الأردنية مع السعودية محاطةً بالهواجس منذ تولّي ابن سلمان ولاية العهد. وجاء في تقرير ديبلوماسي أن الهدف من الزيارة هو التقرّب من الرئيس الإماراتي، محمد بن زايد (كان وقتها وليّاً لعهد أبو ظبي)، لِما له من تأثير على ابن سلمان. ولوحظ أنه بعد عودة الملك من الإمارات، أصدر النائب العام قراراً بوقف عمل نقابة المعلّمين، وهي نقابة تحظى فيها جماعة «الإخوان المسلمين» بنفوذ هام. كما أصدرت محكمة التمييز قراراً باعتبار الجماعة فاقدة للشخصية القانونية والاعتبارية، علماً أن «الإخوان» يمارسون عملهم السياسي من خلال حزب «جبهة العمل الإسلامي». وفي الإطار نفسه، أفادت المعلومات بأن عبد الله طلب من إدارة المخابرات العامّة، في شهر حزيران عام 2022، مراقبة تحرّكات الجماعة، والاستعداد لضبطها عندما تدعو الحاجة. وتنبع بعض مخاوف الملك من احتمال لجوء «الإخوان» إلى الإفادة من الأوضاع الصعبة في البلاد لتعزيز حضورهم. وأشّرت إلى ذلك انتخابات نقابة المحامين التي أسفرت عن فوز أحد المحامين المحسوبين على الجماعة بمنصب النقيب، إضافة إلى استمرار تدفُّق التبرعات لبعض جمعياتها من مصادر خليجية.

وحول العلاقات الأميركية - الأردنية، لوحظ أنه في كلمة السفير الأميركي المعيَّن لدى الأردن، هنري ووستر، أمام إحدى لجان الكونغرس في أيار 2020، استَخدم عبارة «الأردن الجديد»، الأمر الذي أُعطي تفسيرات عدّة في ظلّ المناخ السياسي الغامض الذي أحاط آنذاك بطرح «صفقة القرن»، مع التذكير هنا بأن السفارة الأميركية في عمّان بقيَت على مستوى القائم بالأعمال مدّة ثلاث سنوات، إثر مغادرة السفيرة السابقة، أليس ويلز. وتستغلّ الإدارة الأميركية ظروف الأردن الصعبة لتحويل أراضيه إلى قاعدة لدعم قوّاتها في المنطقة، ولدفعه إلى تبنّي مشاريع تطبيع على غرار اتّفاقية التعاون مع الكيان الإسرائيلي في مجالَي المياه والكهرباء. وقد أثار ذلك اعتراضات كان من أبرزها إصدار 148 شخصية سياسية وحقوقية وعشائرية، في أيلول 2022، بياناً تضمّن رفْض تلك الاتّفاقية.

أيضاً، أشار تقرير ديبلوماسي عربي، في أيلول 2022، إلى تفاقُم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في الأردن بشكل مقلق. تفاقمٌ تتجلّى بعض مظاهره في ارتفاع نسبة البطالة (تُقدَّر بـ50 % وفق تقرير دولي)، وانتشار السلاح بين أيدي المواطنين، وتنامي ظاهرة فرْض الخوّات، وتزايُد لجوء الأردنيين إلى عشائرهم على حساب منطق القانون، واستمرار نعرة التمييز بين الأردنيين من أصل فلسطيني والأردنيين من عشائر شرق الأردن. وتَرافق ذلك، أخيراً، مع تنظيم تظاهرات اعتراضية في عدد من المحافظات، ولا سيما معان والطفيلة والزرقاء، احتجاجاً على تردّي الأوضاع واستمرار الاعتقالات السياسية.