ماذا يعني ظُهور الملك سلمان نافِياً شائعة وفاته مع أنباء اعتقال شقيقه “الخائن” الأمير أحمد؟ و

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2580
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

كيف أوحى أُمراء من العائلة وجود “انقلاب” ضِد الأمير بن سلمان؟.. ماذا خلف إعلان وزارة الدفاع السعوديّة التّجنيد للرجال والنساء وكيف انشغل به السعوديّون مُنذ صباح الأحد؟ وما هي شُروطه وعلاقته بالبطالة؟
عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:
 يَرقُب الجميع دوائر القرار الرسميّة في العربيّة السعوديّة، ووكالة أنبائها ووسائل إعلامها المحليّة، علّها تورد حديثاً عن ليلة القبض على الأمراء، لكنّها حتى كتابة هذه السطور اختارت الصّمت ولعلّه صمتٌ بأوامر عُليا، بينما العالم ينشغل باعتقال الأمراء وأبرزهم الأمير أحمد بن عبد العزيز شقيق الملك، ووليّ العهد السابق الأمير محمد بن نايف، فأنباء القبض لا تزال تقارير صحافيّة غربيّة، دون تأكيدٍ أو نفيٍ رسميّ من السلطات هُناك، لا بل حتى أنّ التّهمة وفق تلك التقارير هي الخيانة، والتي تقول وكالة “رويترز” إنّها خيانة الانقلاب تحديداً على الأمير محمد بن سلمان.
المشهد القادم من المملكة، يُوحي بأنّ ولي العهد السعوديّ، قد أطبق سيطرته بالفعل على جميع أركان الدولة، وأخيراً بالقبض على عمّه الرافض لسياساته الأمير أحمد بن عبد العزيز، وولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف، وينضم أخيراً إلى الرجلين البارزين، الأمير نايف بن أحمد بن عبد العزيز الذي يرأس هيئة استخبارات وأمن القوّات البريّة، وهو بحسب الموقع البريطاني “ميدل إيست آي” أرفع ضابط بالقوّات المسلحة السعوديّة، جرى اعتقاله بحسب الموقع، إلى جانب عشرين أميراً جرى اعتقالهم، تردّد أن يكون بينهم الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف وزير الداخليّة الحالي.
في أوساط العائلة الحاكمة، أو ما تبقّى من أمراء خارج القضبان، لم يصدر عن الأمراء تعليقات واضحة حول الاعتقالات، لكن تغريدات شملت الدعاء والمُبايعة صدرت عن ثلاثة منهم من بينهم الأمير عبد الله بن سلطان آل سعود، الذي علّق على “حسابه” في “تويتر” مُرفقٍ صورتيّ الملك سلمان، ونجله محمد بن سلمان قائلاً: “من سالمهم سالمناه، ومن عاداهم عاديناه، هذا أمر بايعنا عليه، وعاهدنا الله به”، وهي تغريدة لافتة، يُقرأ من خلف سُطورها، أن ثمّة من أعلن العداء و”خان” الملك أو ولي عهده، في سياق حديث الأمير عبد الله عن المُبايعة، ومُسالمة ومُعاداة من بايعهم وعاداهم.
تفسيرات الاعتقال، انحصرت في تراجع صحّة العاهل السعودي الملك سلمان، أو وفاته، أو تحضير انقلاب، دفعت بالأمير محمد بن سلمان إلى اعتقال الأمراء البارزين، ولعلّ تحليلات وفاة الملك سلمان، قد نسفها ظُهوره الأخير خلال استقباله سفيرين سعوديين مُعيّنين لدى أوكرانيا، والأوروغواي وثّقته قناة “الإخباريّة”، ظهر مُصافحاً أحدهما، سبقه آخر ظُهور علني له وثّقته وكالة الأنباء السعوديّة “واس” في الخامس من الشهر الجاري، خلال استقباله وزير خارجيّة بريطانيا، وظُهور الملك بصحّةٍ جيّدة، يُرجّح ربّما فرضيّة “الخِيانة” والتّحضير لانقلاب مُفتَرض، رفضاً لوصول الأمير محمد بن سلمان لعرش المملكة، وهو ما دفع الأخير لاستباقه بالاعتقال، لكن هُناك تساؤل آخر تفرضه صحّة الملك الجيّدة، وهو هل كان الانقلاب يستهدف العاهل السعودي نفسه، خاصّةً أن التحليلات افترضت وفاته، لوقوع الانقلاب، وبكُل الأحوال يبقى تعريف الخيانة فضفاضاً، في ظل عدم وجود تأكيدات رسميّة تُفيد بوجود الاعتقالات من أساسها، للخوض في التّهم المُوجّهة للأمراء المُعتقلين، وحقيقة أسبابها.
وفي تزامنٍ لافت مع أنباء الاعتقالات، انشغل السعوديون صباح الأحد، بإعلان وزارة الدفاع السعوديّة، افتتاحها أبواب التسجيل في أذرع الجيش بالوزارة، وبكافّة الرتب العسكريّة، للرجال والنساء تبدأ من جندي إلى رتبة رقيب، ولمن تتراوح أعمارهم من 17- 40، ولم تُحدّد الدفاع، موعد التسجيل النهائي، وقرنته باكتمال العدد المطلوب للتجنيد، في القوّات البحريّة، والجويّة، والبريّة، والخدمات الطبيّة، ووحدة الصواريخ الاستراتيجيّة، والدفاع الجوّي، وهو العدد الذي لم تُحدّده الوزارة أيضاً، ويفتح باب التساؤلات حوله إذا كانت تُريده كبيراً، على الأقل حتى يتبيّن اكتماله للمُتقدّمين من عدمه، والذين عبّروا عن استيائهم من تعطّل الرابط الخاص بالتسجيل فور الدخول إليه مع الإقبال الكبير والرغبة بالالتحاق.
وحدّدت “الدفاع” السعوديّة، عدداً من الشروط للتجنيد، وهي ألا يكون مفصولاً من الخدمة، ولا يقل طوله عن 160، ولا يقل عمره عن 17 عاماً، ولا يزيد عن أربعين عاماً، وألا يكون متزوج من غير سعوديّة، وحسن السير والسلوك، أمّا بالنسبة للنساء التي يعد فتح باب تجنيدها بكافّة فروع الجيش البريّة، البحريّة، والجويّة، غير مسبوقاً مع دخول عصر الانفتاح، مع شرطيّ ألا يقل طولها عن 155، وأن لا تكون متزوجة من غير سعودي.
وسيطر إعلان “الدفاع” السعوديّة، على الأجواء التواصليّة، وتصدّر الرابط الإلكتروني الخاص بتقديم طلبات التجنيد المنصّات والوسوم، وأخذ حيّزاً واسعاً من اهتمام السعوديين، والذي بدا أنه طغى على جدل الاعتقالات لأمراء بارزين، ويُوحي ربّما أنّ السلطات السعوديّة لا تنتوي الإعلان رسميّاً، وترغب بالانشغال الشعبي عن الأمر، ربّما لحساسيّة مكانة الشخصيّات، وانتمائهم للعائلة الحاكمة، وتحديداً الأرفع بينهم الأمير أحمد بن عبد العزيز، آخر أبناء الملك المُؤسّس، فيما يتبنّى الأمير محمد بن سلمان روح جّده المُؤسّس، وتعود صوره إلى الواجهات، مع التركيز الإعلامي المحلّي، على مقدار التّشابه الخُلقي بينه وبين جدّه الراحل.
ومع اعتقال عدد كبير من ضباط الجيش السعودي، وانشغال الآخرين في الحرب على الحد الجنوبي مع الحوثيين، وسُقوط القتلى بينهم، قد يبدو من المنطقي في أوساط المراقبين، التساؤل حول الأعداد التي ترغب بها الدفاع السعوديّة هذه المرّة، وإذا ما كان الأمير محمد بن سلمان يرغب في تأسيس جيش جديد من كافّة الرتب العسكريّة تبدأ أعماره كما ورد في إعلان التسجيل من 17 عاماً، وهؤلاء تحديداً لا يزالوا في عُمر الزهور، واستفافوا على عهد الانفتاح والتغيير، والمرحلة التي يقودها الأمير الشاب، إضافةً إلى رغبة الأخير بضمان الولاء حين صُعوده على العرش، ولعلّه غير راضٍ عن أداء الجيش الحالي، وإعلانه في أكثر من ظُهور اهتمامه بتطوير تسليحه، وتخصيص ميزانيّات لها، فهل يكون الشباب الجُدد هُم عماد الخطّة الجديدة، إضافةً إلى العنصر النسائي الذي ستُفتح له كافّة صنوف الانتساب للجيش ورتبه العسكريّة في حضورٍ غير مسبوق لهن، شأنه شأن الجيش الأمريكي، تساؤلٌ مطروح.
الاعتقالات لم تقتصر على التّهديد السياسي المُتمثّل باعتقال الأمراء البارزين، بل امتد كما أشارت التقارير الصحفيّة الغربيّة إلى اعتقال أرفع ضابط سعودي وهو الأمير نايف بن أحمد، الذي كان يرأس هيئة استخبارات وأمن القوّات البريّة، وهو ما قد يُعزّز فرضيّة الحاجة إلى ضخ أرواح شبابيّة جديدة في الجيش، وتحديداً البريّة التي كان يرأسها الأمير نايف بن أحمد قبل اعتقاله، ولا يرتبط ولاءها بقادة الماضي المُعتقلين العسكريين، واحتمال تشكيلهم تهديداً، وتواصلهم مع القيادة السياسيّة التي تُشكّل خطراً على عرش الأمير بن سلمان، وعلى رأسهم الأمير المُعتقل أحمد بن عبد العزيز، مع التسليم بعادة فتح الجيش السعودي باب التجنيد كان آخرها (المرحلة الرابعة) العام 2019، لكن تكمن أهميّة فتح باب التسجيل الحالي (المرحلة السادسة)، بتوقيته، والظروف الداخليّة والخارجيّة التي تمر بها البلاد، وكم الأعداد التي ترغب الدفاع بتجنيدها هذه المرّة.
وبالرغم من انخفاض نسبة البطالة في المملكة بنسبة 12 بالمئة في الربع الثاني من العام 2019 بفعل عوامل خطّة التّوطين والسّعودة، تبدو فُرص الالتحاق بالجيش السعودي للجميع، ودون شرط المُؤهّل الجامعي، على اختلاف صنوف عمله، فرصةً كبيرةً وبديلةً للسعوديين عن سوق العمل المدني الخاص، حيث تُواجه الأسواق ركوداً اقتصاديّاً على جميع الأصعدة، وهو ما عبّر عنه العديد من التجّار المحليين، وأصحاب الأعمال الصغيرة، والمُتوسّطة، مع تطبيق رؤية 2030، وهُروب رؤوس الأموال من السوق السعودي، ويبدو ذلك جليّاً من حالة الإقبال على الالتحاق، كما وتساؤلات البعض عن الوظائف الإداريّة والفنيّة، بحثاً عن الراتب الشهري الثابت، وتجنّباً للوقوف على جبهة الحد الجنوبي مع الحوثيين، فيما جرى توجيه انتقادات لموقع وزارة الدفاع، مع عدم قُدرته على استيعاب الطلبات، وسخر أحد المُعلّقين السعوديين بالقول إنها وزارة الدفاع الصوماليّة.