رجل في الأخبار.. ولي عهد السعودية لم يرضخ للانتقادات الغربية والقادة الغربيون من بينهم بايدن يسعون للحصول على دعمه بعدما حاولوا فرض عزلة عليه

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1009
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

(رويترز) – خرج ولي العهد السعودي صاحب القوة والنفوذ الأمير محمد بن سلمان مرفوع الرأس بعد عاصفة الغضب الدولي إثر مقتل الصحفي جمال خاشقجي قبل أربع سنوات، والآن يسعى القادة الغربيون للحصول على دعمه بعدما حاولوا ذات يوم فرض عزلة عليه.

وسيزور الرئيس الأمريكي جو بايدن السعودية يوم الجمعة على أمل خفض أسعار النفط، وهو الذي كان قد اتهم الأمير في السابق بإصدار الأمر بقتل خاشقجي، وقال إنه ينبغي فرض عزلة على المملكة.

يسير بايدن على خطى الزعماء الأوروبيين الذين نددوا بقتل خاشقجي عام 2018 على يد فرقة اغتيال سعودية في إسطنبول، لكنهم أصبحوا يتقبلون حقيقة عدم قدرتهم على تجاهل السعودية، عملاق الطاقة العالمي، وحاكمها الفعلي.

يبلغ الأمير من العمر 36 عاما فقط وما زال من الناحية الرسمية ينتظر وراثة العرش من والده المسن الملك سلمان، لكنه وضع بالفعل بصماته على المملكة والشرق الأوسط.

فقد سحق المعارضة وهمّش المنافسين في حملة لا هوادة فيها للسيطرة على الداخل، مع اتباع سياسة خارجية أكثر قوة في المنطقة، واتخاذ خطوات أسعدت المعجبين، وأثارت قلق حلفاء الرياض التقليديين وصدمت المدافعين عن حقوق الإنسان.

كان مقتل خاشقجي، الذي كان يرتبط ذات يوم بدوائر السلطة قبل إن يتحول إلى ناقد، ضربة قوية لصورة الأمير الذي نفى إصدار الأمر بتنفيذ العملية رغم أنه قبل المسؤولية النهائية عنها بصفته “قائدا” في المملكة.

وقفت جريمة القتل عقبة في طريق بعض المستثمرين وقوضت بشكل كبير مساعي الأمير محمد بن سلمان لرسم صورة لنفسه كإصلاحي يسعى إلى فتح حريات جديدة في المملكة المحافظة.

لكن أمام واقع يظهر فيه وجود زعيم يتسم بالحزم وقد يدير أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط لعدة عقود قادمة، يبدو أن منتقديه في الخارج تراجعوا عن موقفهم.

وقال أيهم كامل من مجموعة أوراسيا الاستشارية “خارت تدريجيا قوى الغرب في محاولة الحد من التعامل مع محمد بن سلمان، بعد خاشقجي، وزيارة بايدن ستطلق الرصاص على هذه الفكرة”.

وأضاف “سيقوم بالزيارة لإحياء العلاقات السعودية الأمريكية التي تحتاج للإصلاح، في ظل الأوضاع الجيوسياسية الحالية، بسبب حرب أوكرانيا والمنافسة مع الصين وقضايا الطاقة والنفوذ الإقليمي للمملكة”.

وتحت إشراف ولي العهد، ترافقت إصلاحات كبرى، مثل طرح أسهم من شركة النفط الحكومية العملاقة أرامكو في البورصة، مع قمع المعارضة واحتجاز الناشطات في مجال حقوق المرأة، وعملية تطهير سرية لكبار أفراد العائلة المالكة ورجال الأعمال بتهم الفساد.

وفي الوقت نفسه، تعهد الأمير بموقف أكثر صرامة من النفوذ الإقليمي للعدو اللدود إيران، وأخَذً المملكة إلى حرب مكلفة لا تحظى بتأييد شعبي في اليمن.

وحصل على دعم شفهي من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ولكن بعد أن تعهد بايدن باتخاذ موقف أكثر تشددا تجاه المملكة، قدم الأمير مبادرات يرى دبلوماسيون أنها تُظهره كشريك مهم لتحقيق الاستقرار الإقليمي.

وشملت هذه التحركات اتفاقا لإنهاء خلاف مرير مع قطر بعد مقاطعة من الرياض وحلفائها للدوحة، وبدء محادثات مباشرة مع إيران لاحتواء التوترات، والتوصل إلى هدنة في اليمن.

لكن التوتر لا يزال يشوب العلاقات مع الولايات المتحدة بسبب قيود واشنطن على مبيعات الأسلحة للمملكة والمحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 دون مشاركة خليجية. كما رفض بايدن التعامل مباشرة مع الأمير محمد بن سلمان باعتباره الحاكم الفعلي.

وقال ولي العهد السعودي، في مقابلة مع صحيفة (ذي أتلانتيك) في مارس آذار الماضي، ردا على سؤال عما إذا كان بايدن قد أساء فهم أشياء عنه، “ببساطة، لا أهتم”.

* استياء داخل العائلة الحاكمة

ظهر الأمير محمد في الصورة بعدما تولى والده عرش البلاد عام 2015. وقام بتهميش أعضاء بارزين في العائلة الحاكمة بعدما أطاح بابن عمه الأكبر سنا من ولاية العهد في انقلاب داخل القصر عام 2017 وعزز قبضته على قطاعي الأمن والمخابرات في المملكة مما أثار الاستياء بين أفراد العائلة الحاكمة.

وفي وقت لاحق من العام نفسه اعتقل عددا من أفراد الأسرة وغيرهم من الشخصيات السعودية البارزة واحتجزهم لشهور في فندق ريتز كارلتون بالرياض في إطار حملة لمكافحة الفساد تسببت في صدمات متتالية بالداخل والخارج.

وعلى الصعيد الاقتصادي، أعلن الأمير محمد بن سلمان تغييرات كاسحة تهدف إلى تطوير صناعات جديدة وتوفير فرص عمل للسعوديين وطرح إصلاحات مالية.

وشملت الإصلاحات الاجتماعية التي سُلطت عليها الأضواء السماح بعروض السينما وأماكن الترفيه العامة وإنهاء حظر على قيادة النساء للسيارات.

وذكرت مصادر على صلة بالعائلة المالكة ونخبة رجال الأعمال إنه على الرغم من زيادة شعبية الأمير محمد بين الشباب السعوديين ودعم بعض أفراد العائلة الحاكمة له، إلا أن البعض الآخر من أفراد العائلة يشعرون بالضيق من هيمنته على السلطة ويشككون في قدراته القيادية بعد هجمات غير مسبوقة على منشآت نفط سعودية في عام 2019.

وفي مارس آذار عام 2020 اعتقلت السلطات أحد أبناء عمومته، وهو ولي العهد السابق الأمير نايف، وعمه الأمير أحمد في خطوة قالت مصادر مقربة من العائلة إنها تهدف إلى ضمان تسليم سلس للسلطة.

وهناك معجبون بولي العهد السعودي في المنطقة وقال مصدر خليجي إن أسلوبه الكاسح مطلوب لإحداث تغيير في السعودية.

وكان حجر الزاوية في التحول الاقتصادي هو طرح أسهم شركة أرامكو عملاقة النفط السعودية في البورصة في عام 2019 بعد عدة محاولات فاشلة لتبلغ قيمة الشركة نحو تريليوني دولار لكن لم يكن هناك إقبال كاف لطرح أسهمها في الخارج.

وأعاد الأمير كذلك تشكيل السياسة الخارجية السعودية.

وجاء تصميم المملكة على مد نفوذها في وجود الأمير محمد في أعقاب ما وصفه بعض المسؤولين السعوديين بأنه تنامي النفوذ الإيراني في المنطق ومخاوف من أن واشنطن، في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، كانت قد غضت الطرف عما اعتبره البعض توسعا خبيثا للأنشطة الإيرانية في العالم العربي.

لكن الرياض وطهران، رغم قطعهما العلاقات الدبلوماسية في 2016، بدأتا محادثات مباشرة في 2021 تهدف إلى خفض التوتر في وقت تبدي فيه دول الخليج شكوكها إزاء الالتزام الأمريكي تجاه المنطقة.

(إعداد أيمن سعد مسلم ولبنى صبري للنشرة العربية – تحرير محمد اليماني)