بدأ العديد من الخبراء والمراقبين السياسيين يربطون بين إصرار الاردن على تذكير دول شقيقة وصديقة في الاقليم ومجاورة بخصوص نظرته في البعد المتعلق بالأمن الاقليمي لهذه الدول هو بحد ذاته رسالة تهدئة وتنميط سياسية ودبلوماسية اردنية تهدف الى استعادة العلاقات الدافئة مع كل من المملكة العربية السعودية وغيرها من دول الخليج.
واعادة التموضع في تحديد موقف سياسي من طبيعة الازمة والصراع في اليمن تحديدا خصوصا وان موقف الاردن من الصراع العسكري في اليمن سبق ان اثار جدلا واسع النطاق في العديد من الدول.
ومن بينها المملكة العربية السعودية لا بل تربط الكثير من الاوساط السياسية والاعلامية بين موقف الاردن المتحفظ بالمشاركة بعاصفة الحزم والرافض لاستمرار الصراع عسكريا في اليمن او مع اليمن وبين البرود الذي اعترى طوال السنوات الماضية العلاقات الاردنية السعودية في اغلب المستويات.
عمان تبدو في حالة نشاط دبلوماسية هذه الايام فهي تبادر في الملف السوري وتجري اتصالات معمقة مع كل من المصريين و السلطة الوطنية الفلسطينية واستقبلت عمان مؤخرا الامين العام للجامعة العربية احمد ابو الغيط في اطار جهد دبلوماسي اردني يستهدف ما اسماه العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني وهو يستقبل ابو الغيط بصفة خاصة بتوحيد المواقف العربية.
وعبارة توحيد المواقف العربية يعيدها الدبلوماسيين هنا الى رغبة عمان في ان تتحدث الدول العربية بعد الان بخصوص عملية التسوية والمفاوضات والقضية الفلسطينية في موقف موحد يمكن الجانب العربي ولاحقا الفلسطيني من الاستثمار في الموقف الحالي المصنف ببعض الايجابية للادارة الامريكية بقيادة الرئيس جو بايدن خصوصا وان بايدن ابلغ الاردن رسميا بانه ليس لديه خطة في انعاش المفاوضات او عملية السلام في الصراع العربي الاسرائيلي لكنه مهتم جدا بالتهدئة العامة واستقرار الامور في الضفة والقطاع وبتحسين مستوى معيشة المواطنين الفلسطينيين.
على الجبهة الموازية تستثمر الدبلوماسية الاردنية في كل مساحة ممكنة او ثغرة محتملة للتاكيد على ان امن دول الخليج جزء من امن المملكة الاردنية الهاشمية وهو موقف اعاد العاهل الاردني مساء الاربعاء التاكيد عليه بوضوح عندما استقبل رئيس مجلس الشورى السعودي عبدلله آل الشيخ الذي يزور عمان وهو تقريبا ارفع مسؤول في المؤسسة السعودية يزور عمان منذ شهر نيسان الماضي ويحظى بالرعاية والعناية.
الموقف الملكي الاردني حاول التأكيد مجددا على الرؤية الامنية الاستراتيجية للاردن في مساله امن السعودية وعبر التاكيد ايضا على ان امن السعودية هو جزء من الوطني والاقليمي الاردني.
وهي عبارة بدأت تقال في الكثير من المحطات خصوصا عندما يتعلق الامر بالنمو الكبير للعلاقات والاتصالات في محور عمان ابوظبي او عندما يتعلق الامر بالرغبة الاردنية الملموسة في استعادة العلاقات ونقلها الى مستويات بعيدا عن اي خلاف او تجاذب وتطويرها مع الجانب السعودي حيث ان وزير الخارجية أيمن الصفدي أكثر من يكرر تلك العبارة وإن كان رئيس الوزراء بشر الخصاونة قد طرحها ايضا عندما زار أبو ظبي والتقى الشيخ محمد بن زايد فيما تترقب عمان الخطوة التالية من الأمير السعودي محمد بن سلمان بعد “توجيه عدة رسائل ناعمة” بين الطرفين أهمها إمتداح الخصاونة علنا لمشاريع نيوم.
ويبدو ان هذا التموضع الدبلوماسي الاردني له صلة بتزايد التصريحات والمواقف العلنية الاردنية التي تنتقد المحاولات الارهابية للحوثيين في اليمن علما بان الاردن لم يكن يصنف الحوثيين في الماضي في دائرة الارهاب.
لكن في عدة بيانات سياسية ودبلوماسية تبناها وزير الخارجية الاردني ايمن الصفدي استخدمت عبارات تربط بين الحوثيين ومحاولات الارهاب التي تستهدف الاشقاء في المملكة العربية السعودية و في دولة الامارات العربية المتحدة.
يبدل الاردنيون دبلوماسيا في قاموسهم بخصوص الازمة اليمنية والانطباع قوي بان الاستمرار في التأكيد على ان امن الامارات والسعودية هو امن اردني او ينظر له على هذا الاساس هو اقرب للصيغة قد تؤدي الى حلحلة او زحزحة او حتى تغيير واضافة جملة تكتيكية للموقف الاردني المعروف في المسالة اليمنية.
وذلك بكل الاحوال يتجه او ينمو على اساس قناعة عمان او معلوماتها بخصوص موقف الادارة الامريكية ايضا من الازمة اليمنية والتي تعتبرها صراع عبثي ويجب ان ينتهي.
وهنا يتردد وسط الدبلوماسيين بان عمان تريد الاقتراب اكثر من ابوظبي والرياض في مسالة اليمن حتى تستطيع مؤثرة اكثر او حتى تكون في موقع القيام بمبادرة او تحرك باستضافة اتراك يمنيين للحديث عن انهاء الصراع مستقبلا وفقا لبعض الإقتراحات إذا صمدت.