حصاد مؤتمر المناخ 27.. السعودية والإمارات أمام حقبة دبلوماسية جديدة

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1025
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

كيف ترى دول الخليج حصاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (كوب 27)، الذي انعقد مؤخرا في شرم الشيخ؟ وكيف تستعد لاستحقاقاته؟

حول إجابة هذين السؤالين دار تحليل للباحثة في المناخ والبيئة بمركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية "ماري ليومي"، مشيرة إلى اختلاف تقييم الدول المشاركة في المؤتمر لنتائجه، وفق رؤيتين، لم يثبت صحة أي منهما حتى الآن.

وذكرت "ماري"، في التحليل الذي نشره موقع معهد دول الخليج العربي بواشنطن وترجمه "الخليج الجديد"، أن نتائج مؤتمر المناخ بشرم الشيخ جاءت "ضعيفة" وأهملت جذور التسبب في الاحتباس الحراري، ولم تسفر عن آلية ذات جدوى سوى إنشاء صندوق مخصص "للخسائر والأضرار" الناشئة عن الآثار السلبية لتغير المناخ، وهي آلية تعالج العرض.. لا سبب المرض.

ولم تكن هذه النتائج مفاجأة كبيرة، حسبما ترى "ماري"، مشيرة إلى أن الفترة التي تسبق الدورة 26 من مؤتمر المناخ شهدت تقديم معظم البلدان التحديثات الرئيسية الأولى لخطط العمل المناخية الوطنية الخاصة بها، والتي احتوت على تعهدات بانبعاثات كربونية متوسطة الأجل حتى عام عام 2030.

كما حددت عددا كبيرا من الأهداف في منتصف القرن الجاري وصولا إلى تحقيق الحياد الكربوني (صفرية الانبعاثات الكربونية المتسببة في تغير المناخ).

وفي هذا الإطار، قدمت جميع دول مجلس التعاون الخليجي تعهدات احتوى بعضها على أهداف أكثر طموحًا بالنسبة لخفض الانبعاثات الكربونية، بل قدمت البحرين والإمارات والسعودية تعهدات بتصفير هذه الانبعاثات خلال الفترة من 2050 إلى 2060.

وفي الدورة 27 لمؤتمر المناخ، كان من المتوقع أن تُظهر البلدان كيف تقوم بتحويل تعهداتها إلى خطط تنفيذ قابلة للتنفيذ، وكيف تعمل على توسيع نطاق الطاقة النظيفة والتقنيات الأخرى لتقليل الانبعاثات، وكيف يمكنها سد الفجوة الهائلة في تمويل ذلك (نحو 100 مليار دولار سنويًا)، وهو ما لم يتم، حتى بعد الإعلان عن صندوق مخصص لمساعدة الدول المتضررة من آثار تغير المناخ.

فالتمويل الفعلي للصندوق لا يزال بعيد المنال، في ظل تسليم القليل من الأموال التي تعهدت بها الدول المانحة سابقا. 

كما أن الأزمات والتوترات العالمية المتعددة في عام 2022، بما في ذلك ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء ومخاوف الإمدادات والحروب والتباطؤ الاقتصادي، استحوذت على اهتمام صانعي السياسات على المدى القصير وأدت إلى اتخاذ قرارات بشأن سياسة الطاقة تتعارض بشكل صارخ مع تعهدات المناخ لعام 2021.

فالإدارة الأمريكية، على سبيل المثال، تعهدت في سبتمبر/أيلول 2021، بالمساهمة بأكثر من 11 مليار دولار سنويًا في مكافحة تغير المناخ حتى عام 2024، ومع ذلك وافق الكونجرس حتى الآن على مليار دولار فقط.

وتسببت عائدات النفط المرتفعة والتحول "البراجماتي" الذي أحدثه العديد من المستوردين في مواقفهم تجاه النفط والغاز الطبيعي، نتيجة أزمة الطاقة في أوروبا، في شعور أقل إلحاحًا بضرورة تسريع تحولات الطاقة في اقتصادات دول الخليج.

وإزاء ذلك، واصلت السعودية، خلال عام 2022، تعزيز رؤيتها الخاصة بتدوير الكربون، التي تقضي بحصول البلدان الفقيرة على الطاقة، وتحقيق البلدان النامية الغنية بالغابات إيرادات من إعادة تدوير الكربون على نطاق واسع.

ووفق هذه الرؤية، يمكن لمصدري الهيدروكربونات تحويل ثرواتهم الطبيعية إلى منتجات قيمة، مثل الهيدروجين الأزرق وتخزين الانبعاثات المتبقية تحت الأرض.

وبالمثل، عرضت دولة الإمارات العربية المتحدة، التي ستستضيف مؤتمر المناخ القادم في دبي عام 2023، هدفها الرئيسي كمساهمة في حلول "عملية وعملية ومركزة تجارياً" لخفض الانبعاثات والتكيف مع تغير المناخ، ووصفت العمل المناخي بأنه "فرصة لتحقيق" تنويع الاقتصادات من خلال خلق قطاعات نمو جديدة في الطاقة النظيفة ووظائف جديدة للمستقبل.

وتظل المهمة التي تنتظر كلا من السعودية والإمارات هي إظهار كيف تُترجم هذه الرؤى إلى عمل سريع يتماشى أيضًا مع طموحات المنطقة - والعالم – في تصفير الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2050.

الدولتان الخليجيتان أمام حقبة دبلوماسية جديدة حسبما ترى "ماري"، مشيرة إلى أن كلا منهما أثبت حضورا بارزا في مؤتمر المناخ بشرم الشيخ، وإن كان ذلك لأسباب مختلفة.

فالسعودية نظمت، بالتوازي مع مؤتمر المناخ، قمة المبادرة الخضراء للشرق الأوسط ومنتدى المبادرة الخضراء السعودي، الذي أطلق مركزًا إقليميًا للنهوض بهدف خفض الانبعاثات، جنبًا إلى جنب مع موجة من المبادرات والإعلانات الإقليمية والمحلية الأخرى.

أما الإمارات، فتجاوز عدد حضور الوفد الممثل لها في مؤتمر شرم الشيخ الألف شخص، ما قدم برهانا على الجدية التي تأخذ بها الدولة الخليجية دورها المنتظر في الدورة 28 من المؤتمر المناخ.

كما عمل المفاوضون الإماراتيون والسعوديون بنشاط على تسهيل المفاوضات بشأن التقييم العالمي للتقدم المحرز نحو أهداف اتفاقية باريس للمناخ، والتي ستكون أحد البنود الرئيسية في جدول أعمال الدورة 28.

ويرتبط بذلك بانقسام الآراء الذي بدا واضحا في الجلسة العامة الأخيرة لمؤتمر شرم الشيخ، إذ أعادت التأكيد بالكاد على الوعود التي قُطعت في الدورة 26 (مؤتمر جلاسكو) وفشلت في تجاوز ذلك نحو المطالبة بسقف عالمي للانبعاثات قبل عام 2025 أو التخلص التدريجي من جميع أنواع الوقود الأحفوري، بدلاً من تكرار الدعوة إلى "الإلغاء التدريجي لطاقة الفحم ودعم الوقود الأحفوري غير الفعال".

وكانت البلدان النامية والاقتصادات الناشئة "عالقة" إزاء هذا الانقسام، فهي ليست "ضعيفة" لتكون في المرتبة الأولى في تلقي التمويل المتعلق بآثار أضرار التغير المناخي، وليست "بالتطور الكافي" لتتحمل خفضا سريعا وعميقا للانبعاثات الكربونية، وبعضها متلقٍ لتمويل صندوق المناخ بينما يقدم البعض الآخر تمويلًا لدول نامية أخرى.

تقع دول الخليج، لاسيما السعودية والإمارات، في هذا المعسكر الأخير، ولذا يعتقد المسؤولون في الدولتين أن لديهم سردًا أكثر إقناعًا وشمولية لتوجيه دول العالم التي تتبنى نهج الانتقال السريع بعيدًا عن الوقود الأحفوري باعتباره الحل الوحيد.

ويتمثل التحدي الأساسي أمام هكذا دبلوماسية في أن أولئك الذين يروجون للتخفيضات السريعة للانبعاثات الكربونية لا يعترفون باحتياجات وأولويات البلدان النامية، وفي المقابل، لم يثبتوا أن ما يروجون له من حلول أكثر "عملية" و "شمولية" لمعالجة الانبعاثات تتماشى مع أهداف اتفاقية باريس.

ومن شأن مؤتمر المناخ الـ 28 أن يوفر فرصًا جديدة لتحديد طريقة "نسج" لهذين النهجين معًا، ووضع تعاون شامل وطموح بشأن العمل المناخي في قلب جدول الأعمال العالمي.

 

المصدر | معهد دول الخليج العربية - ترجمة وتحرير: الخليج الجديد