السعودية وإيران.. تقدم إيجابي في ملفات شائكة

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1400
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

يعد استئناف جلسات الحوار السعودي الإيراني، بعد توقف منذ سبتمبر/أيلول الماضي، تقدما ملفتا في حد ذاته، يدفع باتجاه تحقيق اختراق يكسر الجمود بين البلدين، وينظم الخلافات بينهما حول ملفات إقليمية مثل اليمن ولبنان وأمن الخليج.

وأجرت الرياض وطهران خلال العام الماضي 4 لقاءات حوارية، برعاية عراقية، وقد كللت قبل أيام، بجولة خامسة من المباحثات، وسط أجواء وصفت بـ"الإيجابية جدا".

وجاء استئنائف الحوار  بين البلدين النفطيتين، والمؤثرتين في الشرق الأوسط، بعد أن ألغت طهران الجولة الخامسة قبل الموعد المحدد لها بثلاثة أيام، احتجاجاً على تنفيذ السعودية إعدامات في مارس/آذار الماضي، شملت بعض أبناء الطائفة الشيعية بالمملكة.

ملفات الحوار

بالنظر إلى ممثلي البلدين على طاولة الحوار، يمكن استقراء أن هناك ثمة تقدم في نوعية الملفات المطروحة للتباحث، والتي تشمل قضايا أمنية وعسكرية واستخباراتية، إضافة إلى قضايا التعاون الثنائي والوضع في اليمن ولبنان.

وتوسط رئيس الحكومة العراقية "مصطفى الكاظمي" صورا لجلسة الحوار بين رئيس الاستخبارات السعودية "خالد الحميدان"، و"سعيد إيرواني" مساعد الشؤون الدولية للأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني.

ووفق مصدر إيراني مطلع تحدث لصحيفة لـ"الجريدة" الكويتية، فإن اللقاء جرى بحضور دبلوماسيين من الجانبين، ومسؤولين كبار في مجلس الأمن القومي وفيلق القدس الإيرانيين، وآخرين في الاستخبارات السعودية.

وأكد مصدر دبلوماسي مطلع لوكالة "سبوتنيك" الروسية أن الجولة الخامسة من المحادثات السعودية الإيرانية تطرقت إلى معظم ملفات المنطقة، فضلا عن ملف العلاقات الثنائية وأمن منطقة الخليج.

ويمكن اعتبار الإعلان عن انعقاد الجولة بشكل علني، نقلة نوعية، إضافة إلى نشر صور "الحميدان" و"إيرواني" لأول مرة، ما يوحي بانفتاح البلدين على تحقيق تقارب في الملفات  العالقة بينهما.

وقد تمهد الجولة الخامسة لأخرى سادسة قريبا، على أن تعقد على مستوى وزيري الخارجية، أو رئيس الاستخبارات العامة السعودية، والأمين العام لـ"الأمن القومي الإيراني".

 

تقدم إيجابي

يعزز هذا التقدم أن الجولة الخامسة انتقلت من مرحلة النقاش العام في الجولات السابقة إلى الدخول الى عمق الملفات العالقة بين الطرفين، بدعم من العراق وسلطنة عمان، اللتان يدفعان نحو الوصول إلى تفاهمات جدية بين الرياض وطهران.

واتفقا الطرفان على مناقشة التفاصيل المرتبطة بالأزمة اليمنية خلال الاجتماعات الأمنية التي سوف تعقد في وقت لاحق في العاصمة العمانية مسقط، وفق تقارير إيرانية.

وفرضت التحديات الأساسية أمام استئناف العلاقات، نفسها على الجلسة الخامسة من الحوار السعودي الإيراني، في محاولة لرسم خطوط أكثر وضوحا حول تلك المسألة، وفق وكالة "نور نيوز" الإيرانية شبه الرسمية.

ويمكن التأكيد على أن عودة السفير السعودي إلى لبنان، وإعلان هدنة في اليمن، وإبعاد الرئيس اليمني "عبدربه منصور هادي" عن المشهد، والاعلان عن مجلس رئاسي بديل، الشهر الجاري، ما هي سوى إجراءات عملية كانت نتاجا للحوار الدائر بين البلدين، بحسب "رأي اليوم".

 

نقاط تفاهم

التقدم الحاصل، عبر عنه المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية "سعيد خطيب زاده"، مؤكدا الإثنين الماضي، أن الجولة الخامسة من الحوار الإيراني السعودي "كانت إيجابية وجادة وتسير إلى الأمام"، معربا عن أمله في أن ترتقي إلى "مستوى سياسي عال".

وأضاف أنه في حال "تم رفع مستوى (المشاركين) في المباحثات الى الصف السياسي الأول، يمكن توقع تحقيق تقدم بشكل أسرع في مجالات مختلفة في هذه المباحثات".

وتأمل طهران في انتقال الحوار إلى مستوى وزيري الخارجية، وربما لاحقا بين قيادتي البلدين، في خطوة قد تنهي التوتر القائم، وتمهد لمصالحة خليجية شاملة مع إيران.

وليس من المستبعد الانتقال بالعلاقات بين البلدين إلى مستوى جديد من التطبيع،  بعد توصل الجانبين لاتفاق على مذكرة تفاهم من 10 نقاط.، وفق تأكيدات وزير الخارجية العراقي "فؤاد حسين".

ولم يكشف "حسين" عن طبيعة نقاط التفاهم، لكن المؤكد أنه جرى الاتفاق بين الطرفين السعودي والإيراني على إجراء الجولة القادمة من الحوار على المستوى الدبلوماسي.

كذلك تناول الحوار السعودي الإيراني أهمية استمرار وقف إطلاق النار في اليمن، بما يعزز الهدنة القائمة، ويفتح الباب لحوار سعودي حوثي، ينهي الحرب الدائرة منذ مارس/آذار 2015.

وشملت نقاط التفاهم، حصة الجانب الإيراني من حجاج هذا العام، حيث من المتوقع السماح بإرسال 40 ألف حاج إيراني لأداء فريضة الحج.

كما أن إعادة فتح مكاتب إيران في منظمة التعاون الإسلامي من خلال ثلاثة دبلوماسيين، يمهد الأجواء لإعادة فتح سفارة طهران في المملكة، منذ قطع العلاقات في 2016، بعد أن اقتحم محتجون إيرانيون السفارة السعودية في العاصمة الإيرانية بعد إعدام رجل دين شيعي في السعودية.

 

مستقبل العلاقات

بالنظر إلى مخرجات الجولة الخامسة، ومستوى التمثيل، والإشادات الصادرة بشأن المحادثات البناءة بين ممثلي البلدين، من المتوقع أن يتم في المستقبل القريب عقد اجتماع مشترك بين وزيري الخارجية السعودي والإيراني.

ويأمل دبلوماسيون أن يؤدي رفع مستوى الحوار بين السعودية وإيران إلى تخفيف حدة التوترات في الشرق الأوسط، والوصل إلى تسوية سياسية شاملة في اليمن، ولبنان.

وترى دوائر خليجية وإقليمية ودولية، ضرورة وقف صراعات الوكالة في أنحاء المنطقة التي تخوضها السعودية ذات الأغلبية السنية، وإيران الشيعية.

وتقود الرياض تحالفا عسكريا في اليمن داعما للحكومة المعترف بها دوليا وتتهم طهران بدعم المتمردين الحوثيين الذين يسيطرون على مناطق واسعة في شمال البلاد أبرزها صنعاء.

وفي المقابل، يقوم الحوثيون بتنفيذ هجمات ضد السعودية والإمارات بأسلحة إيرانية الصنع عبارة عن صواريخ باليستية وطائرات مسيرة.

ولا شك أن دور إيران الإيجابي في وقف إطلاق النار الأخير بين التحالف الذي تقوده السعودية في مواجهة الحوثي في اليمن، وهو الأمر الذي أتاح أيضاً فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة، يوفر أرضية صلبة للتفاهم بين البلدين.

إلى جانب ما سبق، هناك أيضا توجس سعودي من البرنامج النووي الإيراني، وطلب طهران من واشنطن رفع الحرس الثوري من على لائحتها للمنظمات الإرهابية.

بشكل براجماتي، تبدو المملكة في حاجة إلى ضمانات أمنية، وترتيبات واضحة وملزمة بشأن ملفات إقليمية حساسة لأمنها القومي، ولأمن الخليج، والبحر الأحمر، والملاحة البحرية.

أيضا إيران باتت تدرك أن حالة التدافع الأمني والعسكري في المنطقة لا يمكن أن تصل إلى نتيجة تخدم مصالحها، وأن توتر علاقاتها مع دول الخليج، إضافة إلى الولايات المتحدة والغرب لن يكون في مصلحتها، لاسيما مع معاناة الداخل الإيراني من تداعيات جائحة "كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية والعقوبات الغربية المفروضة عليها.

ربما يكون ملحا للجانبين، في ضوء تلك التطورات، الإتفاق علي إنجاز الحد الأدني من المصالح المشتركة، من خلال تسريع الحوار المباشر وعلي مستويات مختلفة، ورفيعة؛ لمعالجة المشاكل العالقة بين بلدين يجمعهما في الأساس رابط الدين.

المصدر | الخليج الجديد