"الوظائف ليست عذرا".. ضغوط متصاعدة على ترودو لوقف صادرات السلاح الكندي إلى السعودية

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1770
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

لم تحظ السياسة الخارجية باهتمام كبير، خلال حملة انتخابية فيدرالية في كندا هيمنت عليها القضايا المحلية. ومع ذلك، هناك القليل من القضايا التي تسد الفجوة بين المخاوف المحلية ودور كندا في العالم مثل صادرات الأسلحة الكندية إلى السعودية.

وبعد إعادة انتخابه لولاية ثالثة، يمكن لحكومة "جاستن ترودو" الليبرالية صياغة سياسة خارجية تقدمية تدمج بين مخاوفها إزاء حقوق الإنسان بالخارج، ورغبتها في اقتصاد قوي ووظائف جيدة في الداخل، لكن هذا سيتطلب وقف بيع الأسلحة إلى السعودية.

والجزء الأكبر من صادرات الأسلحة الكندية للسعوديين عبارة عن مركبات مدرعة خفيفة، تُعرف باسم "لاف"، وهي مركبات مجهزة بأسلحة متنوعة، بما في ذلك المدافع الآلية، والمدافع الرشاشة. ففي عام 2014، توسطت حكومة المحافظين بقيادة "ستيفن هاربر" لبيع الحرس الوطني السعودي المئات من مدرعات "لاف"، التي تصنعها شركة "جنرال دايناميكس لاند سيستمز-كندا" في لندن وأونتاريو. ووافقت حكومة "ترودو" الليبرالية على الصفقة بعد وقت قصير من وصولها إلى السلطة عام 2015.

ومؤخرا، دافع "هاربر" عن عقد "لاف" مع السعودية، قائلا إنه "فخور بهذه العلاقة البناءة (مع المملكة) التي ساعدت في تأمين وظائف للكنديين من خلال أكبر عقد تصنيع معد للتصدير في تاريخ كندا".

وتحت ضغط النقاد، دافع الليبراليون عن صادرات "لاف" بتعبيرات مماثلة، زاعمين أن إلغاء هذا العقد كان "سيُعرض وظائف الآلاف من الكنديين للخطر، ليس فقط في جنوب غرب أونتاريو، ولكن أيضا عبر سلسلة توريد صناعة الدفاع بأكملها، التي تضم المئات من الشركات الصغيرة والمتوسطة".

وبمبلغ قدره نحو 14 مليار دولار، يدعم العقد مع السعودية نحو 3000 وظيفة في لندن، وهي مدينة تضررت بشدة من إغلاق المصانع؛ ما يكسب حجة الوظائف زخما.

 

تواطؤ كندا بانتهاكات حقوقية

ومع ذلك، أصبح من الصعب بالنسبة للكثيرين تجاهل التواطؤ الكندي في الانتهاكات السعودية لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.

فالسعودية لديها سجل أسود في مجال حقوق الإنسان، سواء في الداخل أو في الخارج. على الصعيد المحلي، تقمع السلطات السعودية المعارضين ونشطاء حقوق المرأة ورجال الدين المستقلين. وعلى الصعيد الدولي، تقود المملكة منذ عام 2015، تحالفا عسكريا عربيا في اليمن؛ حيث تسعى إلى دعم حكومة الرئيس "عبدربه منصور هادي" المنخرطة في صراع مسلح مع قوات الحوثيين المتمردة.

ومنذ أن بدأ التحالف، الذي تقوده السعودية تدخله باليمن، تعرض لإدانات على نطاق واسع؛ بسبب ارتكابه انتهاكات خطيرة ومتكررة للقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك الاستهداف المتعمد للمدنيين.

فقد كانت الضربات الجوية السعودية عشوائية وغير متناسبة؛ حيث قتلت آلاف المدنيين ودمرت البنية التحتية الحيوية لليمن، بما في ذلك مرافق مياه ومستشفيات. ومن ذلك، ما جرى عام 2018؛ حيث قتلت غارة جوية شنتها قوات التحالف على حافلة مدرسية 40 طفلا يمنيا وأصابت عشرات آخرين.

ومن المخزي، اختيار كندا مرتين من قبل فريق الخبراء البارزين التابع للأمم المتحدة بشأن اليمن كواحدة من العديد من القوى العالمية التي تساعد على إدامة الصراع باليمن من خلال الاستمرار في تزويد السعودية بالأسلحة.

وفي رسالة إلى "ترودو"، في سبتمبر/أيلول 2020، أثارت 40 منظمة مجتمع مدني مخاوف بشأن الآثار الأخلاقية والقانونية والحقوقية والإنسانية لصادرات كندا من الأسلحة إلى السعودية، ودعت إلى تعليقها على الفور.

 

احتجاجات على مبيعات السلاح

واحتج نشطاء السلام على صفقة "لاف" خارج مقار شركة "جنرال دايناميكس" في لندن ومدن أخرى في جميع أنحاء كندا. كما حاولوا، ضمن تحركات أخرى، عرقلة عمل شركة شحن قيل إنها تنقل مدرعات "لاف" إلى ميناء كندى استعدادا لتصديرها إلى السعودية.

لكن مع ذلك، يتساءل المدافعون عن الصفقة: وماذا عن الوظائف؟

ومعترفة بأن وقف صادرات الأسلحة إلى السعودية يمكن أن يؤثر على العاملين في قطاع الدفاع الكندي، استخدمت منظمات المجتمع المدني، بما في ذلك منظمة "أوكسفام كندا" ومنظمة "العفو" الدولية في كندا، الرسالة المفتوحة لحث حكومة "ترودو" على "العمل مع النقابات العمالية التي تمثل العمال في الجيش من أجل تطوير خطة تؤمن سبل عيش لأولئك الذين سيتأثرون بتعليق صادرات الأسلحة إلى المملكة".

من جانبه، اقترح "الحزب الديمقراطي الجديد" (أحد أكبر الأحزاب الكندية) تأمين وظائف في "جنرال دايناميكس" عبر عقود محلية، قائلا إن القوات الكندية بحاجة إلى مدرعات مماثلة.

بينما دعا "مؤتمر العمال الكندي"، أكبر مجموعة عمالية في البلاد، إلى "استثمارات حكومية تساهم في تسريع الانتقال إلى الوظائف الخضراء السلمية التي تحمي العمال ومجتمعاتهم وبقية العالم"، وذلك في سياق معارضته لتصدير السلاح إلى السعودية.

 

نهج مبدئي

يمكن للقوى العاملة ذات المهارات العالية في "جنرال دايناميكس" العمل، على سبيل المثال، في مشاريع البنية التحتية للسكك الحديدية عالية السرعة، والتي ستكون جزءا مهما من استجابة كندا لأزمة المناخ.

ويجب على الحكومة ألا تتجاهل مثل هذه المقترحات من المدافعين عن الوظائف الجيدة.

وخلال الحملة الانتخابية، تعهد الليبراليون باتباع نهج مبدئي للسياسة الخارجية يمنع الأولوية لجهود تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون، بينما يعد بخلق وظائف جيدة وتعزيز الطبقة الوسطى.

ويمكن للحكومة التقدمية أن تفعل الأمرين معا، ويجب عليها ذلك. فقد حان الوقت منذ وقت طويل ليتوقف الليبراليون عن خلق وظائف جيدة في الداخل عبر تجاهل حقوق الإنسان في الخارج.

 

المصدر | ذا كونفرزيشن- ترجمة وتحرير الخليج الجديد