قتل في القنصلية.. الضغوط تتزايد على ولي العهد السعودي الذي سحق المعارضة وهمش خصومه في مسعى للإمساك بزمام السلطة..

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1305
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

لقي استحسان المعجبين به وأزعج حلفاء الرياض التقليديين في الخارج وأصاب المدافعين عن حقوق الإنسان بالصدمة
القاهرة ـ (رويترز) – سحق ولي العهد السعودي، الذي اتهمه تقرير للمخابرات الأمريكية بالموافقة على عملية لاعتقال أو قتل الصحفي البارز جمال خاشقجي، المعارضة وهمش خصومه في مسعى للإمساك بزمام السلطة لقي استحسان المعجبين به وأزعج حلفاء الرياض التقليديين في الخارج، وأصاب المدافعين عن حقوق الإنسان بالصدمة.
وأفاد تقييم للمخابرات الأمريكية رُفعت عنه السرية وصدر اليوم الجمعة أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وافق على عملية للقبض على الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي أو قتله.
قُتل خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول عام 2018 وقُطعت أوصاله.
ويشكل الكشف عن التقرير تحديا جديدا لسمعة الأمير البالغ من العمر 35 عاما فيما تضع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن سجل حقوق الإنسان في المملكة تحت المجهر.
ورغم اعتراف الرياض في نهاية المطاف بمقتل خاشقجي في عملية قالت إن منفذيها تصرفوا من تلقاء أنفسهم، فقد نفت أي تورط لولي العهد. ومع ذلك، قبل الأمير المسؤولية النهائية باعتباره الحاكم الفعلي للمملكة.
وقوضت جريمة القتل الصورة التي روجها الأمير محمد لنفسه كمصلح جسور يسعى إلى إتاحة حريات جديدة في المملكة المحافظة، ودفع بعض المستثمرين للعزوف عن العمل في أكبر مُصدر للنفط في العالم في الأشهر التي تلت الجريمة.
ورافقت إصلاحات واسعة النطاق، بما في ذلك إدراج شركة النفط الحكومية العملاقة أرامكو في البورصة، حملة على المعارضة والناشطين وعملية تطهير أحاطتها السرية طالت أعضاء بارزين في الأسرة الحاكمة ورجال أعمال كبارا بتهم الفساد، مما أثار قلق بعض الحلفاء الغربيين وشركاء تجاريين محتملين.
في الوقت نفسه، انتهج ولي العهد سياسة خارجية أكثر حزما في المنطقة، وتعهد باتخاذ مواقف أشد صرامة في مواجهة النفوذ الإقليمي لإيران وزج بالمملكة في حرب مكلفة لا تحظى بتأييد شعبي في اليمن.
ولقى هذا النهج انتقادات من بعض الدبلوماسيين والمعلقين الغربيين الذين قالوا إن الرياض تبدو في بعض الأحيان كقوة زئبقية لا يمكن التنبؤ بتحركاتها في الشؤون الخارجية، على النقيض من الإيقاع المدروس المتأني للدبلوماسية السعودية التقليدية.
وشمل ذلك تجميد أنشطة شركات ألمانية ومعاملات تجارية جديدة مع كندا في عام 2017 بسبب تصريحات علنية جرى تفسيرها على أنها تنتقد السياسة الخارجية السعودية واحتجاز الرياض لناشطات في مجال حقوق المرأة.
وتمتع الأمير محمد بعلاقات قوية مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الأمر الذي وفر له الحماية إلى حد كبير من الانتقادات الغربية. وبعد أن تعهد بايدن باتخاذ موقف أشد صرامة تجاه السعودية، بادر الأمير باتخاذ خطوات يرى دبلوماسيون أنها تظهر أنه شريك مهم للاستقرار الإقليمي.
ومن بين هذه التحركات اتفاق لإنهاء خلاف مرير مع قطر دفع السعودية وحلفاءها إلى مقاطعة الدوحة في 2017.
* استياء داخل العائلة
دخل الأمير محمد دائرة الضوء بعد أن اعتلى والده العرش في عام 2015، وسرعان ما بنى سمعة عالمية كمصلح جريء عازم على تنويع الاقتصاد الذي يعتمد على النفط في الأساس، وتحديث مملكة تتمسك بأساليبها القديمة.
وقالت مصادر على صلة بالعائلة الحاكمة إنه همش أعضاء بارزين في العائلة بعد عزل ابن عمه من منصب ولي العهد في انقلاب قصر عام 2017، وعزز قبضته على أجهزة الأمن والاستخبارات، مما أثار استياء بعض فروع العائلة.
وفي وقت لاحق من ذلك العام، اعتقل عددا من أفراد العائلة الحاكمة وغيرهم من الشخصيات السعودية البارزة، واحتجزهم لأشهر في فندق ريتز كارلتون بالرياض في حملة لمكافحة الفساد أحدثت موجات صدمة في الداخل والخارج.
وعلى صعيد الاقتصاد، أعلن ولي العهد عن تغييرات شاملة أطلق عليها “رؤية 2030” التي تهدف إلى تطوير صناعات جديدة بهدف خلق فرص عمل للسعوديين، والقضاء على الفساد وإجراء إصلاحات مالية.
وشملت أهم الإصلاحات الاجتماعية السماح بدور السينما وأماكن الترفيه العامة وإنهاء حظر قيادة النساء للسيارة.
وفي حين يحظى بالشعبية بين الشباب السعودي ولديه أنصار داخل العائلة الحاكمة، يشعر بعض أفراد العائلة بالاستياء من قبضة الأمير على السلطة وشككوا في قيادته بعد الهجمات غير المسبوقة على منشآت النفط السعودية في عام 2019، حسبما قالت خمسة مصادر على صلة بالعائلة ونخبة رجال الأعمال في أواخر 2019.
وفي مارس آذار 2020، احتجزت السلطات ولي العهد السابق محمد بن نايف والأمير أحمد شقيق الملك في خطوة قالت مصادر لها صلات بالعائلة الحاكمة إنها تهدف إلى ضمان خلافة سلسة.
* تغيير خاطف
انفتح ولي العهد على وسائل الإعلام على عكس حكام السعودية المتحفظين عادة. وقد نال تغطية واسعة خلال جولة قام بها في 2018 لإقناع بريطانيا والولايات المتحدة حليفي السعودية بأن إصلاحات “العلاج بالصدمة” جعلت المملكة مكانا أفضل للاستثمار.
وكان بيع أسهم في أرامكو حجر الزاوية في التحول الاقتصادي. واكتمل الإدراج في البورصة المحلية عام 2019 بعد عدة بدايات متعثرة، حيث وصلت قيمة الشركة لفترة وجيزة إلى مستوى تريليوني دولار الذي كان يطمح إليه ولي العهد، لكن إقبال المستثمرين لم يكف لطرح أجنبي.
وعلى صعيد السياسة الخارجية، اعتبر دبلوماسيون الأمير المحرك الرئيسي لحرب اليمن، التي دخلتها المملكة بعد أسابيع من توليه منصب وزير الدفاع في 2015، كما أنه صاحب قرار احتجاز رئيس الوزراء اللبناني آنذاك سعد الحريري لفترة وجيزة في المملكة عام 2017.
جاء الموقف الأكثر تشددا تجاه إيران في أعقاب ما اعتبره بعض المسؤولين السعوديين سنوات من تنامي النفوذ الإيراني في أنحاء الشرق الأوسط، ووسط مخاوف من أن واشنطن غضت الطرف في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما عما تراه الرياض توسعا خبيثا للنشاط الإيراني في الدول العربية.
وفي خطوة غيرت ميزان القوى في المنطقة، منحت الرياض موافقة ضمنية على إقامة الإمارات والبحرين علاقات مع إسرائيل في عام 2020. وبعد ذلك، التقى الأمير محمد سرا برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المملكة، لكن مسؤولين سعوديين نفوا ذلك.
أوضح الأمير أن السعودية لن تتهاون مع أي تدخل في شؤونها الداخلية. وأدانت المحاكم السعودية في مطلع 2021 ناشطا حقوقيا بارزا وطبيا سعوديا أمريكيا، لكنها علقت معظم أحكام السجن عليهما، في لفتة لاسترضاء إدارة بايدن المهتمة بملف حقوق الإنسان في المملكة.