هل نجحت واشنطن بإقامة التحالف الثلاثيّ: الكيان ومصر والسعوديّة لمُحاربة إيران؟
مركز أبحاث الأمن القوميّ: إسرائيل حققت إنجازًا كبيرًا بصعود السيسي والذي تُوِّجَ بتقليص أهمية قضية فلسطين
الناصرة – “رأي اليوم” – من زهير أندراوس:
على الرغم من الحروب والأزمات والاضطرابات التي ميّزت منطقة الشرق الأوسط في العقود الأربعة الماضيّة، إلّا أنّ اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل بقي صامِدًا جدًا، ولم يتعرّض ولو مرّةٍ واحدةٍ لاهتزازٍ أوْ مُجرّد تهديدٍ بالتنازل عنه، إنْ كان من طرف تل أبيب أوْ القاهرة، فبالنسبة لإسرائيل كان أهّم إنجاز حققته من الاتفاق إخراج أكبر دولةٍ عربيّةٍ من محور المُمانعة والمُواجهة، لتنضمّ إليها لاحِقًا الأردن، وفي نفس العام القيادة الفلسطينيّة أيضًا، وحصلت إسرائيل على كلّ هذه النجاحات دون أنْ تدفع أيّ ثمنٍ، وغنيٌّ عن القول إنّ السعوديّة دخلت وبقوّةٍ على خطّ التطبيع، مدعومةً من واشنطن، التي لا تنفّك عن بذل الجهود لإقامة تحالفٍ يُحارِب إيران نيابةً عنها، كما صرّح أكثر من مرّة العديد من المسؤولين في إدارة الرئيس دونالد ترامب.
وفي هذا السياق، قال الباحث في مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ التابع لجامعة تل أبيب، أوفير فنتور، قال إنّ إسرائيل حققت إنجازًا كبيرًا بصعود السيسي، لافتًا إلى أنّ هذا الإنجاز تمثل في تقليص مكانة القضية الفلسطينيّة والحدّ من مكانتها في الجدل العربيّ العّام، مشيرًا إلى أنّ السيسي حرِص على التقليل من شأن الموضوع الفلسطينيّ بحجة الاهتمام بالشأن المصريّ الخّاص، على حدّ قوله.
وشدد فنتور على أنّ إسرائيل استفادت من الحرب التي شنّها السيسي على جماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس، علاوة على استفادتها من حرص القاهرة على تعميق التعاون الاقتصاديّ وتكريس التطبيع السياسيّ والثقافيّ، كما أكّد الباحِث الإسرائيليّ.
وكان السفير الإسرائيليّ في مصر قد أعرب في العام 2018 عن شكره لولي العهد السعوديّ، الأمير محمد بن سلمان والرئيس المصريّ، المُشير عبد الفتاح السيسي لمساهمتهما في دعم رؤية إسرائيل بالمنطقة، فيما اعتبره مراقبون وناشطون بأنّه “لعب على المكشوف”، وكشف جديد عن وصول قطار التطبيع السعودي مع الاحتلال إلى تنسيق وتناغم مع ضلع المثلث الثالث ألا وهو نظام السيسي.
بالإضافة إلى ذلك، دعا السفير الإسرائيليّ في القاهرة إلى توسيع المشاركة في هذه الرؤية لتضم دولاً أخرى وذلك من أجل دفع المصالح المشتركة ومواجهة ما وصفها بالدول المتطرفة والمنظمات الإرهابية التي تواجه بالطبع الاحتلال وتدعم الفلسطينيين والمقاومة المشروعة، مُشيرًا إلى أنّ تلك المواجهة الإقليمية المشتركة تحت عنوان إيقاف إيران لامتلاك أسلحة نووية، تهدف إلى التعاون المشترك الذي يربح منه الجميع، مدللاً على ذلك باتفاقية الغاز المشتركة مع مصر وخدمتها لمصالح الطرفين، بما يكشف عن أنّ التعاون السعودي الإسرائيلي تجاوز التنسيق السياسي إلى المجال الاقتصادي.
وكان الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، قد وجّه في كانون الثاني (يناير) الماضي رسالة تهنئة إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بافتتاح خط أنابيب الغاز الطبيعي، وبدء تدفق الغاز التجاري من إسرائيل إلى مصر، وقد وقع ريفلين اسمه على الرسالة باللغات الثلاث: العربية والعبرية والإنجليزية.
وقال ريفلين في الرسالة: تدفق الغاز يجلب معه فوائد لاقتصادينا، بعد أكثر من 40 عامًا من العلاقات السلمية. إن تعاوننا السياسي والأمني بالفعل أسس قوية تجلب الاستقرار والأمن لشعبينا، وأعتقد أنه يمكننا توسيع تعاوننا ليشمل مجالات مدنية إضافية.
وأضاف ريفلين: إنّ إسرائيل ترى بالعلاقة مع مصر رصيدًا استراتيجيًا. إنها عنصر حيوي للاستقرار الإقليمي، ومثال على ما هو ممكن في العلاقات المستقبلية عبر الشرق الأوسط. إن تعاوننا السياسي والأمني أساس قوي يجلب الاستقرار والأمن لشعبينا، وأعتقد أنه يمكننا توسيع تعاوننا إلى مجالات مدنية أيضا.
وتابع الرئيس الإسرائيليّ قائلاً إنّ اتفاق الغاز الطبيعي الذي نحتفل به اليوم هو مجرد مثال واحد على الطرق العديدة التي يمكننا من خلالها العمل بشكل أوثق، مما يعود بالنفع على الجميع. آمل أن يرى كل من القطاع الخاص ورجال الأعمال، الذين رحبت بهم في مقر إقامتي في القدس الأسبوع الماضي، فرصة لتطوير العديد من هذه المشاريع، على حدّ قوله.
وبموجب اتفاقيات تم إبرامها في العامين المنصرمين وجرى تحديثها في الربع الأخير من العام 2019، تصدّر إسرائيل 85 مليار متر مكعب من الغاز إلى مصر على مدى 15 عاما مقبلة.
في سياقٍ ذي صلةٍ، قال مُحلل الشؤون العربيّة في موقع (WALLA) الإخباريّ-العبريّ، آفي إيسخاروف، قال في تحليلٍ نشره على الموقع أنّ الرئيس المصريّ السيسي أثبت مجددًا أنّه الزعيم العربيّ الأشجع في المنطقة، فقد تجرأ وفعل ما يحاول الآخرون فعله طوال الوقت من تحت رادار وسائل الإعلام والاجتماع بقادة إسرائيليين، من بينهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الأمن السابق، أفيغدور ليبرمان.