الجارديان تكشف تفاصيل جديدة مثيرة لانقلاب بن سلمان على بن نايف.. ما علاقة قطر؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1306
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

كشف مقالللكاتب "أنوج تشوبرا"، نشرته صحيفة "الجارديان" البريطانية، تفاصيل مثيرة عن كواليس الانقلاب الذي قاده ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان" على سلفه الأمير "محمد بن نايف" ليتولى ولاية العهد ويطيح بأحد أقرب الأمراء للولايات المتحدة.

وقال "تشوبرا" إن أحد أسباب انقلاب "بن سلمان" على "بن نايف"، هو فتح الأخير قناة اتصال سرية مع أمير قطر الشيخ "تميم بن حمد آل ثاني"، بعد إعلان السعودية والإمارات والبحرين ومصر عن مقاطعة الدوحة وحصارها، حيث كان "بن نايف"، رغم وجود مشكلات له مع قطر، رافضا لهذا التصعيد المتهور، ومفضلا للأسلوب الدبلوماسي في التعامل.

وروى الكاتب ما حدث في الليلة السابقة ليوم 21 يونيو/حزيران 2017، حينما تم إجبار "محمد بن نايف" على التنحي عن ولاية  العهد وإعلان الولاء لـ"محمد بن سلمان"، في حدث وصفه أحد المطلعين على شؤون العائلة المالكة بأنه كان شبيها بفيلم "العراب"، ولكن على الطريقة السعودية؛ حيث كان "بن نايف"، الذي كان مشرفًا على الأمن الداخلي، أقرب حليف سعودي لوكالة المخابرات المركزية.

وفي 20 يونيو/حزيران 2017 تمت دعوة "بن نايف" لعقد اجتماع في قصر الملك "سلمان" في مكة، حيث أفادت مصادر قريبة من "بن نايف" أنه عند وصوله، تلقت عناصره الأمنية تعليمات بالانتظار في الخارج، كما تمت مصادرة جميع الهواتف المحمولة، بما في ذلك هواتف موظفي القصر، من قبل الحراس الموالين لـ"محمد بن سلمان".

 

الفيديو الشهير

ووفقا للمقال، تم إدخال الأمير "محمد بن نايف" إلى إحدى الغرف مع "تركي آل الشيخ"، رئيس هيئة الترفيه الحالي، وأحد أقرب المقربين من "بن سلمان"، والذي وصفه المقال بأنه معروف بأسلوبه الفظ، زاعما أن "آل الشيخ" احتجز "بن نايف" داخل الغرفة لساعات، وضغط عليه لتوقيع خطاب استقالة وللتعهّد بولائه لـ"محمد بن سلمان".

وتابع الكاتب مبينا أنه بعد الرفض، تم تهديد "بن نايف" بأنه إذا لم يتخل عن طيب خاطر عن دوره في العرش، فسوف يتم اغتصاب أفراد عائلته، كما منع من تناول دوائه لارتفاع ضغط الدم والسكري.

وبحلول الفجر؛ كان كل شيء قد انتهى بعد أن استسلم "محمد بن نايف"، الذي كان قلقًا ومرهقًا، ثم أجبر على دخول غرفة مجاورة، حيث كان "محمد بن سلمان" ينتظره مع كاميرات التلفزيون وحارس كان يحمل مسدسًا.

وأظهرت اللقطات، التي نشرتها محطات الإذاعة السعودية، "تركي آل الشيخ" وهو يضع عباءة مزينة بخيوط الذهب على ظهر "محمد بن نايف"، وبينما كانت الكاميرات تصوّر، اقترب "محمد بن سلمان" من ابن عمه وانحنى بطريقة مسرحية لتقبيل يده وركبته، لكن "بن نايف" كتب لاحقًا في رسالة إلى مستشاره: "عندما تعهدت بالولاء، كان هناك سلاح موجّه نحوي"، بحسب الكاتب.

وذكر أنه في الأيام التي تلت ذلك؛ أصبح "محمد بن سلمان" الآن ولي العرش الأول، وكان أقوى رجل في البلاد وهو في سن الـ31، وبينما ظل الملك الثمانيني رئيسًا للدولة، بات "محمد بن سلمان" الحاكم الفعلي، ويحظى بسيطرة مطلقة على جميع وسائل الأمن والاقتصاد والنفط السعودي.

وفي المقابل، تحوّل "بن نايف"، الذي كان حليف المخابرات الأمريكية وكان يعتقد أنه سيكون الحاكم القادم للمملكة العربية السعودية، الآن إلى سجين.

وأشار الكاتب إلى أن الانقلاب الذي حدث في القصر والقوة التي تسببت فيه؛ حُجب إلى حد كبير عن الأنظار العامة حينها، مع تسريب أجزاء من المعلومات وبعض الدعايات فقط إلى الصحافة.

وقد تصدّرت وسائل الإعلام الدولية مزاعم كاذبة تفيد بأن إبعاد "بن نايف" كان من أجل المصلحة الوطنية لأنه كان عاجزًا بسبب إدمانه على المورفين والكوكايين.

وأقر المقال بصعوبة الوصول إلى تفاصيل أكثر لحقيقة ما حدث، في بلد تشتد فيه المراقبة لدرجة أن بعض السعوديين يضعون هواتفهم في الثلاجات والصناديق المغلقة، أثناء مناقشة المواضيع الهامة والحساسة، لكن سردًا مفصلا لأحداث عام 2017، وما تلاها من آثار مروعة، أصبح متوفرا الآن، بفضل الأسرار التي كشفها عدد من كبار أفراد العائلة المالكة ومصادر أخرى ذات صلة جيدة، ممن تم تجريدهم من نفوذهم وثرواتهم أو تعرضوا للسجن والتعذيب في عهد "محمد بن سلمان".

 

دور "سعد الجبري"

من بين هذه المصادر "سعد الجبري"، وهو أقرب مستشار لـ"بن نايف" وأحد أبرز مسؤولي الاستخبارات السعودية، ويبلغ من العمر 63 عامًا، وكان يعمل منذ فترة طويلة في الخفاء، حيث اعتبره الكثيرون ممن عملوا معه من أقوى الأفراد من غير الملوك في المملكة، ووصفه مسؤول أمريكي سابق عمل معه لسنوات بأنه "صلة الوصل العميقة للدولة" بين المملكة العربية السعودية والقوى الغربية.

وبحسب الكاتب؛ فقد تم الكشف عن الرسائل النصية بين "محمد بن نايف" و"الجبري" لأول مرة من خلال وثائق تم التحقق من صحتها من قبل خبير في الأدلة الجنائية الرقمي عينته شركة "نورتون روز فولبرايت".

ولفت "تشوبرا" إلى أنه على مدى عقود؛ توارث العرش مباشرة بين أبناء "عبدالعزيز آل سعود"، مؤسس الدولة السعودية الحديثة، ما يضمن توازنًا دقيقًا للقوى بين مختلف فروع العائلة المالكة الكبيرة.

وكان من الممكن أن تشهد خلافة "محمد بن نايف" انتقال الملكية إلى الجيل التالي للمرة الأولى، ولكن مع ذلك سيكون العرش قد انتقل إلى فرع مختلف من العائلة، لكن "انقلاب قصر مكة" أرسى انتقال السلطة مباشرة من الأب إلى الابن داخل فرع واحد من العائلة، ما مكّن "محمد بن سلمان" من اكتساب المزيد من السلطة أكثر من أي حاكم سابق، كما يقول المقال.

ووفقًا للكاتب؛ فقد كان الانقلاب تتويجاً لأشهر من العداء بين "محمد بن سلمان" و"محمد بن نايف"؛ حيث كانت إحدى نقاط الخلاف الرئيسية هي تنافسهما على نيل الرضا من الإدارة الجديدة للرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"؛ حيث حاول "بن نايف" في مايو/أيار 2017؛ شق طريقه الخاص إلى البيت الأبيض خلال عهد "ترامب"؛ حيث استأجر شركة "سونوران بوليسي جروب"، وهي شركة ضغط في واشنطن لها علاقات وثيقة مع فريق "ترامب".

وأراد "بن نايف" إقناع الرئيس الأمريكي الجديد بأنه لم يكن مجرد شريك قديم، بل هو أكثر قيمة من ابن عمه. وشارك "سعد الجبري" بشكل مباشر في التفاوض على عقد ضغط بقيمة 5.4 مليون دولار نيابة عن الوزارة.

 

الهروب من الأميرين

ومع انتشار نبأ توقيع العقد، خشي "الجبري" من أن يعلق بين الأميرين المتناحرين، فهرب سرًّا إلى تركيا قبل أيام قليلة من زيارة "ترامب" للرياض؛ حيث كان لدى "الجبري" أسبابا قوية للخوف، فبعد فترة وجيزة من مغادرته؛ قال إنه تلقى خبرًا مفاده أنه تم احتجاز الشخص الرئيسي الذي وقّع على العقد.

وتابع الكاتب أنه في 4 يونيو/حزيران 2017؛ أرسل "الجبري" رسالة نصية إلى "عبدالعزيز الهويريني"، وهو مسؤول أمني محنّك، ليسأله عما إذا كان ينبغي عليه الاستمرار في "الصيام في البرد"، في إشارة مشفرة إلى البقاء في تركيا؛ حيث أجاب "الهويريني"، الذي يعمل الآن تحت إشراف "محمد بن سلمان"، بأنه يجب عليه أن يبقى هناك.

وفي 17 يونيو/حزيران 2017، أرسل "الهويريني" رسالة نصية أخرى إلى "الجبري"، يحذره فيها من أن الموالين لـ"محمد بن سلمان" كانوا "متحمسين جدًا" لاعتقاله أيضًا.

في غضون ذلك؛ أجبرت ردة فعل غاضبة من "محمد بن سلمان"، "محمد بن نايف" على إلغاء العقد.

وفي 18 يونيو/حزيران 2017؛ تلقى "الجبري" رسالة نصية من "محمد بن سلمان" يطلب منه العودة إلى المملكة للمساعدة في حل "صراعات" لم يتم تسميتها مع "محمد بن نايف".

وبعد يومين؛ شن "محمد بن سلمان" الانقلاب، وفي الأشهر التي أعقبت الانقلاب، استمر "الجبري" في الاحتماء في تركيا وبقي على اتصال سري مع "بن نايف" الذي كانت تحركاته مقيدة، كما يقول المقال.

وفي هذه الأثناء؛ يقول الكاتب، تحرك "محمد بن سلمان" لتشديد قبضته على الأجهزة الأمنية، وفي أول حملة قمع كبيرة له بعد الانقلاب؛ اعتقل رجال دين ومفكرين يتابعهم الملايين على وسائل التواصل الاجتماعي في سبتمبر/أيلول 2017، فيما كتب "الجبري" لـ"محمد بن سلمان"، قائلا: "لدي الكثير من المعلومات الحساسة عن الدولة، لكن على الرغم من ذلك لم أسرب شيئًا لأي شخص".

ويكشف المقال أنه في رسائل مليئة بعبارات مبتذلة مبالغ فيها، تعهد "الجبري" بالولاء لـ"محمد بن سلمان"؛ حيث كتب: "أليس الأفضل لي أن أبقى خارج المملكة، وأبقى وفيا لحكمك وأرفض قول أي شيء يسبب الضرر... وأتعاون مع سموك في كل ما يخدم الصالح العام؟".

ولكن - بحسب الكاتب - لم يتأثر "محمد بن سلمان" وأرسل له رسالة نصية مفادها أنه سوف يلاحقه "بكل الوسائل المتاحة"، ودفع هذا التهديد "الجبري" إلى الفرار من تركيا إلى كندا في وقت لاحق من ذلك الشهر.

وأشار الكاتب إلى أنه في أواخر سنة 2017، حاولت السعودية اعتقال "سعد الجبري" عن طريق الإنتربول بدعوى اختلاسه أموالًا حكومية، كما ضغطت على كندا لتسليمه لكن المحاولتين فشلتا.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2018، تلقى "الجبري" تحذيرًا من جواسيس في دولة شرق أوسطية بأنه سيكون عرضة للاغتيال، وحثوه على الابتعاد عن السفارات والقنصليات السعودية.

وفي الشهر نفسه، يُعتقد أن حرس الحدود الكندية رحّل عددًا من أعضاء فرقة الاغتيال السعودية "النمر" أثناء محاولتهم دخول البلاد بتأشيرات سياحية.

ورغم نفي الرياض أي تورط لها، لكن المؤامرة المزعومة كانت مشابهة للطريقة المروعة التي قتلت بها فرقة "النمر" الصحفي المعارض "جمال خاشقجي" داخل القنصلية السعودية في تركيا.

وقد كان من الواضح للأمريكيين الذين عملوا مع "الجبري" أن "محمد بن سلمان" يعتبره تهديدًا، وذلك ما أكده مسؤول أمريكي سابق عمل معه بقوله إن "الجبري" محبوب من قبل منظمات الدولة العميقة في جميع أنحاء العالم، وأنه يعرف كل نقاط ضعف العائلة المالكة السعودية.

وينقل الكاتب عن "الجبري" قوله إنه تجنّب واشنطن في عهد "ترامب"، رغم ما لديه فيها من أصدقاء مؤثرين كُثر، بما في ذلك أعضاء في مجلس الشيوخ من الحزبين والمسؤولين الأمنيين، إلا أنه مع ذلك كان حذرًا من الذراع الممتدة للدولة السعودية، ناهيك عن العلاقة الحميمية بين "ترامب" و"محمد بن سلمان".

 

الاستيلاء على الثروة

وذكر الكاتب أن الإقامة الجبرية خُففت عن "محمد بن نايف" في أواخر سنة 2017، لكن منعه من السفر ظل قائمًا، فبحسب "الجبري" كان "بن نايف" يعتقد في البداية أنه قد يُحرم من ألقابه الرسمية في مقابل الحصول على تعويض مالي كبير، كما عومل سلفه الأمير "مقرن بن عبدالعزيز"، الذي تم إغراقه بالهدايا بعد أن أقاله الملك "سلمان" من ولاية العهد.

وأوضح الكاتب أنه تم الاستيلاء على جزء كبير من ثروة "محمد بن نايف" داخل المملكة.

وفي 10 ديسمبر/كانون الأول 2017، وصلت رسالة من "بن نايف" إلى بنك "إتش إس بي سي" في جنيف يطلب فيها تحويل "أرصدة اليورو والجنيه الإسترليني والدولار الأمريكي" إلى حساب مصرفي سعودي، وهو ما رفضه المصرفيون والمحامون التابعون لـ"بن نايف" لاشتباههم في أن ذلك الطلب تم تحت الإكراه، فيما رفض بنك "إتش إس بي سي" التعليق عليه.

وعلى الرغم من أن القيمة الإجمالية لأصول "محمد بن نايف" في الخارج غير واضحة، فإن شركاءه يقولون إنه يمتلك عقارات مميزة في أوروبا والولايات المتحدة تتخطى قيمتها عدة مليارات، بينما من المؤكد أنه اضطر إلى تسليم جزء كبير من أصوله المحلية. وأوضح المصدر المقيم في أوروبا، الذي لديه معرفة بهذه الأصول، أن "القيمة الإجمالية" للأصول المصادرَة بلغت 17.8 مليار ريال أي ما يعادل 4.75 مليار دولار.

وذكر الكاتب أن "بن نايف" ما بين 2018 و2019 كان يتمتع بحرية نسبية دون أن يُسمح له بمغادرة المملكة، لكن الأمور ساءت فجأة في مارس/آذار 2020 حين داهمت قوات سعودية مقره الصحراوي في ضواحي الرياض وتم احتجازه، بالإضافة إلى اعتقال العديد من الموظفين أيضًا.

واحتُجز "بن نايف" انفراديا لأكثر من 6 أشهر وتعرض خلال ذلك الوقت لسوء المعاملة بشكل خطير.

وأضاف الكاتب - نقلا عن نفس المصدر - أن "محمد بن نايف" نُقل إلى مجمع قصر اليمامة في الرياض، المقر الرسمي للملك وللحكومة السعودية قرب نهاية 2020، حيث لا يُسمح له بالخروج من وحدته الصغيرة ويتم تصويره وتسجيله في جميع الأوقات، كما أنه ممنوع من الزيارة باستثناء بعض أفراد الأسرة في حالات نادرة، ولا يمكنه رؤية طبيبه الشخصي أو ممثليه القانونيين، بينما تم إجباره على توقيع بعض المستندات دون قراءتها.

وفي ربيع 2021، تلقى محامو "بن نايف" في أوروبا طلبات جديدة لتحويل أرصدته، بما في ذلك مكالمة هاتفية من "محمد نايف" إلى محاميه في سويسرا، وذلك وفقا لمصدر مطلع على المكالمة، لكن المحامي رفض تنفيذ هذا الطلب لأنه يعتقد أن موكله كان تحت الإكراه، ليجد المحامي أن الأمير يدعوه لزيارة المملكة والتحقق بنفسه من وضعه، لكن المحامي أصرّ على أن الأمير بحاجة إلى السفر إلى سويسرا مع عائلته للسماح بنقل الأصول.

كما أكد المصدر أن ولي العهد يحاول إذلال "بن نايف" عن طريق ملاحقة أمواله، حتى لا يبقى هناك أي تهديد منه على الإطلاق، خاصة وأن "محمد بن نايف" لا يزال يعد بديلًا قويًّا يمكنه إزاحة "محمد بن سلمان" عن العرش.

((10))

وروى الكاتب خلاصة لقاء دار بينه وبين أحد أبرز مستشاري العلاقات العامة لـ"محمد بن سلمان" في الرياض، وقال إن الأخير قال إن ما حدث لـ"محمد بن نايف"، وكذلك لشقيق الملك، الأمير "أحمد بن عبدالعزيز" والذي كان ينظر إليه على أنه الأحق بولاية العهد، كان بسبب تورطهما في التخطيط للإطاحة بولي العهد "محمد بن سلمان" ووالده الملك "سلمان".

وقال إن "محمد بن سلمان" ظل "مسيطرًا" وأن الاعتقالات نُفذت "بعد تراكم السلوك السلبي من قبل الأميرين"، بينما كان الهدف من التطهير المفاجئ هو فرض "الانضباط" داخل العائلة المالكة.

 

المصدر | الخليج الجديد + الجارديان