وصول ثلاثة دبلوماسيين إيرانيين إلى جدّة فهل حان ميعاد إعادة “فتح السفارات” بين البلدين؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1068
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

وهل تُريد السعوديّة من إيران “الاعتذار” أم استخدام “تأثيرها” عند الحوثيين وماذا عن تصعيد “حزب الله” في ذكرى إعدام الشيخ نمر النمر والتي أدّت لقطع العلاقات بين الرياض وطهران مُنذ 6 سنوات؟

عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:

على الرّغم من تصعيد حركة أنصار الله الحوثيّة على الجبهات السعوديّة عسكريّاً، وانضمام “حزب الله” اللبناني إلى ذلك التصعيد، بعقده “لقاء المُعارضة العربيّة في الجزيرة العربيّة” من الضاحية الجنوبيّة في بيروت ضدّ “النظام السعودي” كما ورد في كلمات المُشاركين فيه ووصف العاهل السعودي الملك سلمان الحزب بالإرهاب، إلا أن الجبهة السعوديّة- الإيرانيّة، يبدو أنها بدأت تظهر عليها، آثار جولات الحوار بين البلدين (عقدتا أربع جولات في العراق)، والخامسة بالطريق وفقاً للسفير الإيراني إيرج مسجدي في بغداد، وهي ذاهبة العلاقات كما بدت، إلى الهُدوء التدريجي، وربّما عودتها إلى سابق عهدها مُنذ سنوات، حيث جرى قطعها العام 2016.

الأنباء الإيجابيّة، وبحسب المتحدّث باسم وزارة الخارجيّة الإيرانيّة سعيد خطيب زاده الاثنين، وصل إلى جدّة، ثلاثة دبلوماسيين إيرانيين، لشغل مناصب في مقر منظمة التعاون الإسلامي، وهو وصول يُنبئ أن الطرف السعودي بدأ يتقبّل العودة الإيرانيّة التدريجيّة إلى أراضيه، بعد جفاء، وتعهّد سعودي على لسان الأمير محمد بن سلمان ولي عهد المملكة، بنقل المعركة إلى الداخل الإيراني، وتثوير الأقليّات السنيّة ضد الدولة الإيرانيّة، والرغبة في إسقاطها، كما إعادة الشرعيّة إلى صنعاء مع إطلاق عاصفة الحزم، وإعادة الأمل، وبحُكم الواقع لم يتحقّق شيء من تلك الأهداف السعوديّة.

لا تتطرّق الحكومة السعوديّة من جهتها إلى توضيح مدى تقدّم المُحادثات مع إيران في تصريحاتها المُقتضبة حول العلاقات مع طهران، لكنّها أقرّت بأنها محادثات وديّة لكنّها استكشافيّة، عبارة “استكشافيّة” تحديدًا تضعها الأوساط السعوديّة في إطار الأدبيّات السعوديّة المعهودة في التعامل مع طهران، فالمملكة لا تزال تقول بأن على إيران، كف يدها عن التدخّل في المنطقة، والدول الخليجيّة خُصوصاً، وبالتالي هي مُضطرّة لاستكشاف مدى تلبية طهران لرغبتها كما تقول في تطبيق حُسن الجوار، لكن المملكة أيضاً بحاجة إيران لإرساء الأمن في الخليج، وهو ما يُؤكّده سفير إيران لدى الرياض السابق محمد رضا نوري شاهرودي.

الأنظار تتّجه الآن، بعد وصول الدبلوماسيين الإيرانيين إلى جدّة، نحو مزيد من استئناف العلاقات الدبلوماسيّة بين البلدين، بإعادة فتح السفارات في كل من الرياض، وطهران، وهو ما تحدّث عنه البرلماني الإيراني جليل رحيمي جهنا، وحديثه عن “اقتراب” فتح السفارات بالفعل، لكن في المُقابل لا تزال التصريحات السعوديّة بالخُصوص أكثر تحفّظاً، وإعلاناً، وتتناقل منصّاتها الافتراضيّة رغبة المملكة بحُصولها على اعتذار إيراني عن الاعتداء الذي حصل على سفارتها في طهران، مع تقديم صحافة المملكة المحليّة لوجهة نظر تقول إنه من المُبكر بعد الوصول لمرحلة إعادة فتح السفارات بين البلدين.

طهران كما يقول مُناصروا سياساتها، لم تُغلق الباب في وجه الرياض، وكان مسؤولون فيها يدعون نظرائهم السعوديين للحوار حتى في أحلك أوقات تراجع العلاقات، ومن جهته كان قد وصف وزير الخارجية الإيراني، أمير عبداللهيان، الحوار مع العربيّة السعوديّة بأنه “إيجابي وبنّاء”، مُعربًا عن استعداد طهران لإعادة العلاقات بين البلدين “في أيّ وقت”.

لكن هذه الدعوات الإيرانيّة كانت فيما يبدو في السنوات الماضية، مربوطةً بمدى الانفتاح الأمريكي من عدمه، حيث إدارة الرئيس الأمريكي السابقة دونالد ترامب، انسحبت من الاتفاق النووي، وصعّدت من مواقفها العدائيّة ضد إيران وفرضت العُقوبات عليها، وكانت العلاقات السعوديّة- الإيرانيّة ليست على ما يُرام يُرافقه تحشيد إعلامي، أمّا إدارة جو بايدن الحاليّة التي ترفض التعامل الشخصي مع ولي عهد السعوديّة، فهي ترغب بالوصول إلى اتفاق مع إيران، في ظل المُفاوضات الجارية معها في فيينا وتفاؤل إيران النسبي الذي أبدته في الساعات الأخيرة، وهو ما قد يُفسّر الرغبة السعوديّة في تحسين، واستئناف العلاقات مع إيران، وعودة افتتاح السفارات.

اليمن هو الملف العالق والشائك بالنسبة للقيادة السعوديّة، والتقارب مع إيران، يعني بالمفهوم السعودي لعب دور إيراني في وقف الهجمات الحوثيّة، ووضع حد للحرب في اليمن.

في هذا الإطار، يُوضّح السفير السابق نوري شهرودي، وهو الخبير بالشأن السعودي بحُكم منصب السفير لبلاده لدى المملكة، وفي مقابلة مع صحيفة “جام جم” الإيرانيّة، بأن التدخّل السعودي من الأخطاء الكُبرى والاستراتيجيّة التي لا تُغتفر للسعوديّة، ومن الطبيعي أن تتوقع من إيران أن تستخدم تأثيرها للتوسّط بين السعوديّة والشعب اليمني، وبالطبع يقول السفير إيران يمكنها أن تستخدم هذا التأثير، ولكن في ذات الوقت لا بد أن ندرك أن اليمنيين مستقلون ومناضلون”، مؤكدا أن السبيل الوحيد أمام السعودية للتخلّص من هذه الأزمة هو الرضوخ للمُفاوضات والحوار.

ويُصِرّ المسؤلون الإيرانيون الحاليّون، والسابقون، على التأكيد على عبارة السفير بأن إيران تتوسّط عند الحوثيين، ولا تفرض عليهم قرارها حتى لو تقاربت مع السعوديّة، فهم كما قال السفير السابق نوري شهرودي “مُستقلون، ومُناضلون”، وهو ما يطرح تساؤلات حول موقف حركة أنصار الله من التقارب السعودي- الإيراني، ومدى رغبتها بوضع نهاية للحرب ضمن شروط تُلبّي كافّة مصالحها، وأهمّها الاعتراف السعودي بشرعيّة حكومتها، والكف عن وصفها بالمليشيّات.

تساؤلات مطروحة أيضاً حول الموقف السعودي من حزب الله، وهو الذي وصفه الملك سلمان بالإرهاب، حال عودة العلاقات السعوديّة- الإيرانيّة إلى سابق عهدها، فحزب الله كان قد اشترط على المملكة في لقاء المُعارضة السعوديّة الذي نظّمه في الضاحية الجنوبيّة، الكف عن التنمّر، والتوقّف عن التعالي، والتدخّل بالشأن اللبناني، وهي اشتراطات يقول جمهور الحزب، بأن لا علاقة لها بما يجري بين طهران، والرياض من تقدّم إيجابي، أو تراجع سلبي، كما وعودته إلى جلسات أعمال مجلس الوزراء اللبناني، رغبة منه في عدم اتهامه بالتعطيل من خصومه السياسيين، وعلى رأسهم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي أعلن اتخاذه من المملكة قِبلة دينيّة، وسياسيّة.

وكانت العلاقات السعوديّة- الإيرانيّة قد جرى قطعها، بعد اقتحام مقار بعثاتها الدبلوماسيّة في إيران، العام 2016، وذلك بعد إعدام الرياض لرجل الدين الشيعي نمر النمر، فيما كان عُقد لقاء المُعارضة السعوديّة الذي نظّمه حزب الله في الضاحية الجنوبيّة، في الذكرى السادسة لإعدام الشيخ نمر النمر التي كان قد نتج عنها قطع العلاقات بين طهران، والرياض.