انتهت الهُدنة في اليمن.. وطُبول الحرب بدأت تُقرَع.. ما هي السّيناريوهات المُتوقّعة؟ ومن هي الأطراف التي عرقلت التّجديد؟ وكيف سيكون ردّ فِعل جيش حُكومة صنعاء؟ وهل هُناك فُرصةٌ أخيرةٌ للإنقاذ؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 707
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

كانَ واضِحًا، ومُنذ أن نظّمت حُكومة صنعاء اليمنيّة بزعامة حركة “أنصار الله” عرضين عسكريين ضخمين تمّ خلالهما مُشاركة صواريخ ومُسيرّات حديثة، بريّة وبحريّة، أنها تُلوّح بإنهاء هُدنة الشّهرين الأخيرين، وتستعدّ للعودة إلى خِيار استئناف الحرب مُجَدَّدًا.

الوفد اليمني المُفاوض في حُكومة صنعاء أكّد في بيانٍ أصدره اليوم الأحد بمُناسبة انتهاء الهُدنة، أنه “خِلال ستّة أشهر من عُمر الهُدنة، لم نلمس أيّ جديّة لمُعالجة المِلف الإنساني كأولويّة عاجلة ومُهمّة”، وأضاف “رِهانُ دول العُدوان أصبح على الورقة الاقتصاديّة واستِمرار الحِصار بعد أن فشلت كُل الرّهانات الأُخرى لتركيع اليمن”، وحمّل الوفد المُفاوض “دول العُدوان مسؤوليّة وصول التّفاهمات إلى طَريقٍ مسدود”.

حُكومة صنعاء التزمت باتّفاق الهُدنة طِوال فترة الأشهر الستّة الماضية وتغاضت عن الانتِهاكات، على أمل أن تُكافَأ من قِبَل المبعوث الدّولي والدّول الرّاعية للاتّفاق بشَكلٍ مُباشر أو غير مُباشر مِثل أمريكا وبريطانيا والسعوديّة والإمارات، بالانتقال إلى الخطوة التّالية، أيّ مُفاوضات تقود إلى تسويةٍ سلميّةٍ مُستدامةٍ على أساس إنهاء الحرب، والتّجاوب الكامِل مع المطالب الأمنيّة في رفع الحِصار، ولكن يبدو أن جميع هذه الأطراف كانت تُراهِن فِعلًا على استِمرار التّجديد لهذه الهُدنة ودُون أيّ تحسينٍ لشُروطها على أمل أن ترتخي عضَلات المُقاتلين اليمنيين وتَضمُر، ويتعوّدوا على الهُدنة وكأنّها هِبَةٌ وتَفَضُّلٌ من المُعسكر الآخَر.

السيّد مهدي المشاط رئيس المجلس السّياسي الأعلى أبلغ المبعوث الدّولي هانس غروند برغ يوم أمس أن صرف مُرتّبات جميع مُوظّفي الدّولة كافّة ومعاشات المُتعاقدين مطالب أساسيّة للشّعب اليمني، علاوةً على رفع الحِصار عن مطار صنعاء وميناء الحديدة، ويبدو أن جميع هذه المطالب الأساسيّة لم تُلْقِ آذانًا صاغية، خاصَّةً أنّها مطالب جرى الاتّفاق عليها في مُفاوضات الهُدنة، وتقديم المبعوث الدّولي ضمانات بتنفيذها، وخاصَّةً زيادة عدد الرّحلات في مطار صنعاء، وزيادة عدد وجهاتها.

عودة حُكومة صنعاء إلى الحرب كانت الخِيار الأخير، بعد استنزاف الخِيارات الأُخرى، فمِن غير المنطقيّ أن يتم تشديد الخِناق على الشعب اليمني، وإغلاق مطار صنعاء كُلِّيًّا باستِثناء رحلتين في الأُسبوع فقط واحدة إلى القاهرة وثانية إلى الأردن، ومنع أكثر من ثماني ناقلات نفط من تفريغ حُمولاتها في ميناء الحديدة، وإغراق اليمن في أزمة طاقة علاوةً على نهب ثرواته النفطيّة والغازيّة، وترك الشّعب اليمني يتَضوّر جُوعًا.

صواريخ العرض العسكري الباليستيّة البحريّة والبريّة المُتقدّمة والدّقيقة التي كانت “تاج” العرضين العسكريين الأخيرين، وتصل إلى كُل بقعة في البحر الأحمر كانت رسالة تحذير لكُل الأطراف من العودة إلى الحرب إذا لم يتم التّجاوب مع المطالب اليمنيّة كاملةً، ولكن من المُؤسِف أن الطّرف الآخر لم يفهم هذه الرّسالة واستهترَ بها وهذه قمّة اللّامَسؤوليّة وقد يدفع ثمنًا غاليًا من جرّاء هذه المواقف.

ليس لليمن ما يخسره إذا ما عادت قوّات الجيش اليمني إلى الحرب وبالكفاءةِ العالية نفسها طِوال الثّمانية أعوام السّابقة قبل الهُدنة، طالما استمرّ الحِصار وسِياسات التّجويع، ولا نكشف سِرًّا عندما نقول إنّ حُكومة صنعاء استغلّت أشهر الهدنة الستّة في تطوير قُدراتها العسكريّة، وإعادة تنظيم صُفوفها، واعتبار هذه الأشهر استراحة مُحارب، وفُرصةً لالتِقاط الأنفاس استِعدادًا لجولات جديدة لعدم ثقتها بالضّمانات الدوليّة.

ما زالت هُناك فُرصة للتخلّي عن كُل أساليب الغطرسة والاستِهتار بقُدرة الجيش اليمني وحُكومته، والعودة إلى المُفاوضات للتّجاوب مع المطالب اليمنيّة في رفع الحِصار، ودفع الرّواتب، والتّعاطي بفاعليّةٍ مع المِلف الإنساني للشّعب اليمني، ونأمَل في هذه الصّحيفة “رأي اليوم” أن يتم استغلال هذه الفُرصة في أسرعِ وقتٍ مُمكن لتجنّب العودة إلى الحرب، لأنّه إذا اشتعلَ فتيلها مُجَدَّدًا سيكون من الصّعب أن تتوقّف، وستكون الكلمة العُليا للجناح المُتشَدِّد في حُكومة “أنصار الله” التي شكّكت في جدوى هذه الهدنة لعدم ثقتها بحُسن نوايا الطّرف الآخر، وستكون كُل بقعة أو ميناء أو سفينة في البحر الأحمر في مرمى نيران الصّواريخ الباليستيّة الجديدة والبحريّة الدّقيقة خُصوصًا، بِما في ذلك مطار إيلات وكُلّ السّفن التجاريّة الإسرائيليّة.

“رأي اليوم”