الازمات تحاصر ابن سلمان وتضيق الخناق عليه

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2311
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

 تصور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أن كل شيء سيكون على ما يرام وستسلم له مقاليد البلاد طواعية لا كراهية، اذا اصبح الآمر الناهي في المملكة ونصب نفسه وليا لولي العهد، ومن ثم وليا للعهد، وكان يتصور أنه سيستطيع الضحك على الذقون بترويجه لسياسة الانفتاح، وانه سيخدع الرأي العام السعودي بسماحه للنساء بقيادة السيارات وامتلاك الجنسية ودخول الملاعب الرياضية وفتحه لصالات الغناء والرقص والمجون، مقابل حملة القمع الواسعة ضد الدعاة والمعارضين سواء من الأسرة الحاكمة أو من عموم الشعب؟
تصور ابن سلمان انه اذا روج لـ "رؤية 2030" ووضع الحجر الأساس لمشروع مدينة "نيوم" للطاقة، وخطا الخطوة الأولى في بيع شركة آرامكو، فان الجميع سيرفعون قبعاتهم له، لأنه وحسب اعتقاده انه نقل المملكة من حضيض التخلف والظلم والتمييز، الى التقدم والعدل والمساواة، ولكنه لم يكن يتصور أن الأزمات والمشاكل ستتقاذفه من كل حدب وصوب وتطيح به. لم يكن يتصور أن الرئيس الاميركي دونالد ترامب الذي وضع كل آماله عليه وراهن عليه ليحقق كل أهدافه ورغباته لم ينخدع به، وانما تظاهر بالانخداع من أجل أن ينهب كل ثروات الشعب السعودي ويبرم الصفقات العسكرية تلو الصفقات معه، ثم بعد ذلك يكشف عن حقيقته، وانه استغفله من أجل تمرير تلك الصفقات والحصول على تلك الأموال.
ربما لا يصدق أحد بأن السعودية، (التي تسميها أبواق النظام بالسعودية العظمى) تمر بأزمة نقص المواد الغذائية، ولكن لو تابعنا سرقات الأسرة الحاكمة والأموال التي تقدمها لهذا وذاك، ولهذه الدولة وتلك لوصلنا الى قناعة، أن ما تشهده المملكة أمر طبيعي للغاية، كما أن بيع أسهم شركة ارامكو دليل آخر على طبيعة الأزمة التي تمر بها السعودية، فلو لم يكن هناك عجز في الميزانية وأن العائدات لا تغطي النفقات، فهل ستلجأ الحكومة الى بيع أسهم ارامكو؟ لا شك ان السلطات لم تعلن أن الهدف من البيع انما لسد العجز بل وضعته في اطار جميل ومنمق وهو خصخصة الاقتصاد.
رغم ضآلة وحقارة أزمة نقص الأغذية وفي مقدمتها نقص البيض، التي تمر بها السعودية في الوقت الراهن الا انها تنبئ عن أزمة خانقة يعاني منها ابن سلمان في ادارة الحكم، ورغم أن المسؤولين في الحكومة السعودية نفوا وجود أزمة نقص الغذاء في البلاد، إلا أن لجوء السلطات الى رفع انتاج النفط وبيعه بأبخس الأثمان يعزز التقارير التي تؤكد أن السعودية تمر بأزمة مالية خانقة، الأمر الذي ينعكس على أضعف حلقة في هذه السلسلة وهي المواد الغذائية، فلو لم تكن البلاد تمر بأزمة مالية لاستوردت ما يسد الحاجة، ولم تظهر هذه القضية امام العيان ويلمسها الجميع، ويتحدث عنها الكثيرون بمن فيهم رئيس الوزراء القطري الأسبق حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني.
جريمة العدوان على اليمن تبتلع جزءا كبيرا من عائدات السعودية خاصة عائداتها النفطية، والأمر لا يقتصر على النفقات العسكرية وشراء الأسلحة والمعدات والذخائر ورواتب العسكريين وسائر نفقات العدوان؛ وانما يطال أيضا الأموال التي تنفقها الحكومة السعودية على من تسميهم بالشرعية، وكذلك الأموال التي تقدمها للدول المشاركة بشكل مباشر أو غير مباشر في هذا العدوان لتحصل على دعمها السياسي فيه، وكذلك الأموال التي تنفقها على أذرعها الاعلامية والسياسية بل وحتى الدينية في العالم لتكسب دعمها ليس للعدوان وحسب وانما لكل سياساتها.
الى جانب الأزمة المالية جاءت أزمة وباء كورونا، التي لا تمتص خزينة الدولة وحسب وانما تنهي جوانب من عائداتها، كعوائد العمرة، فالسلطات السعودية تحصل على عائد كبير من الأعداد المليونية للمسلمين الذين يزورون المملكة لأداء العمرة، بينما أغلقت كورونا باب العمرة، كما أعلنت سلطات الحج السعودية لجميع الدول بأن تتريث في خطواتها لأداء رعاياها لمناسك الحج، فاذا منعت الرياض الحج لهذا العام فانها ستحرم نفسها من عائد مالي كبير أيضا.
ما كان ظهور وزير الصحة السعودي أمام وسائل الاعلام اليوم واطلاقه التحذيرات حول تزايد عدد الاصابات، ليحدث لولا أن المملكة تمر بوضع حرج للغاية، خاصة وأنها انتقلت من حظر التجول الجزئي الى حظر التجول الشامل في الكثير من مناطق المملكة، وربما يستغل ابن سلمان تفشي الوباء كغطاء لتشديد سياسة القمع التي ينتهجها ضد معارضيه وخاصة في الأسرة الحاكمة، الا أن تبعات أزمة كورونا أكبر مما يتصورها، خاصة على الصعيد الاقتصادي، فستظهر التبعات السلبية لكورونا على الاقتصاد بعد ايام قليلة من انتهاء الجائحة، واذا كان عجز عن احتواء المشكلة في بدايتها فهل سيتمكن من احتواء تبعاتها الكارثية؟
والى جانب الأزمات المالية فستبقى أزمة المعارضين لتوليه ولاية العهد والعرش بعد وفاة والده في الاسرة الحاكمة؛ المرض المزمن الذي يؤرق ابن سلمان بشكل آني ومستمر ولا ينقطع حتى لو استطاع فرض سيطرته الكاملة على شؤون البلاد.

صالح القزويني