يطرح دبلوماسيون في العاصمة الاردنية أسئلة حرجة هذه الايام عن الاوراق الغامضة التي أطاحت بالاتصالات الحميمة بين الأردن والسعودية بصورة زادت حدتها خصوصا بعد الاعلان في عمان عن ما سمي بملف الفتنة والتي طالت أبرز شخصية كانت تشرف على هندسة العلاقات الاردنية السعودية وهي السجين والمتهم الرئيسي الان الدكتور باسم عوض الله.
وصف عوض الله طوال الوقت بانه من اقرب المستشارين لولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان وقد تصدر عدة مواقع مهمة جدا بنفس الوقت الى جانب القيادة الاردنية وكان مسئولا عن جذب مؤتمر دافوس الصحراوي ونخبة الاستثمار في العالم.
لكنه عالق الآن في السجن بتهمة العمل على زعزعة أمن واستقرار المملكة ودون اي تقدم في نقل اوراق قضيته الى المحكمة.
تحدّث أركان في السفارة الامريكية في عمان بعيدا عن ملف الفتنة وعوض الله عن ضرورة استعادة الدفء للعلاقات الاردنية السعودية خصوصا في المرحلة المقبلة والتي يفترض ان تتضمن ترتيبات يرغب بها الرئيس الامريكي جو بايدن لبعض أوراق القضية الفلسطينية حيث ان المطلوب ايضا بعض المال السعودي لتمويل مشاريع إعادة الاعمار في قطاع غزة والتي يقال انها ستكلف نحو 4 مليارات دولارا على الاقل في المرحلة الاولى.
الانطباع وسط الدبلوماسيين والاوروبيين في القاهرة وعمان يشير الى ان الاتصالات بين الاردن والسعودية في ادنى مستوياتها حاليا والسبب المرجح لذلك هو ملف الفتنة الاردني.
ويبدو ان المطلوب في السياق زيادة مستوى التنسيق في المرحلة اللاحقة وان كان الانطباع يعرفه الجميع بحصول خلاف طازج خلف الستارة اعتبارا من الثالث من نيسان الماضي له علاقة بملف الفتنة الاردني وحصريا بالدكتور عوض الله.
يعرف الجميع هنا وقد نشرت صحف عالمية من بينها واشنطن بوست ان وزير الخارجية السعودي الامير فيصل بن فرحان اوفده ولي عهده فورا يوم الرابع من نيسان مع وفد سعودي رفيع المستوى الى عمان بمطلب محدد وواحد وهو الافراج عن المستشار عوض الله بحكم جنسيته السعودية التي يحملها وجوار السفر الدبلوماسي السعودي.
وقتها أقرّ أمام “رأي اليوم” مسئول اردني حكومي بأن الوزير السعودي واربعة جنرالات حضروا الى عمان معا في سياق مطلب واحد فقط هو التعاون من أجل إعادة عوض الله الى السعودية التي يقيم بها حرصا على العلاقات الاخوية واستدعاء لملف مماثل طالب فيه الاردن باستعادة ملياردير سعودي اردني معروف بعد توقيفه في الرياض وهو رجل الأعمال صبيح المصري.
تصدعت العلاقة بين عمان والرياض بسرعة بسبب رفض الاردن المطلب السعودي والذي عاد الأمريكيون للاهتمام به من جهتهم.
أغلب التقدير الآن أن العلاقة متوترة الان بسبب الرفض الاردني لكن المثير للتساؤل هو تخلي الجانب السعودي عن المستشار الاميري الدكتور عوض الله لاحقا وعدم تجديد المطالبة بالإفراج عنه في حين لا توجد على الارجح برأي المستشارين القانونيين وقائع وبينات كافية لمحاكمة من بين كلفها الابرز حصول خسائر في العلاقات والاتصالات مع دولة مهمة مثل السعودية.
بكل الاحوال الانطباع قوي الآن بان ملف عوض الله من الاسباب التي تعرقل مستويات التواصل بين عمان والرياض فيما المجتمع الدبلوماسي الغربي في العاصمتين وكذلك في القاهرة يبحث عن طريقة تساعد في ازالة التصدع واحتواء الخلاف وعلى أساس ان الزخم القانوني والأمني الذي بدأ اصلا في ملف الفتنة الاردني اصبح اكثر ميلا للاتزان وعدم التهويل والمبالغة.
وكان السؤال عن الجهات الخارجية التي اعلن الاردن تورطها في ملف الفتنة مستمر في الصدارة ومن خلال تصريح شهير لنائب رئيس الوزراء وزير الخارجية ايمن الصفدي الذي يجد بدوره الآن صعوبات في التواصل مع نظيره السعودي الامير فيصل بن فرحان والذي اخفقت المهمة التي كلفه بها مطلع شهر نيسان الماضي في عمان الامير حمد بن سلمان.
لكن لاحقا أبلغ رئيس الوزراء الأردني الدكتور بشر الخصاونة بان الجهات الخارجية مسالة تخص المحكمة والقضاء من حيث التسمية والتحديد فيما اعلن الملك عبد الله الثاني شخصيا بان نتائج التحقيق في قضية الفتنة بعد انتهائها وخضوعها للقنوات القانونية سيتم تقييمها في ظل مصالح الدولة الاردنية.
وهي عبارة يعتقد ان الهدف منها تمحيص الامور قبل توجيه اي تهمة لأي جهات خارجية في الجوار او في الاقليم.