تعليق حرب النفط يؤجل الخلافات الخليجية الأمريكية.. لكن إلى متى؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1868
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

تسبب قرار "أوبك" والمنتجين من خارجها بخفض الإنتاج ووضع حد لحرب أسعار النفط، في تأجيل (وليس إنهاء) صراع قد ينفجر لاحقا ليتحول إلى حرب ثلاثية.
وبصورة أكثر مباشرة، عكس قرار خوض حرب أسعار النفط في تدهور كبير في العلاقات بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، ومن ورائها الإمارات العربية المتحدة.
وحذر ما يقرب من 50 مشرعا جمهوريا في الولايات المتحدة ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان"، عشية القمة الافتراضية لوزراء نفط "أوبك" هذا الأسبوع، بأن التعاون الاقتصادي والعسكري بين الولايات المتحدة والسعودية في خطر.
وطالب أعضاء الكونجرس المملكة بإنهاء حرب الأسعار مع روسيا التي تسببت في انهيار أسعار النفط تزامنا مع معاناة العالم من جائحة الفيروس التاجي "كوفيد-19" وتداعياته الإنسانية والاقتصادية المدمرة.
وانضمت الإمارات إلى السعودية في زيادة الإنتاج، في خطوة أثارها رفض روسيا في البداية تمديد تخفيضات الإنتاج المتفق عليها في وقت مبكر من هذا العام. لكن قرار زيادة الإنتاج من البلدان الثلاثة يبدو وكأنه قد تم تصميمه بشكل أساسي للضغط على منتجي النفط الصخري الأمريكي، الذين حولوا الولايات المتحدة إلى أكبر دولة منتجة للنفط في العالم.
ومن المفارقة أن السعودية وروسيا والإمارات، وهي الأطراف المتحاربة ظاهريا في هذه الأزمة، تشترك في الرغبة في القضاء على صناعة النفط الصخري الأمريكي، في وقت قد تواجه فيه حصتها في السوق تحديات في العقود المقبلة بسبب ازدهار النفط الصخري والطاقة المتجددة.
وقد ارتفعت المخاطر بالنسبة للأطراف المتحاربة الرئيسية، ولا سيما دول الخليج والولايات المتحدة، في ظل تراجع الطلب في خضم الانهيار الاقتصادي العالمي.
وبالنسبة للسعودية والإمارات، كانت المخاطر تتعلق بعلاقتهما بالولايات المتحدة، والأضرار الكبيرة التي لحقت بسمعتهما، في خطوة عرضت عشرات الملايين من الوظائف الأمريكية للخطر، في وقت انضم فيه 17 مليون شخص إلى العاطلين عن العمل في الولايات المتحدة في الأسابيع الأربعة الماضية.
ولا يعد النفط سوى قمة جبل الجليد في جهود الإمارات لإدارة الاختلاف في المصالح مع الولايات المتحدة دون تشويه صورة البلاد التي تم إعدادها بعناية باعتبارها واحدة من أقرب حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط.
وظهرت الاختلافات أولا بإيماءات إماراتية مصممة لضمان ألا تصبح الدولة هدفا في أي مواجهة عسكرية بين الولايات المتحدة وإيران.
وبدأت الإمارات التواصل مع إيران العام الماضي عندما أرسلت وفدا من خفر السواحل إلى طهران لمناقشة الأمن البحري في أعقاب الهجمات على ناقلات النفط قبالة سواحل الإمارات.
والتزمت إدارة "ترامب" الصمت عندما أفرجت الإمارات في أكتوبر/تشرين الماضي عن 700 مليون دولار أمريكي من الأصول الإيرانية المجمدة، في تعارض مع الجهود الأمريكية لخنق إيران اقتصاديا.
وفي حين ورد أن الولايات المتحدة عرقلت طلبا إيرانيا من صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 5 مليارات دولار أمريكي لمحاربة الفيروس التاجي، كانت الإمارات من بين الدول الأولى التي سهلت شحنات المساعدات للجمهورية الإسلامية.
وأدت الشحنات إلى مكالمة هاتفية نادرة في 15 مارس/آذار بين وزير خارجية الإمارات "عبدالله بن زايد" ونظيره الإيراني "محمد جواد ظريف".
لكن المسؤولين الإماراتيين شددوا على أنه لن يكون هناك تقدم حقيقي في العلاقات الإماراتية الإيرانية طالما دعمت إيران وكلاء مثل "حزب الله" في لبنان والميليشيات العراقية والمتمردين الحوثيين في اليمن.
وتتناقض استراتيجية الإمارات بشكل صارخ مع رفض السعودية الاستفادة من الوباء دبلوماسيا. وبدلا من ذلك، بدت السعودية وكأنها تعزز خطوط المعركة باتهام إيران بـ"المسؤولية المباشرة" عن انتشار الفيروس.
علاوة على ذلك، منعت المملكة حركة عدم الانحياز من إدانة الخط المتشدد لإدارة "ترامب" تجاه إيران في ظل الأزمة الإنسانية التي تمر بها بسبب وباء كورونا.
وفي مؤشر آخر على تباين المصالح، تحاول الإمارات، وفقا لموقع "ميدل إيست آي"، تخريب دعم الولايات المتحدة للتدخل العسكري التركي في شمال سوريا، فضلا عن وقف إطلاق النار التركي الروسي في المنطقة.
بعبارة أخرى، كانت الإمارات على خلاف مع روسيا، ليس فقط فيما يتعلق بالنفط، ولكن أيضا أيضا فيما يتعلق بالوضع في شمال سوريا، مما قد يعرض تحالف موسكو مع تركيا للخطر.
وأفادت "ميدل إيست آي" أن ولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد" وعد رئيس النظام السوري "بشار الأسد" بمبلغ 3 مليارات دولار، دفع منها 250 مليون دولار مقدما، في مقابل تخريب وقف إطلاق النار في إدلب، أحد آخر معاقل المعارضة في سوريا.
وكان "بن زايد" يأمل بهذا إشغال تركيا بالقتال في سوريا، الأمر الذي يعقد الدعم العسكري التركي للحكومة الليبية المعترف بها دوليا في طرابلس، حيث تساعد الإمارات قوات الجنرال الليبي "خليفة حفتر".
وأعلن "بن زايد" في 28 مارس/آذار، في تغريدة على "تويتر"، دعم سوريا في الحرب ضد الفيروس التاجي، لكن "ميدل إيست آي" تقول إن المساعدات الإنسانية تخفي السبب الحقيقي للجهد الإماراتي.
ومن غير المحتمل أن تقنع تفسيرات "بن زايد" صناع السياسة في واشنطن.
ومع ذلك، من المرجح أن تتصدى الولايات المتحدة والسعودية والإمارات للتصدعات في علاقاتها على المدى القصير، الأمر الذي تسهله أزمة وبائية واقتصادية لا تترك أحدا. وبالرغم من ذلك قد تكون مسألة وقت حتى تظهر هذه التصدعات مرة أخرى.

المصدر | جيمس دورسي - أوراسيا ريفيو - ترجمة وتحرير الخليج الجديد