و. س. جورنال: هكذا تهدد رغبات وأفكار بن سلمان مستقبل نيوم

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1741
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

يحلم ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان"، أن تنهض مدينة "نيوم" التي تكلّف 500 مليار دولار، يومًا ما من الصحراء؛ مما يغير واقع السعودية من خلال جذب مليارات الدولارات من الاستثمارات الجديدة، في وقت تحاول فيه المملكة تقليل اعتمادها على النفط قبل نفاد احتياطياتها من النفط الخام. ولكن حتى الآن، تغرق "نيوم" في وحل من التأخيرات مع فرار جماعي للموظفين الذين يعانون من الضغوط تحت وطأة رؤية الأمير الطموحة.

وقد كافح المهندسون لتحقيق مطالب تفجير حفرة طولها نصف ميل وطولها 30 طابقًا في جانب جبل، بهدف احتواء مجموعة من الفنادق والمساكن.

وهناك توجيه آخر ببناء 10 قصور (كل منها أكبر من ملعب كرة قدم)، وقد اجتذب هذا التوجيه أكثر من 50 تصميمًا مختلفًا، إلا إنه جعل الموظفين يتساءلون عما إذا كان هناك أي شخص سيشتري منازل يمكن أن تصل قيمة الواحد منها إلى 400 مليون دولار، وفقًا لمراجعة خطط المشروع والمقابلات مع أولئك الذين شاركوا في تطوير "نيوم".

 

تطلعات استثنائية

وفي أحد اجتماعات مجلس الإدارة في ديسمبر/كانون الأول الماضي، رفض "بن سلمان" ما قدمه مخططو المدن من خطط أخرى أبسط لمدينة خالية من التلوث، وطلب منهم التفكير بشكل أكثر جرأة، وقال: "أريد أن أبني أهرامي"، ، وفقًا لأشخاص مطلعين على تعليماته.

ووصف متحدث باسم "نيوم" المملوك لصندوق الثروة السيادي السعودي، حجم المشروع بأنه غير مسبوق، لكنه قال إن توجهه النهائي مرن وسيتشكل عبر "تغير الأولويات والفرص والتحديات". وسعى "بن سلمان" إلى استخدام الأفكار الكبيرة لجذب المستثمرين، وأخبر المسؤولين الأجانب في بعض الأحيان أنه سيكون سعيدًا إذا حقق نصف ما خطط للقيام به.

وتعد "نيوم" المثال الأكثر جرأة حتى الآن على خطط الأمير البالغ من العمر 35 عامًا؛ لجذب استثمارات أجنبية واسعة النطاق إلى المملكة. لكنه حقق نجاحًا محدودًا، حيث بلغ إجمالي تدفقات الاستثمار إلى السعودية العام الماضي نحو 5.4 مليار دولار، بزيادة تقارب مليار دولار عن عام 2019 بالرغم من الوباء، لكنها أقل من الـ 16 مليار دولار سنويًا التي كانت موجودة قبل عقد من الزمن.

وفشل بيع أسهم شركة "أرامكو" في جذب أعداد كبيرة من المستثمرين الدوليين، بعد أن وضع ولي العهد تقييماً ضخماً قدره 2 تريليون دولار ولم يكن مستعداً لتخفيضها بما يكفي لإغراء المؤسسات الأجنبية.

كما تكافح المبادرات الأخرى لإعادة ضبط اتجاه الاقتصاد. وتأخرت محاولة الملك السابق "عبدالله بن عبدالعزيز" لبناء مركز مالي في الرياض عن الموعد المحدد بعشر سنوات، وهي مدينة على البحر الأحمر أطلقها الملك عام 2005 على أمل جذب ملايين السكان، ولكن يبلغ عدد سكانها الآن عدة آلاف فقط.

لكن خطط "نيوم" أعظم بكثير، وتتمحور أحدث رؤى لها حول مشروع مدينة خالية من الانبعاثات الكربونية بطول 106 ميل تسمى "ذا لاين"، وهي عبارة عن مدينة خطية متصلة بواسطة قطار فائق السرعة، بدون سيارات.

كما تهدف 4 مشاريع تطوير أخرى -تسمى خليج نيوم ومنطقة العقبة وجبل نيوم ومدينة نيوم الصناعية- إلى تطويقها، وتشمل مشروعًا لبناء منتجع في الجبال يسمى "ذا فولت". ويتطلع "بن سلمان" أن يكون لدى "نيوم" 14 قطاعًا صناعيا تشمل مجالات الطاقة وإنتاج الغذاء ووسائل الإعلام، من بين أمور أخرى.

ولكن، يقول بعض موظفي "نيوم" والمسؤولين السعوديين إنهم متشككون في إمكانية تنفيذ الخطط، ومع إن صندوق الثروة السيادي ووزارة المالية استثمرا بالفعل أكثر من مليار دولار في البنية التحتية الأولية والخطط الرئيسية والاستشاريين وأجور الموظفين، إلا إنها أموال كان يمكن استخدامها بشكل أفضل في أماكن أخرى، وفق ما قاله بعض المسؤولين السعوديين.

 

شكوك من الداخل

كما يقول موظفون آخرون (سابقون وحاليون) إنهم غير مقتنعين بأن المستثمرين الأجانب سيقتنعون ببعض مقترحات "نيوم".

كما إنهم يتشككون في أن المملكة يمكن أن تفي بخطط مجموعة جديدة من القوانين التي يفترض أن تجذب الأجانب المعتادين على العادات الغربية، مثل استهلاك الكحول أو اختلاط الرجال والنساء بحرية.

وتخطط "نيوم" لاستثمار 5 مليارات دولار لبناء أكبر منشأة لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العالم، لكن هذا المشروع يثير شهية الاستثمار سواء كانت "نيوم" موجودة أم لا، بالنظر لثراء موقع "نيوم" بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

وقال متحدث باسم "نيوم" إنها تعمل على "إطار قانوني تنافسي" وتجري مناقشات مع مستثمرين دوليين "يحرصون على تبني العمل الفريد الذي نحاول تحقيقه".

ويقول الموظفون الحاليون والسابقون إن الرئيس التنفيذي لشركة "نيوم"، "نظمي النصر"، يجد صعوبة في تحقيق أفكار "بن سلمان" بالرغم من سمعته وخبرته في إدارة المشاريع في "أرامكو" على مدى 30 عامًا. وقامت "نيوم" بتدوير العشرات من كبار الموظفين خلال ولايته، وعبر كثير منهم عن الانزعاج من أسلوب إدارة "النصر"، وفق ما قالته المصادر، وقد تخلى بعضهم عن عقود تصل قيمتها إلى مليون دولار في السنة.

وكان أحد الراحلين "أندرو ويرث"، الرئيس التنفيذي السابق لأحد أكبر منتجعات التزلج على الجليد في الولايات المتحدة، والذي ترأس المنتجع الجبلي "ذا فولت" المخطط له في "نيوم"، حيث غادر في أغسطس/آب بعد أن اعتبر أن "طريقة قيادة النصر تتضمن باستمرار استخفاف وفورات غضب مهينة"، وفقا لخطاب استقالة اطلعت عليه صحيفة "وول ستريت جورنال".

ومن بين الراحلين الآخرين المدير التنفيذي الذي يقود تطوير "خليج نيوم" والصندوق الاستثماري للمشروع وفريقه القانوني وقسم السياحة فيه، كما رحل أيضًا اثنان من مدراء تكنولوجيا المعلومات، ورئيسان للتسويق، ومديران للاتصالات.

ورفض المتحدث باسم "نيوم" الإجابة على الأسئلة المتعلقة بالموظفين، لكنه قال إن "نيوم" لديها معدل "دوران موظفين" طبيعي يماثل أي منظمة جديدة شبيهة في الحجم.

وغالبًا ما يخبر "النصر" الموظفين الجدد أنهم بحاجة إلى الإيمان بالرؤية وتقديم التضحيات للبقاء في "نيوم"، كما قال للموظفين الجدد في يونيو/حزيران 2019: "هناك أيام تشعر فيها أنك عملت بجد أكبر مما كنت تتخيله، ومع ذلك لا تنجز شيئًا"، وفقًا لملاحظات أحد الأشخاص الذين حضروا الاجتماع.

كما قالت الموظفة السابقة "إيمي بوثويل"، التي عملت في القسم الذي يركز على إنشاء صناعات غذائية، إن الموظفين يتم تدريبهم على الإيمان بمشروع "نيوم"، وبالرغم من ذلك يخاطر عدد منهم بالتشكيك في ثقافة المشروع أو جدواه، وقالت: "عندما غادرت، شعرت كما لو أنني خرجت من طائفة دينية".

 

تدخل وليّ العهد

ويقول الموظفون الحاليون والسابقون إن "بن سلمان" متورط بشدة في التفاصيل، وعندما قدم المهندسون المعماريون خططًا رئيسية لمشروع "جبل نيوم" في عام 2019، أخذ ولي العهد عناصر من 3 ملاعب ودمجها معًا، بما في ذلك تصميمات لـ"ذا فولت" وبحيرة على قمة 7500 قدم، وفقًا لوثائق اطلعت عليها "وول ستريت جورنال" ومصدر مطلع.

وأصبحت طموحات الأمير تجاه "نيوم" واضحة مع إطلاق حملة العلاقات العامة الخاصة بمشروع "ذا لاين" في يناير/كانون الثاني، حيث فكر فريق "نيوم" في وضع أضواء قوية يمكن رؤيتها من الفضاء.

وأعرب "بن سلمان" عن أمله في تلقي اتصال من محطة الفضاء الدولية لتهنئته بإضاءة "ذا لاين"، بحسب مصادر مطلعة على الخطط، لكنه ألغى لاحقًا خطط الأضواء وقلص الإطلاق.

أما الآن، فإن مطوري المشروع يدرسون جدوى إنشاء ناطحة سحاب ضخمة، لتمييز مدينة "ذا لاين" عند النظر إليها من السماء. ووفقًا للخطط التي اطلعت عليها "وول ستريت جورنال"، فيمكن أن يرتفع الهيكل 1600 قدمًا في الهواء، أي أعلى من مبنى "إمباير ستيت"، فيما يبلغ عرضه 55 ميلاً، أي 4 أضعاف طول مانهاتن.

 

المصدر | ستيفن كالين و روري جونز/وول ستريت جورنال - ترجمة وتحرير الخليج الجديد