«بالون» الدعم السعودي: لا أموال... إلّا بتنازلات؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1130
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

على رغم الأثر الإيجابي السريع الذي أحدثه في السوق المحلّية اليمنية، لا يبدو أنّ الدعم الاقتصادي السعودي سيجد طريقه إلى التنفيذ، من غير أن تحصل المملكة في المقابل على تنازلات سياسية واقتصادية تمسّ بسيادة اليمن ووحدة أراضيه. وتتعزّز هذه المخاوف في ظلّ الترويج السعودي لخرائط جديدة «تقضم» أجزاءً من المهرة وحضرموت، فضلاً عمّا تكشفه مصادر اقتصادية من مساعٍ يقودها محمد آل جابر للتحكّم بسوق المشتقّات النفطية

صنعاء | توازياً مع إعلان «الانقلاب» على الرئيس اليمني المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، كشفت السعودية عن دعم مالي جديد للاقتصاد اليمني بقيمة ثلاثة مليارات دولار، سرعان ما ولّد أثراً إيجابياً في السوق المحلّية. إذ انخفضت أسعار العملات الأجنبية أمام العملة اليمنية بشكل حادّ، ليفقد الدولار نصف قيمته السابقة في عدن، بانخفاض بلغت نسبته 42%، مقابل تراجع مماثل بنسبة 24% في صنعاء، من 600 ريال للدولار الواحد إلى 440 ريالاً. لكن تلك الصدمة الإيجابية سرعان ما بدأ تأثيرها يتراجع، ليعاود سعر الدولار إلى الارتفاع، مُسجّلاً 560 ريالاً في صنعاء أمس، و980 ريالاً في عدن. وكانت المؤشّرات إلى أن الدعم السعودي قد لا يعدو كونه «مجرّد تعهّدات»، ظهرت سريعاً، وفق ما أقرّ به رئيس الحكومة الموالية للرياض نفسه، معين عبد الملك، مؤكداً أن حكومته، التي لم تَعقد معها السعودية أيّ اتفاقيات جديدة، بحاجة إلى وديعة من دول الخليج لتتمكّن من الإيفاء بالتزاماتها، وذلك في مقابلة أجرتها معه قناة «العربية» السعودية.
من جهته، أوضح رئيس مؤسسة «مراقبون للإعلام المستقل» في مدينة عدن، ماجد الداعري، في سلسلة تغريدات، أن المبلغ المعلَن عنه من قِبَل الرياض ليس وديعة، بل يُعدّ دعماً مالياً مباشراً للبنك المركزي بمليارَي دولار، لتعزيز قيمة صرف العملة، وتمكين الحكومة من الإيفاء بأهمّ التزاماتها الملحّة لدعم واردات الغذاء الأساسية، فضلاً عن 1.3 مليار دولار أيضاً لشراء المشتقّات النفطية وتمويل المشاريع التنموية، عبر ما يُسمّى بـ«البرنامج السعودي لإعادة الأعمار باليمن». ونبّه الداعري إلى أن هذه التعهّدات قد تظلّ في إطار الكلام فقط، من دون الإيفاء بها فعلياً، كما يجري في حالة العديد من الدول التي تتعهّد بتقديم مبالغ مالية لليمن وغيره، خلال مؤتمرات المانحين. وتسود خشية، اليوم، من أن تكون ترجمة الإعلان السعودي مشروطةً بتنازلات كبيرة تحاول الرياض وأبو ظبي الحصول عليها من المجلس الرئاسي المشكّل حديثاً، ولا سيّما في ظلّ ترويج الإعلام السعودي لخريطة جغرافية سعودية جديدة تضمّ مناطق في وادي حضرموت والمهرة المحادِدتَين للمملكة، وهو ما تَكرّر أيضاً الأسبوع الجاري عندما ظهرت خريطة جديدة لليمن خلف رئيس المجلس الرئاسي، رشاد العليمي، مقتطعةً منها مناطق في المحافظات الشرقية.

ولم تكن حكومة هادي على علم مسبق بالدعم الاقتصادي السعودي، علماً أن الرياض رفضت سابقاً منحها وديعة جديدة، على رغم تقديم هادي أكثر من طلب للحصول على وديعة إنقاذية للبنك المركزي في عدن، بعد أن تصاعد سعر صرف الدولار إلى أكثر من 1700ريال منتصف العام الماضي. وبحسب مصادر اقتصادية على علاقة بحكومة عبد الملك، فإن ثمّة مساعٍ يقوم بها السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، منذ أكثر من عام، للسيطرة على سوق المشتقّات النفطية في اليمن، والتحكّم بمسار الواردات والصادرات عبر «برنامج إعادة الإعمار» الذي يرأسه. وأشارت المصادر إلى أن آل جابر طالب، خلال اجتماعه بإدارة «مركزي عدن» وعدد من قيادات الحكومة الموالية لـ«التحالف»، محافظ البنك، بفتح حساب مشترك بين «برنامج إعادة الإعمار» والحكومة لتوريد عائدات مبيعات المشتقّات النفطية. وأضافت أن البرنامج ينوي استيراد النفط من شركة «أرامكو» إلى الأسواق اليمنية، في محاولة منه للسيطرة على كلّ الحصص السوقية للشركات العاملة في استيراد المشتقّات النفطية إلى الأسواق المحلّية، وكذلك شركة النفط، وهو ما انكشف من خلال إعلان السعودية تخصيص 600 مليون دولار لما يسمّى «صندوق دعم استيراد المشتقّات النفطية»، من دون علم الحكومة المحسوبة عليها، وعلى رغم أن هذا الصندوق لم يكن قد تمّ تأسيسه في عدن أصلاً.

ووفقاً لمراقبين، فإن الخطّة السعودية تقضي بالسيطرة على كافة عائدات النفط اليمني الخام الذي يُصدَّر شهرياً من منشأة المسيلة في حضرموت، ومنشأتَي العقلة وصافر، عبر ميناء النشيمة في شبوة، والتي تصل شهرياً إلى 300 مليون دولار منذ مطلع العام الجاري. وكانت إيرادات النفط تورَّد إلى حساب خاص في «البنك الأهلي السعودي» منذ ستّ سنوات، بشكل يسمح لهادي بالسحب منه من دون الرجوع إلى حكومته، فيما تهدف مساعي آل جابر اليوم إلى السيطرة على الحساب، مع ما يحتويه من أموال.