كيف “ينجو” الأردن بالحدّ الأقل من المصالح في ظِل قطار “التطبيع الخليجي”؟..
عمّان في “استنفارٍ دبلوماسيّ” وتجمَع التقارير والمُعطيات: السيسي يُريد “مُهلة ” حتى “يُقنع إسرائيل” بتقديم “شيء للفِلسطينيين” بعد “المنحة الإماراتيّة” والرياض ليست “مُهتمّة جدًّا” الآن والبحرين بانتظار “توجيه سعودي” ومسقط لا ترى أنّها مُستعجلة جدًّا لتبادل سُفراء مع تل أبيب
لندن- خاص بـ”رأي اليوم”:
كيف ينجو الأردن بالحدّ المُمكن من مُصالحة بعد الإعلان عن اتفاقيّة السلام الجديدة بين أبو ظبي وتل أبيب؟
هذا هو السؤال الذي تنشغل به النخبة السياسيّة الأردنيّة بعد إعلان اتفاقيّة بين “حليف قوي ومتين” والعلاقات معه متقدّمة وبين “خصم لدود” في الحكومة الإسرائيليّة لا توجد معه أي نقاط تلاقي ويمثّل اليمين المُعادي للأردنيين حُكومةً وشعبًا، حيث يُوصف بنيامين نتنياهو في مُستويات القرار الأردنية بأنّه “خصم عنيد” وكاذب ويخدع الأردن.
وقبل الإعلان الأخير كانت مصادر مرجعيّة عُليا تتحدّث لرأي اليوم عن “مخاطر التطبيع العربي” المجّاني غير المنسّق حيث الاعتراض بكلمات شديدة على استبعاد عمّان عن المجال الحيوي للتّسارع في الاتصالات مع اليمين الإسرائيلي خُصوصًا في سلطنة عُمان ودولة الإمارات.
المعلومات الواردة لوزارة الخارجيٍة الأردنيّة واستنادًا إلى تقرير طازج اطّلعت “رأي اليوم” على مضمونه أشارت إلى رسالة حضرت من الكويت تُشير إلى أن دولة الكويت ستكون”آخر من يُطبّع” وأن السعوديّة لا تعتبر تدشين علاقات مع إسرائيل ضمن أولويّاتها في هذه المرحلة وستقف عند حُدود عدم الاعتراض على أيّ دول خليجيّة ترغب بمُسارعة التطبيع.
يبدو في سياق المعلومات الأردنية نفسها أن الكويت عبّرت عن قناعتها بأنّ أي خطوة مُستقبلاً لها في مجال التطبيع مع الإسرائيليين ستكون منسّقة مع الفلسطينيين والأردنيين لكن الجانب السعودي لا يُظهر أيّ اهتمام بأي تنسيق من أيّ نوع مع عمّان أو رام الله وفقًا لحصيلة التقارير الدبلوماسية التي جمعتها خلال ثلاثة أيّام الخارجية الأردنيّة.
في الجانب المتعلّق بسلطنة عُمان تؤشّر المُعطيات على أن مسقط أصلًا تُجري اتّصالات مع الإسرائيليين وقد لا تكون بصدد تسريع خطوات من شأنها أن تقود لسفارات وتبادل سُفراء في هذه المرحلة.
استشعرت السلطات الأردنية البوصلة المصريّة فحصلت على تأكيد بدعم مباشر للخطوة الإماراتيّة كما حصلت على رسالة ضمنية تشير إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يُريد أن تكون مصر “قريبة جدًّا” من الإسرائيليين والإماراتيين لمُراقبة المشهد بهدف الرفع من مستوى تقديم تنازلات إسرائيليّة وتحريك الموقف المُحرج الذي توجد فيه اليوم السلطة الفلسطينيّة.
يعني ذلك أن القاهرة تعمل على”تحسين” شروط التطبيع الخليجي الإسرائيلي شعبيًّا على الأقل عبر تقديم “مكافآت” للفلسطينيين، الأمر الذي يُبرّر عمليًّا الاتصالات الخاطفة التي تُجريها حاليًّا المُخابرات المصريّة مع أطراف في السلطة وحركتيّ فتح وحماس في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة.
وعليه لا يوجد مؤشرات على تشكّل تيّار عربي يُمكنه أن يؤخر تقدّم العلاقات الإماراتية- الإسرائيليّة ولو مرحليًّا من أجل غطاء من أي نوع عبر الجامعة العربية فيما تشير كافّة التقارير إلى أنّ البحرين ستكون المحطّة التالية التي أبلغت حماسها لتسجيل الهدف التطبيعي الثاني.
لكنّ المنامة تترقّب البَوصلة السعوديّة ولن تقطع خطوات سريعة إلا بضوء أخضر سعودي فيما تقف الرياض على محطّة الصّمت مرحليًّا.
طِوال خمسة أيّام اجتهدت السلطات الأردنيّة في استشعار مواقف أركان النظام الرسمي العربي ووجدت عمّان أنّ البيان السياسي الصادر عن وزير الخارجيّة أيمن صفدي هو المُناسب الآن لوصف الحالة الأردنية حيث تذكير للإسرائيليين والإماراتيين معًا بأنّ إسرائيل حصلت على مكافأة ضخمة وينبغي أن تُراقب أفعالها الآن بمعنى تقديم شيء لصالح عمليّة السلام، فيما مرحلة التقييم الأردنيّة لم تنته بعد.
أوساط سياسيّة متعدّدة تخشى لكن أن يؤثّر الاتفاق الأخير مع سلسلة إسناد التطبيع السعودية إلى “وقائع جديدة” في المنطقة يتقاسم فيها اليمين العربي مع الإسرائيلي تحت لافتة “إضعاف إيران” الكثير من الحيثيّات على حساب الأطراف الضعيفة وهي الأردن والسلطة الفلسطينية خُصوصًا وأنّ الرئيس السيسي طلب “مُهلة” للضّغط على الإسرائيليين وتمكينهم من الاستثمار في مسألة التطبيع للعودة إلى خِيار حل الدولتين على الأقل.