لماذا أعلنت السعوديّة عن زيارةِ الرئيس الصيني للرياض أثناء انعِقاد قمّة المناخ بشرم الشيخ؟ ولماذا تتزامن الزّيارة مع انعِقاد القمّة الخليجيّة السنويّة؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 968
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

حرص السيّد عادل الجبير وزير الدولة السعوديّة للشّؤون الخارجيّة على استِغلالِ تمثيل بلاده في قمّة المناخ المُنعَقِدَة في مُنتجع شرم الشيخ المِصري للإعلان عن موعد زيارة الرئيس الصيني تشي جينبينغ إلى المملكة العربيّة السعوديّة في النّصف الثاني من شهر كانون الأوّل (ديسمبر) المُقبل، بهدف تعزيز روابط التّجارة والأمن الإقليمي اللّذين يحتلّان قمّة الأولويّات للبلدين.

اللّافت أنّ توقيت هذا الإعلان تزامن مع وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى شرم الشيخ للمُشاركة في القمّة المذكورة، وفي ظِلّ توتّر في العلاقات السعوديّة الأمريكيّة على أرضيّة الخِلافات النفطيّة، وكأنّ السيّد الجبير وربّما بإيعازٍ من الأمير محمد بن سلمان، الحاكِم الفِعلي للمملكة، الذي ألقى خِطابًا في القمّة نفسها (المناخ)، يُريد إيصال رسالة للرئيس الأمريكي بأنّ المملكة حسمت أمْرَها، ولن تتراجع عن التّوجّه شرقًا في علاقاتها الاستراتيجيّة، مع الصين القُوّة العُظمى المُستقبليّة.

السّلطات السعوديّة تعكف حاليًّا على إعدادِ استقبالٍ غير مسبوق للرئيس الصيني يُضاهي استقبالها للرئيس الأمريكي دونالد ترامب عام 2017، بل وربّما يتفوّق عليه، فالأنباء الأوّليّة عن هذه الاستِعدادات تقول إنّ الرئيس الصيني الضّيف سيحضر قمّة صينيّة- خليجيّة مُشتَركة حيث تتزامن زيارته مع الانعِقاد السّنوي لقمّة مجلس التعاون الخليجي، وهُناك تلميحات تقول بأنّه قد يتم توجيه الدّعوة لبعض القادة العرب للمُشاركة، مِثل الرئيس المِصري عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني عبد الله الثاني.

الصين أصبحت الشّريك التّجاري الأكبر للمملكة العربيّة السعوديّة، واللّافت أن هذه الشّراكة في تَصاعُدٍ مُتسارع، فالاستِثمارات السعوديّة في الصين بلغت أكثر من مِئة مِليار دولار، وبلغت الصّادرات السعوديّة (85 بالمِئة منها نفط) إلى الصين حواليّ 144 مِليار ريال بينما بلغت الوارِدات حواليّ 45 مِليار ريال أيّ بفائض حواليّ 90 مِليار ريال لصالح السعوديّة (الرّيال 3.75 مُقابل الدّولار).

المملكة العربيّة السعوديّة تُقيم علاقات وثيقة مع القُوّة العالميّة الثانية أيّ روسيا، وتجلّى التّنسيق السعودي الروسي في أقوى صُوره في اتّفاق “أوبك بلس” الذي شكّل تحدّيًا للرئيس الأمريكي بايدن لتخفيضه الإنتاج النّفطي بمِليونيّ برميل يوميًّا على عكس رغبة الولايات المتحدة وشُركائها الأوروبيين، وبتوثيق العلاقة مع الصين جَنبًا إلى جَنبٍ مع روسيا، والتقدّم بطَلبٍ للانضِمام إلى منظومتيّ “بريكس” و”شنغهاي” يكون الابتِعاد السّعودي عن الغرب، وأمريكا تحديدًا قد اقترب من الاكتِمال رُغم التّصريحات الرسميّة السعوديّة التي تقول بغير ذلك، والتّأكيد على متانة العُلاقات مع أمريكا.

لا نعرف كيف سيكون رَدُّ الفِعل الأمريكيّ على هذه الخطوة السعوديّة التي قد يراها الرئيس بايدن استفزازيّةً، وفي ظِلّ تلميحاتٍ سابقةٍ عن احتِمالِ فرض عُقوباتٍ على المملكة، أبرزها إصدار قانون “نوبك” ضدّ احتِكار مُنظّمة “أوبك” بقِيادة السعوديّة لأسعار النفط وإنتاجه، وربّما قانون “جاستا” المُتَعلّق بإرهاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، علاوةً على تلميحاتٍ أُخرى بتجميد الاستِثمارات السعوديّة (800 مِليار دولار) في أمريكا، ولكن ما نعرفه أن المملكة العربيّة السعوديّة ومثلما أكّد السيّد الجبير في مُقابلته مع وكالة “رويترز” أنها باتت تُعطي الأولويّة لمصالحها وشعبها بالدّرجةِ الأولى، ممّا يعني أنّها في طريقها للتخلّص من الهيمنة الأمريكيّة التي استمرّت حواليّ سبعين عامًا بالتوجّه للانضِمام إلى النظام العالميّ الجديد بزعامة الصين وروسيا.

ننْصح الرئيس الصيني بالتّدريب وبأسرعِ وقتٍ مُمكن على أداءِ رقصة السّيوف السعوديّة التراثيّة (العرضة) التي ستكون الفقرة الأهم في مراسمِ الاحتِفال الضّخم الذي سيُقام على شرفه، وربّما بمُشاركة قادة السعوديّة ودول الخليج الخمْس الأُخرى.. واللُه أعلم.

 

“رأي اليوم”