كيف يغير كورونا سوق العمل في الخليج؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 3602
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

 إذا كان الانخفاض الكبير في أسعار النفط عام 2014، وتأثيراته على العائدات المالية لدول الخليج، يمثل أي دليل على ما يحدث في سوق النفط حاليا، فإن ناقوس الخطر يدق الآن في أسواق العمل الخليجية.
وعندما انخفضت عائدات النفط بشكل حاد أواخر 2014، كانت الأساسيات الهيكلية مشابهة لما رآه أعضاء "أوبك+" في أوائل مارس/آذار 2020.
وكانت "أوبك" والمنتجون من خارجها يتابعون انخفاض الطلب في الصين واستمرار العرض من المنتجين الأمريكيين. وردت "أوبك"، مع شركائها الجدد مثل روسيا والمكسيك، فيما يعرف بـ"أوبك+"، بتخفيضات في الإنتاج عام 2016 أبقت الأسعار ثابتة في حدود 50 إلى 70 دولارا للبرميل، حتى انهار الاتفاق في 5 مارس/آذار.
ومنذ ذلك الحين، هبطت أسعار النفط هبوطا حرا، لتصل إلى أقل من 20 دولارا للبرميل؛ حيث التزمت السعودية بتوسيع الإنتاج وإغراق الأسواق بالنفط.
وباستثناء بعض التعاون غير المحتمل، الذي قد يتطلب من الشركات الخاصة في جميع أنحاء الولايات المتحدة وأوروبا الموافقة على وضع الثقة في منتجي النفط الروس والحكومة السعودية، فإن منتجي النفط يستعدون لأزمة كبيرة.
لكن ما يختلف اختلافا كبيرا عن تقلب الأسعار قبل 5 أعوام، وما لم يتوقعه السعوديون والروس بالتأكيد، هو انهيار الطلب الناتج عن جائحة "كورونا"، التي أحدثت دمارا لأكبر الاقتصادات في العالم.
وفي المرة الماضية، دوت صفارات الإنذار في أسواق العمل الخليجية؛ لأن التراجع في سوق النفط حفز سلسلة من التحولات في السياسة لـ"تأميم" الوظائف في قطاعات معينة، ومنح تأشيرات أكثر مرونة، وفرض ضرائب ورسوم جديدة على العمالة الأجنبية، وعمليات ترحيل واسعة النطاق للعمال ذوي الأجور المنخفضة في قطاع البناء.
وهدفت سياسات التأميم الجديدة عبر مجلس التعاون الخليجي إلى تشجيع وحماية وظائف معينة للمواطنين.
ومنعت عُمان الأجانب من العمل في أكثر من 80 فئة وظيفية. واحتفظت السعودية بالعمالة للمواطنين في عدد من قطاعات البيع بالتجزئة والضيافة من متاجر الهواتف المحمولة إلى متاجر النظارات.
وكان الانخفاض في التعاقدات الحكومية، وهو الوضع الطبيعي الدوري لاقتصادات مجلس التعاون الخليجي عندما تنخفض عائدات النفط، حادا بشكل خاص بين عامي 2015 و2018.
وشعر العمال الأجانب بالألم؛ لأن عمال البناء ذوي الأجور المنخفضة وجدوا أنفسهم عالقين وعاطلين عن العمل.
وتم تسريح ما يصل إلى 700 ألف عامل أجنبي منخفض الأجر من المملكة، وعادوا إلى ديارهم في المجتمعات الفقيرة في الشرق الأوسط وجنوب آسيا غير قادرين على إعالة أسرهم.
وبالنسبة للاقتصادات الخليجية التي لديها عدد غير متناسب من الأجانب مقارنة بالمواطنين، قامت الحكومات بسن الضرائب والرسوم التي من شأنها تحويل الأجانب إلى مصادر جديدة للدخل، بما في ذلك فرض رسوم الطرق ورسوم تجديد التأشيرات والضرائب غير المباشرة على الكحول والتبغ والمشروبات الغازية.
وإجمالا، حفز الانكماش بعض إجراءات التنويع التي تأخر إنجاز الكثير منها، مثل تشجيع الحكومات على التراجع عن بعض أوجه الإنفاق الاجتماعي السخي، وإنهاء تطبيع الدعم الحكومي للكهرباء والمياه، وكذلك الحد من الوظائف المضمونة في القطاع العام للمواطنين.
وفي الأعوام الـ5 منذ عام 2015، تم النظر للعمال الأجانب في جميع أنحاء الخليج من قبل حكومات دول مجلس التعاون الخليجي كمستهلكين ومصادر للإيرادات الحكومية عبر الضرائب والرسوم.
ورأت الحكومات أيضا في بعض الأعمال التي لا تتطلب عمالة ماهرة نقطة دخول مفيدة للمواطنين في القوى العاملة، خاصة في قطاعي التجزئة والخدمات في السعودية.
وحصل الوافدون الذين يتمتعون بإمكانيات استثمارية كمشترين عقاريين أو خبراء ذوي مهارات عالية على بعض فرص الإقامة المتميزة.
لكن الآن سيكون الألم أوسع عبر أسواق العمل. وهناك عدة أسباب لذلك. أولا، تسعى الحكومات في جميع أنحاء العالم إلى اتخاذ تدابير سياسية لتخفيف العبء على العمال، مع ارتفاع معدلات البطالة في قطاع الخدمات ووظائف البيع بالتجزئة.
وليس لدى حكومات مجلس التعاون الخليجي حافز كبير لمنح الدعم النقدي للعمال المتضررين؛ لأن معظمهم من الأجانب.
وغالبا يعود الأجانب العاطلين عن العمل إلى ديارهم في غضون 30 يوما من إنهاء عملهم. علاوة على ذلك، قد تتغير المتطلبات القانونية التي تفرضها الشركات والمنظمات تجاه العمال الأجانب؛ مما يسهل في بعض الحالات على الشركات تسريح العمال.
وأصدرت الإمارات لائحة جديدة في 26 مارس/آذار تسمح لأصحاب العمل باعتبار العمال زائدين عن الحاجة، لكن عليهم الاستمرار في توفير السكن لهم إذا كان مشمولا في التعاقد، والسماح للموظف بنقل تأشيرته إلى صاحب عمل جديد إذا تم العثور على وظيفة جديدة.
كما يُسمح لصاحب العمل بتخفيض الرواتب مؤقتا أو إجبار الموظفين على أخذ إجازة سنوية مدفوعة الأجر أو غير مدفوعة الأجر.
وأعلنت السعودية عن دعم جزئي للراتب بالنسبة للمواطنين العاملين في القطاع الخاص الذين أصبحوا فائضين عن الحاجة، لكن لم يتم دعم المقيمين الأجانب.
ثانيا، تستجيب حكومات مجلس التعاون الخليجي عبر حزم التحفيز التي توفر السيولة للقطاع المصرفي بشكل أساسي وتوفر بعض الدعم الأدنى للشركات الصغيرة والمتوسطة.
ومع تصاعد حالات الإصابة بـ"كورونا" في جميع أنحاء المنطقة، وامتداد العبء إلى أنظمة الرعاية الصحية، ستحتاج الحكومات إلى اتخاذ قرارات صعبة بشأن تقديم الرعاية لجميع المواطنين والمقيمين كما تعهد الملك "سلمان بن عبد العزيز".
لكن العديد من المستشفيات الخاصة في المملكة تعتمد على الحكومة في المدفوعات عبر المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية أو وزارة الصحة أو الحرس الوطني.
وقد تشهد تأخرا في السداد؛ حيث تقدم الحكومة المزايا للسكان وتناضل مع عدد من الأعباء المالية. لكن من غير المرجح أن توقف هذه الحزم الخسائر لدى أكبر أرباب العمل في المنطقة، وهي في الغالب كيانات مملوكة للدولة أو تابعة للدولة، من شركات الطيران إلى الخدمات اللوجستية وشركات المقاولات الكبرى.
وستحتاج هذه الشركات إلى إعادة الرسملة الرئيسية فقط من أجل البقاء، ولن تستمر مع نفس العدد من الموظفين.
ثالثا، سيرغب الناس في العودة إلى منازلهم. وسيكون الأثر الاجتماعي للوباء على العمالة الوافدة مدمرا. لقد خلق الذعر الذي أعاد المواطنين الذين تقطعت بهم السبل إلى وطنهم بسبب إغلاق الحدود وإلغاء الرحلات الجوية خلال الأسابيع القليلة الماضية واقعا جديدا للعمل العالمي.
ومن عمال التجزئة إلى كبار المسؤولين التنفيذيين، يجد العديد من العمال الأجانب أنه من المزعج أن يتم عزل الشخص في بلد أجنبي، دون دعم الأسرة أو الإلمام بمعايير الرعاية الصحية.
ويجب أن نتوقع أن تؤدي نهاية الفصل الدراسي وبداية شهر رمضان إلى أن يغادر العديد من المغتربين الخليج.
وستشهد اقتصادات مجلس التعاون الخليجي تغيرات كبيرة مع هذا المزيج من "كورونا" وأزمات النفط، وكذلك الركود العالمي.
ومع ذلك، فقد تشهد مجتمعات مجلس التعاون الخليجي التغير الأكبر من حيث تكوينها الديمغرافي واعتمادها على العمالة الأجنبية.
قد تكون هذه لحظة لإعادة معايرة الاعتماد على العمال الأجانب. ويمكن أيضا أن تكون لحظة تتراجع فيها مستويات المعيشة بشكل كبير؛ حيث تضعف قاعدة المستهلكين بسبب خروج المغتربين.

المصدر | كارين يونج/المونيتور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد