الصندوق السيادي السعودي يواصل الرهان على التكنولوجيا..فهل ينجح؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1044
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

يسير صندوق الاستثمارات العامة، الصندوق السيادي للسعودي، على المسار الصحيح لتحقيق هدفه البالغ 480 مليار دولار من الأصول الخاضعة للإدارة بنهاية الربع الثاني من عام 2022، وفقا لمحافظ الصندوق "ياسر الرميان". ويطمح الصندوق إلى بلوغ حجم أصوله 1.07 تريليون دولار بحلول عام 2025 و2 تريليون دولار بحلول عام 2030.

ويمكن أن تساعد الاستثمارات الذكية في شركات التكنولوجيا، التي تتمتع العديد منها بأسعار أسهم مزدهرة منذ جائحة "كورونا" في دعم مثل هذه الطموحات. ومع ذلك، لا يزال يتوجب على مسؤولي الصندوق العمل من أجل تعزيز الثروة الحقيقية اللازمة لتحويل اقتصاد البلاد والحفاظ على الرفاه الاقتصادي للمواطنين.

وأظهر صندوق الاستثمارات العامة اهتماما جادا بالاستثمارات التكنولوجية العالمية منذ عام 2018 من خلال التزامه الهائل المتمثل في استثمار 45 مليار دولار في صندوق "رؤية سوفت بنك"، وهو أكبر صندوق استثمار تكنولوجي بالعالم.

وتحول الاستثمار المتواضع بـ1.3 مليار دولار في "ليوسيد موتورز" من قبل الصندوق في عام 2018 إلى ما قيمته 41  مليار دولار بعد 3 أعوام بسبب الاكتتاب العام الأولي الناجح من قبل صانع السيارات الكهربائية. وتؤكد استراتيجية الصندوق السعودي للفترة من 2021 إلى 2025 أهمية شركات التكنولوجيا المحلية والعالمية في محفظته الاستثمارية.

 

صندوق مناسب للقرن الـ21

وتعمل الاستثمارات في شركات التكنولوجيا المحلية على تحقيق أهداف متعددة لبرنامج الصندوق، بما في ذلك الحاجة إلى "فتح قطاعات جديدة" و"توطين أحدث التقنيات والمعرفة". وتخطط شركة "علم"، وهي شركة خدمات رقمية مملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة، لتسويق 30% من أسهمها في البورصة السعودية "تداول".

وبالمثل، يمتلك الصندوق 50% من أسهم "نون"، وهو سوق للتجارة الإلكترونية في الرياض ومنافس لشركة "أمازون" العالمية في الشرق الأوسط. وتعمل الشركة السعودية لتقنية المعلومات، التي يمتلكها صندوق الاستثمارات العامة، أيضا، على تأمين البنية التحتية الوطنية الحساسة وأصول المعلومات. وفي عام 2019، أطلق صندوق الاستثمارات العامة رسميا شركة صندوق الصناديق "جدا" لدعم منشآت صغيرة ومتوسطة عبر الاستثمار في "صناديق رأس المال الجريء والملكية الخاصة".

ويأمل مسؤولو الصندوق أن تولد شراكات الاستثمار الاستراتيجية مكاسب محلية. وهناك بعض الأدلة المبكرة على أن هذه الاستراتيجية ناجحة في مجال التكنولوجيا. وفي سبتمبر/أيلول 2021، ضخ "سوفت بنك" 125 مليون دولار في شركة "يونيفونيك"، وهي أول صفقة لتكتل ياباني مع شركة تقنية مقرها السعودية.

وتعكس عملية الاستثمار هذه إعادة تدوير رأس المال الاستثماري، الذي يعد في صميم العديد من مبادرات الإنفاق السعودية. ومع ذلك، تم تمويل صفقة "يونيفونيك" من قبل "صندوق "رؤية سوفت بنك 2"، وهي جزء بسيط مما التزم به صندوق الاستثمارات العامة لصندوق "رؤية سوفت بنك" عام 2018. وفي الوقت نفسه، يُقال إن "ليوسيد" تخطط لبناء مصنع للسيارات الكهربائية في المملكة بحلول عام 2025 أو 2026.

ويمتلك صندوق الاستثمارات العامة السعودي حصصا في شركات التكنولوجيا الواعدة في أكبر الاقتصادات في العالم. وحصلت "ماجيك ليب"، وهي شركة ناشئة في مجال "الواقع المعزز"، على 400 مليون دولار من الصندوق عام 2018، ويُقال إن شركة التكنولوجيا التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها تخطط لفتح مركز ابتكار حوسبة في السعودية من خلال شراكة مع "أرامكو السعودية".

واستثمر صندوق الثروة السيادية السعودي أيضا 3.5 مليارات دولار في "أوبر"، الأمر الذي هز ثقة المستثمرين في الأعوام الماضية، لكن مزود خدمات التنقل الأمريكي قد يكون في وضع جيد للعودة في عام 2022.

وتعد شركة "بابيلون هيلث"، وهي شركة بريطانية للتطبيب عن بُعد تقدم استشارات افتراضية مع الأطباء وغيرها من الخدمات المستندة إلى التطبيقات، واحدة من أسرع شركات الرعاية الصحية نموا في العالم. وسبق استثمار صندوق الاستثمارات العامة في عام 2019 في شركة "بابيلون" جائحة فيروس كورونا.

كما استثمر صندوق الاستثمارات العامة نحو 1.5 مليار دولار في "منصات جيو"، وهي شركة اتصالات وخدمات رقمية كبرى في الهند. وأضاف الصندوق أسهم في مجموعة "علي بابا" الصينية متعددة الجنسيات في الربع الثالث من عام 2021.

وتنطوي الاستثمارات الضخمة في شركات التكنولوجيا العالمية على مخاطر مالية. وأدت الحملة التي شنتها الحكومة الصينية على قطاع التكنولوجيا في البلاد إلى محو مليارات الدولارات من أسهم التكنولوجيا الصينية.

وقد انخفض سعر سهم "سوفت بنك جروب" بشكل مطرد طوال النصف الثاني من عام 2021، واستقر عند 23.41 دولارا في 10 يناير/كانون الثاني 2022، منخفضا من 45.94 دولارا في 10 مايو/أيار 2021، وسط عمليات بيع أوسع لأسهم التكنولوجيا الآسيوية.

وبالمثل، تواجه شركات التكنولوجيا رياحا معاكسة في الولايات المتحدة؛ حيث ينظر كل من الديمقراطيين والجمهوريين إلى كبح جماح شركات التكنولوجيا كجزء من أجنداتهم السياسية.

لكن التكنولوجيا هي مجرد عنصر واحد من المحفظة الواسعة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، التي تشمل أيضا الشركات العاملة في مجال السياحة والفنادق والطاقة وتحلية المياه والبيع بالتجزئة وحتى خدمات طائرات الهليكوبتر. وبهذه الطريقة، يوازن صندوق الثروة السيادية السعودي بين مجموعة متنوعة من الاستثمارات الدولية إلى جانب مبادرات الاستثمار الوطنية.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2021، أنشأ صندوق الاستثمارات العامة قسم التنمية الوطنية لدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة بشكل أفضل.

 

واقع الاستثمارات

ويتساءل المحللون بشكل متزايد عما إذا كانت موارد الثروة السيادية الخليجية يمكن أن تعمل كبديل عن عائدات قطاع النفط والغاز ومتى يحدث ذلك. وتستحق هذه الأسئلة الطرح فيما يتعلق بصندوق الاستثمارات العامة، الذي يقع في قلب "التحول السريع في السعودية".

وربما تكون العوائد المستدامة على الاستثمار بمثابة تدفقات رئيسية للإيرادات غير النفطية على المدى الطويل، لكن من غير المرجح أن تدعم الدولة السعودية الكبيرة واقتصادها بنفس طريقة عائدات النفط. ويقدم صندوق الثروة السيادي النرويجي الذي تبلغ قيمته 1.4 تريليون دولار، وهو الأكبر في العالم، مدفوعات سنوية تبلغ ربع ميزانية الدولة فقط.

وبالرغم من نموه الجدير بالثناء، فإن هدف صندوق الاستثمارات العامة السعودي، المتمثل في الوصول إلى 2 تريليون دولار من الأصول بحلول عام 2030، يبدو غير واقعي. وبالطبع، هناك طرق أسرع للصندوق للوصول إلى هذا الحجم من الأصول بالمعنى الاسمي، ولكن بدون نمو عضوي. ومن هذه الطرق وضع أسهم "أرامكو"، أو الشركة بأكملها، تحت مظلة شركة صندوق الاستثمارات العامة أو تعزيز تقييمات مشاريع التنمية المحلية المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة.

ومع ذلك، فإن التمييز بين إعادة تخصيص رأس المال الاستثماري وخلق الثروة له آثار مهمة على الرفاهية الاقتصادية للمواطنين السعوديين. وربما يبدو الأول مثيرا للإعجاب في الميزانية العامة، لكن الأخير ينتج تأثيرا مجتمعيا.

ويعتبر صندوق الاستثمارات العامة بلا شك حافزا اقتصاديا مؤثرا في المملكة وخارجها. والوقت وحده هو الذي سيحدد ما إذا كان هذا الصندوق بإمكانه أن يصبح محركا اقتصاديا مستداما أم لا.

 

المصدر | روبرت ماجلينسكي/معهد دول الخليج في واشنطن - ترجمة وتحرير الخليج الجديد